top of page

(642) 13/2/2017 حول «منظومة التواصل المعرفي»

فبراير 4

4 min read

0

0

0

كتب الصديق Juma Saighee تعليقا على منشور «أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ» قال:

«ذكرت حضرتك بأن ما تسميه (منظومة التواصل المعرفي) حملت الحق والباطل، وأن الله تعالى يحفظ ما حملته تلك المنظومة من حق بحفظه للنص القرآني، وذكرت أيضا بأن مراجع اللغة العربية من المصادر المعرفية التي حملتها تلك المنظومة.

والسؤال: هل يمكن أن نعتبر مراجع السنة النبوية – التي حملت الحق والباطل – مصدرا معرفيا حملته إلينا منظومة التواصل المعرفي؟؟ وأن الله تعالى يحفظ ما حملته من حق بحفظه للنص القرآني، وهو ما يسمى بـ (السنة المبينة والمفصلة لمجمل القرآن الكريم)، مجرد تساؤل؟؟»

أقول:

إن الذي أوحى إليّ بفكرة «منظومة التواصل المعرفي»، ومكثت شهرًا أبحث لها عن اسم يُميّزها عن «التواتر العملي»، هو قول الله تعالى:

«وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»لقد لفت نظري قوله تعالى «ثُمَّ عَرَضَهُمْ»، ولم يقل «ثُمَّ عَرَضَهَا»، ففهمت من ذلك:

أولا: لا قيمة لـ «الكلمة» دون معرفة «معناها»، و«مسماها» الموجود خارجها.

ثانيا: لقد نزل «كلام الله» بـ «لسان عربي»، فكيف يفهمه الناس دون معرفة «مسمياته» الموجودة خارج القرآن؟!

ثالثا: إن ذاكرة المعارف العربية، التي يحملها كل عربي، هي المخزون المعرفي لمسميات الكلمات العربية، التي حملها العربي منذ طفولته في قلبه، والتي لولاها ما استطاع أن يقرأ «كلام الله» أو يفهمه.

والذين يقولون «القرآن وكفى» هم في حقيقة الأمر يقرؤون «القرآن»، ويفهمون «كلماته»، حسب ذاكرة معارفهم العربية، التي تشربتها قلوبهم منذ طفولتهم، من مصدر معرفي «خارج القرآن»، تعلموا منه نطق حروف الهجاء، وتركيب الجملة، وقواعد إعرابها.

إن مراجع «اللغة العربية»، التي حملتها المكتبة العربية، هي الأداة الأولى لفهم «النص القرآني»، والتي يستحيل فهم حرف واحد من هذا النص دون الاستعانة بها.

ولكون هذه المراجع ذات صلة مباشرة بفهم «النص القرآني»، ولا يوجد أمام متدبر القرآن غيرها، وبناء على قاعدة «أن حفظ الكلمة يقتضي حفظ مسماها»، أقول:

أولا: لا حجية في دين الله إلا لـ «كلام الله»، أي إلا لـ «النص القرآني».

ثانيا: لقد شاء الله أن ينزل القرآن بـ «لسان عربي»، والله يعلم أن الناس لا يُستأمنون على حفظ رسالاته، ولا على حفظ الألسن التي نزلت بها، لذلك تعهد سبحانه بحفظ كلماته و«مسمياتها» إلى يوم الدين.

ثالثا: ولما كان حفظ «النص القرآني» يستلزم حفظ الأداة التي يُفهم بها، وهي «اللسان العربي»، فهل حفظ الله «ألسن» الشعوب العربية، فلم تنطق بغير «اللسان العربي» الذي نزل به القرآن؟!

لم يحدث!!

إذن فنحن أمام:

أولا: «حجية» النص القرآني، الذي حمل «الآية الإلهية» الدالة على صحة نسبته إلى الله تعالى، والذي تعهد الله بحفظه إلى يوم الدين، ولم تثبت حجية أي نص نُسب إلى النبي بعد وفاته غير «النص القرآني»، فتدبر:

«كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»

ثم تدبر ماذا قال الله بعدها عن اتباع غير كتاب الله، ولو كان هذا الكتاب هو أصح كتاب نُسب إلى صاحبه على وجه الأرض:

«اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ»

ثانيا: «فهم» النص القرآني، وهنا يكون حديثنا عن أدوات «فهم» النص، وليس عن «حجية» النص، والمحور الأساس لهذه الأدوات هو «منظومة التواصل المعرفي» التي حملت معاني ومسميات «كلام الله» للناس.

إذن يجب أن نفرق بين «حجية» النص، وأدوات «فهم» النص.

ولقد حملت منظومة المعارف البشرية الحق والباطل، ونزلت الرسالات الإلهية لبيان الحق، وإزهاق الباطل، وحجية الرسالة الإلهية لا تثبت إلا بإقامة البرهان على صحة نسبتها إلى الله تعالى، وكان هذا البرهان «آية حسية».

ثم جاءت الرسالة الخاتمة «آية عقلية»، تأمر الناس عند تعاملهم مع نصوصها بتفعيل آليات عمل القلب، آليات التفكر والتعقل والتدبر والتفقه:

«أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»

«قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ»

لذلك فعندما نتعامل مع «النص القرآني»، نكون أمام:

١- «كلام الله»، الذي ثبتت «حجيته»

٢- «كلام البشر» من حيث «فهم» النص.

أولا: إن «النص القرآني» يجب أن يكون حاكمًا على «كلام البشر»، الذي حملته مراجع «اللغة العربية»، ولماذا مراجع «اللغة العربية»؟!

لأنها المصدر المعرفي الوحيد المرتبط ارتباطًا وثيقًا بـ «اللسان العربي» الذي نزل به القرآن، دون غيرها من التراث الديني.

ثانيا: إن مراجع «اللغة العربية» ليست مصدرًا إلهيا تشريعيًا ثانيًا، لأننا نذهب إليها ونحن نحمل «النص الإلهي القرآني» الذي نريد فهمه، فكيف تكون حاكمة عليه؟!

ثالثا: إن مراجع «مرويات السنة» ليست داخل دائرة «الحجية»، أصلا، لأن الله لم يأمر الناس اتباعها، وليست داخل دائرة «الفهم»، لأنها ليست مصدرًا معرفيًا متخصصًا في علوم «اللسان العربي» الذي نفهم به معنى الكلمة القرآنية.

وعندما يُدوّن فقهاء المذاهب الفقهية، والعقدية، بعد ما لا يقل عن قرنين من الزمن، ما يشاهدونه في عصرهم من كيفيات الأداء العملي للصلاة «على سبيل المثال»، فهذا ليس معناه أنها أصبحت مصدرا معرفيًا «أمميا»، وإنما «مصدر فقهي مذهبي»، والمصدر المعرفي «الأممي» هو ما أجمع على أداء كيفيته المسلمون جميعا، مع تفرقهم، وتخاصمهم، وتقاتلهم.

وبناء على ما سبق:

فإن حجية «منظومة التواصل المعرفي» لا فاعلية لها إلا داخل دائرة «الفهم»:

١- عندما لا نجد في القرآن بيانًا لمسمى الكلمة القرآنية، وهذا يشمل كلمات القرآن كلها.

٢- عندما لا نجد في القرآن كيفية أداء لما أجمله النص من أحكام، ونقلته لنا المنظومة المعرفية «الأممية» دون أن تفقد حلقة واحدة من حلقاتها، منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا، ومثال ذلك هيئة الصلاة، من قيام وركوع وسجود.

إن «النص القرآني» هو الذي أعطى «الحجية» لـ «منظومة التواصل المعرفي – العالمية» التي تواصلت حلقاتها بين الناس جميعًا، مع اختلاف مللهم وجنسياتهم وألسنهم، وهو أيضا الذي أعطى «الحجية» لـ «منظومة التواصل المعرفي – الأممية» التي تواصلت حلقاتها بين أفراد الأمة الإسلامية.

«وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ»«مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ»«إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ»«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا»«فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ»«وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ»«وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ»«بِإِذْنِ اللَّهِ»«ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ»

محمد السعيد مشتهري

فبراير 4

4 min read

0

0

0

Comments

Share Your ThoughtsBe the first to write a comment.

جميع الحقوق محفوظه © 2025 نحو إسلام الرسول 

  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page