نحو إسلام الرسول

(99) 1/1/2014 (مسائل هامة في حواري مع الأستاذ عبد المالك الشملالي)

الأستاذ عبد المالك
أنا لم أقل: “إن الظهر هو الصلب والترائب”!! أنا قلت: “إن استخدام هذه الكلمة تحديدا [من ظهورهم] كان للإشارة إلى أهمية الدور الذي يقوم به “الصلب”، في عملية إخراج “الماء الدافق”، لأن “الصلب” هو العمود الفقري الموجود في “الظهر”، الذي يحمل منظومة أعصاب الإنسان؟!”، ولم أذكر كلمة “الترائب” في هذا السياق، فأرجو أن يكون النقل دقيقا.
وبعد أن نسبت إليّ أني قلت: “إن الظهر هو الصلب والترائب”، أسست على هذا النقل الخاطئ خطأً آخر، وهو قولك: [ثم أحلت ذلك على أولي الاختصاص حسب ما تقتضيه الأداة الثالثة من منهجيتك…]، وطبعا تقصد بـ “ذلك” ما نسبته إليّ خطأً، فأقمت خطأ على خطأ!!
مسألة الإشهاد: القضية، أستاذ عبد المالك، ليست قضية “الإشهاد” في حد ذاته، أو “الخلق”…، حتى تجهد نفسك في بيان الفرق بينهما!! القضية في أن كيفية “الخلق”، أو كيفية “أخذ الميثاق”، أو “الإشهاد”، أو إقرار ذرية بني آدم، وقولهم: “بلى شهدنا”…، كل ذلك من عالم الغيب، ونحن لا نملك في مدرسة “تدبر القرآن” أداة أو آلية توصلنا إلى هذا العالم لنكشف أسراره!! أما مدرسة الفهم أو التفسير “الباطني” فيمكن أن نجد عند أصحابها هذا الكشف، بدعوى أنه إلهام من الله تعالى!! وهذه المدرسة “الباطنية” لا حجية لها عندي!!
ولقد أجهدت نفسك في ضرب الأمثلة على الإشهاد، وخلطت فيها بين ما هو من عالم الغيب، وما هو من عالم الشهادة!! فعالم “الشهادة” نشهد فيه عن “علم”، أما عالم “الغيب” فلا “علم” عندنا نصل عن طريقه إلى هذا العالم!! وعدم التفرقة بين العالمين جعلك تساوي بين الشهادة في عالم “الغيب”، والشهادة في عالم “الشهادة” فقلت: [هذا الإشهاد موجود نعم، لأن القرآن صرح به، لكننا نجهله، ونجهل كنهه ونوعه، لهذا نزعم بأننا نسيناه هربا من مواجهة جهلنا … لكن الإشهاد لا يمكن أن ينسى]!!
نعم كما قلت: [الإشهاد موجود لأن القرآن صرح به]، ونعم [لكننا نجهله] نجهله لأنه من عالم الغيب [حسب فهمي للسياق القرآني] الذي نؤمن بما أخبرنا الله تعالى عنه ونسلم تسليما. أما أن تقول عن إيمانا وتسليما بمسائل الغيب أنه جاء بسبب جهلنا به، فلا أجد لك دليلا قرآنيا يبيح لك أن تقول ذلك!! إلا إذا كنت تعتبر أن هذا “الإشهاد” حدث في عالم “الشهادة”، وهنا عليك أن تأتينا بالبرهان على ذلك، وطبعا لازم نكون كلنا حضرنا هذا الإشهاد، وأقمناه على “علم”!!
أما ما قلته عن “الإيمان بالغيب”، فالحقيقة يحتاج منك إلى إعادة قراءة لترتيب أفكاره. لأنه كما سبق لي أن قلت: “وعدم التفرقة بين العالمين جعلك تساوي بين الشهادة في عالم “الغيب”، والشهادة في عالم “الشهادة”، فارجع إليه!! ثم ما معنى قولك: [وكذلك لابد للشيء من الغيب أن نبرهن عليه ونأتي ببينات مقنعة تبينه]!! ثم تستشهد بالآية [53] من سورة فصلت وتقول: يقول تعالى “سنريهم [من] آياتنا في الآفاق….” وطبعا الآية ليس فيها [من]!! والاستدلال بها غير صحيح!! لأن الآية تتحدث عن إقامة الحجة على الناس بالآيات الكونية في عالم “الشهادة” وليس في عالم الغيب!!
إن الله تعالى أمرنا أن نؤمن بالغيب [الذي نجهله] وجعله من أصول الإيمان [الذين يؤمنون بالغيب]، وأنت تطالبنا بالانتظار حتى يبعث الله من يبيّن لنا ما نجهله من الغيب، بالبراهين والبيِّنات المقنعة، وتُرجع سبب هذا الجهل إلى عدم درايتنا بعلم “البيّنة، وتقول إنه هو علم القرآن”؟!! والحقيقة أن “البيّنة” غير “القرآن”!! فالبيّنة هي “الآية” [أي البرهان] الدالة على صدق [النبي] في بلاغه عن الله تعالى. تدبر قوله تعالى في سورة الأعراف: “قَدْ جَاءَتْكُمْ [بَيِّنَةٌ] مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ [نَاقَةُ] اللَّهِ لَكُمْ [آيَةً]”، فالبينة هنا هي آية الناقة.
وتدبر قوله تعالى في سورة البينة: “لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَةُ [1] رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً [2] فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ [3]، والبينة هنا هي الرسول الذي يتلو صحفا مطهرة، وهذا معناه أن هذه الصحف المطهرة قد حملت البرهان على صدق الرسول المبلغ لها. إن “بينة” نبي الله صالح كانت “آية” حسية مشاهدة، وهي “الناقة”، و”بينة” نبي الله الخاتم محمد كانت “آية قرآنية” تراها القلوب بآليات التفكر والتعقل والتدبر…”، ولن يستطيع أحد أن يأتي بمثل نصوصها؛ آيات الذكر الحكيم. فليس معنى أن القرآن حمل في ذاته “البيّنة”، أن يكون القرآن مثل “البيّنة”، فالقرآن هو كلام الله المسطور، و”البينة” هي تفاعل كلام الله المسطور مع آيات الآفاق والأنفس، حتى يتبين الناس أنه الحق.

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى