top of page

(708) 6/4/2017 السلفيّون «التراثيّون» هم الفائزون

فبراير 3

5 min read

0

0

0

تعلمت دينيا على أيدي أئمة السلف، وعشت نصف حياتي بين أئمة الخلف، السلفيين والأزهريين، وكنت من الدعاة المعروفين وسط طلبة الكليات والمعاهد العليا، ولم يحدث أني فكرت، ولا رأيت حولي من فكر، في غير وجوب تطبيق «الشريعة الإسلامية».

إن عالم الدين، أو المفكر الإسلامي، التابع لفرقة من الفرق الإسلامية، لا يرى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية إلا من خلال الفرقة التي ينتمي إليها، فهي وحدها «الفرقة الناجية»، وباقي الفرق في النار.

أولا: إن هذه المنظومة «الفكرية السلفية»، التي يعيش المسلمون بداخلها مع أمهات كتب السلف، وما تحمله من مرويات وأحكام فقهية، سواء بالتقديس، أو النقد، أو النقض، هي التي خرجت منها جماعات «الإسلام السياسي».

ويطلق مصطلح «الإسلام السياسي» على كل توجه فكري يرى أن «الدين الإسلامي» ليس شعائر ومؤسسات دينية فقط، وإنما «شريعة» يجب أن تحكم جميع مؤسسات الدولة، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق الوصول إلى الحكم.

إذن فأمامنا:

١- مسلمون يعيشون حياتهم بصورة طبيعية، الدنيا أكبر همهم، لا علاقة لهم بالنظام الحاكم، ولا يتدخلون في شؤونه، مرجعيتهم الدينية علماء الفرقة التي ينتمون إليها، و«الأحاديث» المنسوبة إلى الرسول مصدرهم الثاني للتشريع.

٢- مسلمون يعيشون بصورة طبيعية في دول العالم، يتبعون جماعات «سلمية» تابعة للفرق الإسلامية المختلفة، تتخذ «الأحاديث» المنسوبة إلى الرسول مصدرًا تشريعيًا ثانيًا، ويشترط للانضمام إلى هذه الجماعات «بيعة» الخليفة، «أو الأمير»، ولا علاقة لها بالأنظمة الحاكمة، ولا تتدخل في شؤون الدول.

٣- مسلمون تابعون لجماعات «الإسلام السياسي»، منفصلون عن مجتمعاتهم، متّصلون بجماعاتهم، يتبعون الفرق الإسلامية، ويتخذون «الأحاديث» مصدرًا ثانيًا للتشريع، ومنهم من يعمل في مؤسسات الدولة بمبدأ «التقية»، ومنهم من يعمل في مؤسسات زراعية وصناعية وتجارية تابعة للجماعة.

ثانيا: لقد ذكرت في مسيرتي الفكرية، المنشورة على الصفحة وعلى موقعي، أني كفرت بهذه المنظومة الفكرية السلفية، وأقمت مشروعي الفكري على قواعد علمية، محورها الأساس «التفعيل»، أي تحويل «الأقوال» إلى «أفعال».

لقد كان اهتمامي، في بداية الدعوة إلى مشروعي الفكري، أن أربط المسلمين بالمنهجية العلمية لتدبر القرآن، وفي نفس الوقت أهدم لهم «المصدر الثاني للتشريع»، دون أن أطلب منهم «إحداث أي تغيير في حياتهم».

لقد وجدت أن اهتمام الحضور ورغباتهم تتجه نحو المزيد من هدم «الأحاديث»، ويفرحون جدًا كلما جئت لهم بأحاديث جديدة، ويذهبون إلى أقاربهم ومعارفهم يحدثونهم عن هذه الاكتشافات الخطيرة، فكان لابد من الوقوف على أسباب التطرف نحو «الأحاديث».

ثالثا: لقد تبيّن لي من خلال دراسة آيات الذكر الحكيم، أن الذي لا يؤمن أن القرآن هو «الآية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، ولا يدخل «الإسلام» من هذا الباب، فلن يدخله ولو شهد علماء الفرق والمذاهب المختلفة مجتمعون، أن «الأحاديث» من وحي الشيطان.

لقد تبيّن لي إن المشكلة ليست في أن يعلم الناس ما يحمله المصدر الثاني للتشريع من أباطيل، وإنما في «الجهل» بأولويات «العمل الإسلامي»، وأننا يجب أن نُعلّم المسلمين كيف يعيدون بناء إسلامهم من جديد، على أساس «الآية القرآنية»، بعد الإقرار بصدقها.

فما جدوى أن تشغل نفسك وتشغل الناس معك بالحديث عن «أحكام» الشريعة القرآنية، وأزمة المسلمين في «الملة» وليست في «الشريعة»!!

لقد تبين لي، أن الله ترك مدونات المصدر الثاني للتشريع فتنة للمسلمين، فاستغلها الشيطان، وجعلهم ينشغلون بها، ويُقتَلون ويدخلون السجون في سبيلها، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

ففي سياق بيان مهمة الرسل، وموقف الناس من دعوتهم، ما بين مؤمن ومكذب، قال تعالى:«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»

إن الرسل والأنبياء يتمنون أن تصل رسالة الله إلى الناس كاملة تامة دون تبديل أو تحريف، ليعلم الناس أنها الحق المنزل من عند الله، فإذا بالشيطان يسعى إلى عدم تحقيق هذه الأمنية، بأن يجعل أتباع الرسل يُحرّفون ويُبدّلون الرسالات، فتظهر الشبهات، فيكذب الناس الرسالات.

إن قوله تعالى: «ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ»، يُبيّن أن ما ألقاه الشيطان في أمنية الأنبياء، كان مخالفا للآيات، كمرويات الرواة التي نسبوها للرسل، ليترك الناس الآيات، ويتبعون المرويات، فترك الله أتباع الرسل ينسخون في الصحف ما ألقاه الشيطان، من باب «الفتنة»، وقد بيّن الله ذلك بقوله تعالى:

«لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ»

إن قوله تعالى: «لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً»، دليل على أن ما ألقاه الشيطان كان موجودًا «فتنة» للناس، وأن معنى «النسخ» في هذا السياق هو «الإثبات» وليس المحو.

ومن منطلق هذه الآيات، نجد أنفسنا بالنسبة للرسالة الخاتمة أمام:

١- «أحاديث» باطلة منسوبة إلى رسول الله محمد، مُدوّنة في أمهات كتب أئمة السلف.

٢- «آيات الكتاب»، التي حملت «الآية القرآنية»، ووصف الله الذين آمنوا بها بقوله:

«وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ»

إن «الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ»، لا يعلمون مصدرًا تشريعيًا إلهيًا غير القرآن «أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ»، ولا تتعلق قلوبهم إلا به «فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ».

أما الذين في قلوبهم مرض، فهؤلاء يدخلون دائرة الفتنة بأنفسهم:

«لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ»

إذن، فما علاقتك أيها «المؤمن المسلم» بـ «أحاديث» الرواة، وبالمصدر الثاني للتشريع المفترى، حتى تشغل نفسك بهدمه على الورق، أو بالكلام؟!

فأي «باطل» هذا الذي تريدون كشفه للناس، وأنتم والناس تعيشون داخل منظومة الباطل نفسها، في الفرقة التي تنتمون إليها، مع اختلاف المقاعد والأدوار، وقد أعطيتم ظهوركم لكتاب الله، الذي أمركم الله أن تُخرجوا الناس به من الظلمات إلى النور؟!

ألا تشاهدون هذا «التهريج الفكري» المنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي باسم «الفهم القرآني»، حيث أصبحت كلمات القرآن وأحكامه مستباحة لكل «جاهل» يلهو بها كيف يشاء؟!

