نحو إسلام الرسول

(98) 31/12/2013 (بدون عنوان)

سألني الأستاذ عبد المالك الشملالي، تعليقا على ما نشرته في 29-12-2013 بعنوان “كلمة في المنهج”، فقال: [لي تساؤل حول المقال: كيف أستطيع أن أقتنع ثم أقنع غيري بأن الله استخرجني من ظهر أبي، واستشهدني أن كان ربي، وشهدت أمامه بأنه ربي؟! هل يشعر أحدكم بأنه حدث له هذا الإستشهاد؟! وكيف تمكن من الشعور بذلك؟! أو هل لديه دليل مادي يثبت حدوث ذلك؟! أم هو من الإيمان الغير المبرهن بما في القرآن؟!] وقد أجبته في موضعه على سؤال “الإخراج”، وسؤال “الإشهاد”.
وأهم ما أجبته به في هذا الموضع، من وجهة نظري، هو: إن من أصول الإيمان، التي يجب أن تكون مستقرة في قلب المسلم، أصل “الإيمان بالغيب”، أي التسليم بكل ما جاء في كتاب الله عن عالم الغيب، وقوله تعالى مخاطبا ذرية بني آدم: “وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا”، هو من مسائل الغيب. فإذا كان من المنطق أن نقول: إننا لا نتذكر شيئا من أحوال تكويننا في بطون أمهاتنا، فلماذا لا نقول أيضا: ولا نتذكر شيئاً عن كيفية ووقت أخذ الله “ميثاق الربوبية” منا؟!!
ثم عاد الأستاذ عبد المالك وسأل: [المكان الموجود بين الصلب والترائب ليس هو الظهر؟ ربما القلب، وربما البطن، لكن ليس الظهر… والإشهاد، جعله يشهد على نفسه ولم يخلقه بعد؟ هل هو إشهاد مجازي؟ أم أشهد النفس قبل أن يخلق جسدها، لأنه لما كان يخلق الإنسان من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم عظاما ثم لحما، لم يشهده في هذه العملية: “وما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم”. الموضوع غامض جدا جدا…، على أية حال، أنا أقترح أن نترك هذه الآية بين قوسين، ونقتصر على تدبرها من جميع جوانبها، وندعو الله جميعا أن يساعدنا عليها، حتى يفتح الله لأحد من المؤمنين فيطلعنا على سرها. أما الآن فتفسيرها لا أظن أنه سيقنع أحدا، إلا إذا تساهلنا في أمر الإقتناع]!!!
وهنا أذكر الأستاذ عبد المالك الشملالي بمنهجي، وأزيد ما بينته له بيانا، فأقول: إن من أدوات فهم القرآن، حسب مشروعي الفكري: “اللسان العربي”، و”السياق القرآني”، و”آيات الآفاق والأنفس”…، وما ذكرته في الرد على أسئلتكم كان على أساس هذه الأدوات، وعندما قلت: “وهذه المسألة من المسائل العلمية التي يُرجع فيها لأهل الاختصاص”، كان في ذلك إحالة إلى أداة “آيات الأنفس” حتى يخبرنا العلماء المتخصصون [على مر العصور] عن مصدر “الماء الدافق”، وما في ذلك من “آيات الأنفس”.
لذلك قلت لك في هذه المسألة: إن الله تعالى بيّن أن هذا الماء يخرج من بين “الصلب والترائب”، أي من هذه [المنطقة] يخرج ماء الرجل، لأنه عز وجل قال “من بين”، ولا أعلم من أي مكان في هذه [المنطقة] يخرج هذا الماء!! وإذا كانت القضية لماذا استخدم القرآن كلمة [ظهورهم] في سياق أخذ الميثاق، أقول: هنا يكون مجال البحث. فأنا مثلا أقول: إن استخدام هذه الكلمة تحديدا [من ظهورهم] كان للإشارة إلى أهمية الدور الذي يقوم به “الصلب”، في عملية إخراج “الماء الدافق”، لأن “الصلب” هو العمود الفقري الموجود في “الظهر”، الذي يحمل منظومة أعصاب الإنسان؟!
أما عن “الإشهاد” فقد سبق أن قلت: إنه من “مسائل الغيب”، التي نؤمن بها في حدود فهمنا للسياق القرآني واللسان العربي، ولا نبحث عن الكيفية. وأضرب لك مثالا على ذلك بقصة إبراهيم، عليه السلام، عندما سأل ربه عن [كيفية] إحياء الموتى: “أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى”، وجاء الرد الإلهي على الفور “أَوَلَمْ تُؤْمِنْ”؟!! ذلك لأن [الكيفية] من مسائل الغيب، التي تقتضي الإيمان والتسليم. وعندما قال إبراهيم إنه كان يريد أن يطمئن قلبه، جاءه الرد الإلهي بضرب المثل، ليس لبيان [الكيفية] وإنما لبيان قدرة الله تعالى وفاعلية أسمائه الحسنى في هذا الكون: “فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”، وتدبر جيدا قوله تعالى: “وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”.
لذلك أقول، تعليقا على قولك: “الموضوع غامض جدا جدا”، وقولك: “حتى يفتح الله لأحد من المؤمنين فيطلعنا على سرها”، أقول: إن مسائل الغيب تقتضي الإيمان والتسليم المطلق، وليس كشف سرها والبحث عن كيفيتها، ولو اجتمع علماء العالم، في الحاضر أو في المستقبل، على أن يعرفوا كيفية أخذ الله تعالى “ميثاق الربوبية” من ذرية بني آدم، فلن يصلوا إلى شيء!!

ملاحظة: علمت من خلال صفحتك أنك تعمل باتحاد الأشراف العالمي، وعندما دخلت على صفحة الاتحاد وجدت في عنوانها هذه الجملة: [فكل كلامه مردود عليه إلا رسول الله والقرآن الكريم] فأزعجني ترتيب هذه الجملة، فأرى أن تكون [إلا كلام الله والرسول] هذا إن كانت حجية مرجعية كلام الرسول عندكم كحجية مرجعية كلام الله تعالى.

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى