إن لـ «تدبر القرآن» أدوات، يجب أن تستنبط من ذات القرآن، وهي حسب مشروعي الفكري خمس، ومنها «لسان العرب»، الذي حملته مراجع اللغة العربية، وعلم «السياق القرآني»..، ويجب التعامل معها «مجتمعة».
وإن التعامل مع القرآن بـ «اللغة العربية» فقط، تعاملٌ مُضلّل، لأن الكلمة العربية في مراجع اللغة لها أكثر من معنى، ومنها معاني شاذة، ويستطيع أي «مُلحد» أن يفسر الآيات بهذه المعاني الشاذة ويضل الناس بغير علم.
أولًا:
إن كلمة «نِسَاء» جمع امرأة، وهي «الأنثى» من البشر، ويقابلها «الرجل» وهو «الذكر» من البشر، يقول تعالى:
* «يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ»
ويقول تعالى:
«وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً»
ثانيًا:
وكلمة «نِسْوَة» جمع قلة، يدل على العدد القليل من «النِسَاء»، وقد ورد في موضعين فقط:
١- «مَا بَالُ النُّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ»
٢- «وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ»
فكلمة «نِسْوَةٌ» تدل على قلة عددهم، وتُجمع على «نِسَاء» عندما يراد الحديث عن الكثرة.
ثالثًا:
وكلمة «نَسْوَة»، بفتح النون، مصدر «نَسا»، و«نَسّاء» صيغة مبالغة من نَسِيَ، كثير النِّسيان أو سريع النِّسيان.
رابعًا:
وتستخدم كلمة «النِّسَاء» بمعنى «التأَخير»، نَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه، أي أَخَّره، والاسم النَّسِيئةُ و«النَّسِيء»، ويقال «نُسِئَتِ» المرأَةُ أي تأَخَّر حيضُها وظُنَّ حملُها.
ولم ترد في القرآن إلا مرة واحدة في سورة التوبة، بمعناها الذي عرفه لسان العرب، وخاطبهم الله به بعد بيان حجية الشهور القمرية «الآية ٣٦»، ردا على المشركين الذين كانوا يتلاعبون بهذه الشهور عن طريق ما تعارفوا عليه باسم «النسيء»، فقال تعالى «الآية ٣٧»:
«إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ»
خامسًا:
أما كلمة «النِسَاء» فقد وردت، من خلال البحث عن الجذر «نسو»، تسعًا وخمسون «٥٩» مرة، على النحو التالي:
* البقرة (٩) * آل عمران (٤) * المائدة (١) * الأعراف (٣) * يوسف (٢) * إبراهيم (١) * النور (٣) * النمل (١) * القصص (١) * الأحزاب ٦ * غافر (١) * الفتح (١) * الحجرات (٢) * المجادلة (٢) * الطلاق (٢)
وقد سُمّيت سورة من سور القرآن باسمها، وهي سورة «النِسَاء»، وفيها وردت الكلمة (٢٠) مرة، على النحو التالي:
١- «وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً»
٢- «فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ»
٣- «وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً»
٤- «وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ»
٥- «فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ»
٦- «وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ»
٧- «لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً»
٨- «وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ»
٩- «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ .. وَأُمَّهَتُ نِسَآئِكُمْ»
١٠- «وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ»
١١- «وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ»
١٢- «وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ»
١٣- «ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ»
١٤- «أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ»
١٥- «وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ»
١٦- «إِلاَّ ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَانِ»
١٧- «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ»
١٨- «وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ»
١٩- «وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ»
٢٠- «وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ»
فأي «عقل» هذا الذي يقبل أن يكون معنى كلمة «النِسَاء» في القرآن غير الجنس المقابل للرجال؟!
على كل حال، سأقدم لكم في المنشور التالي، البراهين القرآنية الكاشفة لطبيعة هذه «العقول»، بما يجعلنا نُشفق فعلا على أصحابها، ونتمنى لهم الشفاء العاجل!!
محمد السعيد مشتهري