

(640) 10/2/2017 «إنكار السنة» و«التكفير الدموي»
فبراير 4
2 min read
0
1
0
عندما «تَكْفُر» بملة من الملل، فهذا أمرٌ بدهي، لا إشكال فيه، لأن الناس جميعًا يعيشون في عالم «التكفير السلمي»، عالم «الكافرين».
«قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ . لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ . وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»
إن «الكفر»، عند أهل اللسان العربي، هو «الستر»، فكل من ستر شيئاً فقد كَفَرَه وكَفَّره، فمن ستر فطرة «الوحدانية»، وإخلاص العبودية لله، واتباع الرسل، فقد كفر بالله، وهذا شأنه.
«لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ، فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى»
ويُسمى الليل المظلم «كافرًا» لأنه يستر بظلمته كل شيء، وسُمّيت الكفّارات كفارات لأنها تُكفر الذنوب «أي تسترها».
فلا علاقة مطلقا بين مفهوم «الكفر»، في الشريعة القرآنية، وما رتّب عليه أئمة الفرق والمذاهب العقدية من أحكام وعقوبات، وسفك للدماء بغير حق، وهو ما أسميه بـ «التكفير الدموي»، الذي لم تظهر أحكامه إلا بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، مرورا بأحداث الفتن الكبرى، والذي مازال قائمًا بين المسلمين إلى اليوم.
إن أئمة الفرق والمذاهب العقدية، من السلف والخلف، لا يعرفون إلا هذا النوع من التكفير، «التكفير الدموي»، وإن بدت «أزمة التخاصم والتكفير» بينهم أنها «سلمية»، فتاريخ البغي، والصراع الدموي بينها، يشهدان أنها كانت «دموية»، واقرؤوا التاريخ ففيه العبر.
«وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ»
إن المؤتمر الذي أقامته مؤسسة طابة، التي يرأسها «الحبيب علي الجفري»، في العاصمة الشيشانية «جروزني»، وحضره شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والجفري، وآخرون، لإصدار بيا ن يُعرّف الناس أن «أهل السنة والجماعة» هم الأشاعرة والماتريدية في «الاعتقاد»، وأهل المذاهب الأربعة في «الفقه»، وأهل «التصوف الصافي» علماً وأخلاقاً وتزكيةً، شاهد على أننا مازلنا نعيش داخل منظومة «الفتن الكبرى»!!
لقد فرّقت «الفتن الكبرى» المسلمين إلى فرق ومذاهب عقدية يُكفر بعضها بعضا، والصراع المذهبي العقدي بين «الأشعرية والصوفية» من جانب، و«الحنابلة» على الجانب الآخر، خير شاهد على ذلك، ثم ننتظر من أئمة الخلف القيام بتجديد الخطاب الديني، وتنقية أمهات الكتب من الباطل الذي أصابها وأفسدها، وفي مقدمته ما يُسمى بـ «مرويات السُنّة»!!
أي «سُنّة» هذا يقصدون؟! ومن هم أهلها؟! ومن هم منكروها، وسط هذه المنظومة العقدية والتشريعية المفتراة على الله ورسوله؟!
إننا عندما نقرأ أو نسمع هذا المصطلح «إنكار السُنّة» يجب أن نكون على يقين أن قائله مُغيّب عقليًا، لا يعلم حقيقة ما يقول، من أهل «التكفير الدموي»، حتى وإن كان يعلم، فعلمه قاصر على «مرويات السُنّة» التي صحت عند الفرق التي ينتمي إليها، ويقاتل في سبيل الدفاع عنها، ولا علاقة لها مطلقا بما أمر ا لله رسوله أن يبلغه للناس.
لماذا لم يتعامل من ينتسبون إلى مؤسسة الأزهر مع «الكفر» بالمفهوم «السلمي»، وتعاملوا معه بالمفهوم «الدموي»، الذي يبدأ بتكفير من أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، طبعا عند «الأشعرية»، ثم من أنكر «مرويات السنة» التي صحت عند «الأشعرية»، ثم يُستتاب منكر مرويات السنة «الأشعرية»، فإن تاب وإلا قُتل؟!
الجواب: لأن الله كتب عليهم العذاب في الدنيا قبل الآخرة، لأنهم فرّقوا دينهم وكانوا شيعا، وسفكوا الدماء بغير حق، وأعطوا ظهورهم لـ «التكفير السلمي»، وأقاموا شريعتهم على «التكفير الدموي»، لأنهم قوم لا يفقهون.
«قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ»
محمد السعيد مشتهري
ومرفق عينة من «التكفير الدموي»