لماذا لا تقفون لهؤلاء بالمرصاد، وتكشفون جهلهم للناس، من باب النهي عن المنكر، وهل هناك منكر أكبر من أن يدّعون أنهم يفهمون القرآن بالقرآن، في الوقت الذي تكون فيه «مسميات» كلمات القرآن خارج القرآن، وليست بداخله؟!

لقد مكثت عشر سنوات، لا أحدث المسلمين في خطبة صلاة «الجمعة» إلا عن القرآن، ثم وجدت أنه طالما أني أحدثهم عن تفسير القرآن، وما يحمله من بديع البيان، فهم سعداء بما أقول، بل ويزيد عددهم يوما بعد يوم، فإذا طلبت منهم تفعيل ما تعلمناه من القرآن في حياتنا، وَلّوْا الأدبار!!

واللافت للنظر أيضا، أنني عندما كنت سلفيًا، كنت ألتقي يوميًا بالكثير من الأصدقاء، وأعقد الكثير من الندوات في الجامعات، والمساجد..، وبعد أن عرفت «الإسلام» الحق، وطلبت من المسلمين تفعيل القرآن في حياتهم، من خلال مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، وَلّوْا الأدبار!!

فهل يُعقل أن يدخلنا الله الجنة بـ «الأقوال» المدونة في الكتب، والمقالات، والمنشورات، والفيديوهات، السلفية والعصرية والمستنيرة، بدعوى أننا كنا مستضعفين في الأرض؟!

فماذا لو أن الله تعالى قال لنا:

وهل «أقوالكم» كانت أفضل من «أقوالي» التي حملها «كتابي»، الذي أمرتكم أن تخرجوا به الناس من الظلمات إلى النور، فلم تفعلوا؟!

فماذا ستكون الإجابة؟!

هذا ما دفعني إلى الإعلان عن مبادرة «نحو إسلام الرسول»، وكنت أعلم مسبقًا مدى جدية تعامل المؤمنين المسلمين معها، فمنظومة «الترف الفكري»، التي تشربتها قلوب المسلمين، جعلتهم يعيشون حالة من «اللامبالاة»، جعلت فتنة الدنيا حاكمة على إيمانهم بما يجب أن يكون، وتسليمهم لأحكام الشريعة القرآنية.

إن مبادرة «نحو إسلام الرسول» ثمرة خبرة طويلة في التعامل مع التوجهات الدينية المختلفة، وانظروا حولكم، فماذا قدم نجوم الفكر القرآني، والعصري، والمستنير، على الأرض، غير «الأقوال».

أتمنى أن يخيب ظني، ويخرج علينا من يرشدنا إلى مشروع زراعي أو صناعي أو تجاري قائم على الأرض، يديره هؤلاء، بشرط ألا يكونوا من الذين اتخذوا «الرواية» مصدرًا تشريعيًا، أو من الذين قبلوها بشرط أن توافق القرآن.

أما إذا نظرنا إلى نجوم الفكر السلفي، «التراثيين»، وماذا قدموا للناس على الأرض، فإن الأمر سيختلف جذريًا، لأنهم قد فازوا بجدارة، بل ومنهم، كما تعلمون، من أصبح قوة تعمل لها القوى العالمية ألف حساب.

والسؤال: ألا يحق لي أن أقول لنجوم الفكر القرآني، والعصري، والمستنير:

اتقوا الله، فأنتم تُضلّون الناس بغير علم، وتأخذونهم إلى ما فيه هلاكهم في الآخرة، وعليكم أن تُبيّنوا لهم أولويات «العمل الإسلامي»، وأن «الإيمان» عمل، و«الإسلام» عمل، وأن «الأقوال» بدون الأعمال «نفاق»، وأن المنافقين:

«فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً»

محمد السعيد مشتهري


فبراير 3

5 min read

0

0

0

Comments

Partagez vos idéesSoyez le premier à rédiger un commentaire.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page