مفهوم «الشرك» في السياق القرآني
إن المفهوم العام لـ «الشرك»، هو اتخاذ آلهة من دون الله، قال تعالى:
«أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ»
ولهذا «المفهوم العام» أكثر من صورة:
١- الذين اتخذوا إلههم «هواهم»
«أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ»
وهؤلاء هم «الملحدون في الآيات القرآنية»، و«التابعون» لهم السعداء بإسقاط أحكام القرآن عنهم، فلم تعد هناك هيئة للصلاة، وأصبح الصيام صيامًا عن المحرمات، والزكاة تزكية للنفس، والحج حول المصحف، والمرأة مثل الرجل، من حقها أن تكشف من جسمها ما يكشفه الرجل.
٢- الذين اتخذوا «أصنامًا» آلهة
«وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»
لم تعد هناك أصنام من حجر، وإنما من بشر.
٣- الذين «فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا»
«وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ. مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
وهؤلاء هم أتباع الفرق الإسلامية، الذين يُكفّر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، وكل فرقة تدعي أنها «الفرقة الناجية»!!
٤- «اليهود والنصارى»
«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ»
وتدبر قوله تعالى بعد هذه الجملة:
«سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ»
فإذا تدبرنا سياق الآية «رقم٢»، التي تحدثت عن الذين اتخذوا «أصنامًا» آلهة، وقوله تعالى في ختامها:
«سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»
وذهبنا إلى قوله تعالى في سورة البقرة، مخاطبًا المؤمنين:
* «وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ»
* «وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ»
* «أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ»
* «وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
يأتي السؤال:
هل يُعقل، بعد هذا البيان القرآني الذي حمل صور الشرك المختلفة، أن يُنزل الله آيات، تُحل زواج المؤمنين والمؤمنات، بالمشركين والمشركات، بدعوى أن الله هو الذي أحل ذلك بقوله تعالى:
«الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ..»؟!
وللموضوع بقية
محمد السعيد مشتهري