نحو إسلام الرسول

(93) 25/12/2013 (بدون عنوان)

ذكرت في موضوع الأمس أن العلاقة بين وحدانية الله وحجية الكتاب الإلهي علاقة تلازم وإحكام، فأينما وُجد الموحدون كان الكتاب الإلهي دستورهم. وقلت: إن تقول المسلم على الله ورسوله بغير علم يُخرجه من ملة الإسلام، لماذا؟! لأن كتاب الله يستمد حجيته من وحدانية الله تعالى، ورسول الله، الذي أُنزل عليه الكتاب، يستمد “شرعيته” في تبليغ وتنفيذ ما جاء به الكتاب من حجية “الآية القرآنية” التي حملها هذا الكتاب، فهي “منظومة إيمانية محكمة”، يستحيل أن يخرج رسول الله عن حدودها، ويأتي بشريعة من عنده.
لذلك فإن كل “شريعة” تُنسب إلى الله تعالى، أو إلى رسوله، وتكون خارج حدود “الكتاب الإلهي” فإنها تنقض “وحدانية الله” من أساسها، وتُخرج فاعلها من ملة الإسلام، تدبر قول الله في سورة يونس: “قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ [أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ] أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ”؟!
واليوم أقول: أين الدليل الذي حملته نصوص “الآية القرآنية” على أن الدفاع عن “شرعية” الحاكم يكون مبررا لسفك الدماء بغير حق؟!! وأين الدليل على أن “الانتحار” يكون وسيلة فاعلة لاستعادة “شرعية” الحاكم؟!! أقول “الانتحار”، لأن من قتل نفسه، بأية وسيلة، فقد قتل نفسا حرم الله قتلها [إلا بالحق]، والحق هو ما نص عليه كتاب الله، وليس في كتاب الله نص يبيح هذا العمل الإجرامي، الذي يهدد أمن البلاد والعباد!!
لقد نقض المجرم بفعلته هذه إقراره بوحدانية الله تعالى، وأسقط حجية كتاب الله، وذلك باستناده في عمله الإجرامي إلى فتاوى ونصوص شريعة ما أنزل الله بها من سلطان، لذلك كان جزاؤه جهنم خالدا فيها، لأنه “كفر بالله”!! فتدبر قول الله في سورة الفرقان: “وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ [النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ] وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69).
لقد عزلت “منظومة الفكر السلفي” منظومة الوحدانية عن كتاب الله، عن الآية القرآنية، وجعلت من قال “لا إله إلا الله”، ولو بالوراثة، دخل الجنة، وإن أفسد في الأرض وأصر على ارتكاب الكبائر، وسفك دماء الناس بغير حق!! لقد قامت على فتاوى “التبرير والتأويل” والتي بها سُفكت دماء آلاف الصحابة في أحداث “الفتن الكبرى”!! لقد قامت على فتاوى استحلال دم المخالف في المذهب أو العقيدة، وفتاوى الدفاع عن “شرعية” الخليفة [الذي بايعه الناس] وإن أفسد في الأرض، وجعلها ملكا عضودا، يُورثه لذريته، ولأهله وعشيرته!!
لقد أصبحت “منظومة الفكر السلفي” عقبة أمام تفعيل المسلم لآليات التفكر والتعقل والتدبر والنظر..، آليات عمل القلب!! لقد أصبحت عقبة أمام عرض الإسلام على العالم بصورته النقية، قبل ظهور الفرق والمذاهب المختلفة!! لقد هجر المسلمون قول الله، وراحوا يتبعون قول الراوي، فكانت النتيجة تخلفا عقليا، وإفسادا في الأرض، ومعيشة ضنكا!!!

* “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ (أَتَتْكَ آيَاتُنَا) فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى”.

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى