نحو إسلام الرسول

(848) 8/8/2017 كيف نتعامل مع القرآن (29)

من أين «سيأتيكم» طوق النجاة من «جهنم»؟!

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ»

لقد أشرت في المنشورات السابقة، إلى ضرورة أن يقف المؤمنون المسلمون كثيرًا عند «سورة النور»، وتدبر لماذا بدأت هذه البداية الحاسمة:

أولا:

«سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»

ثانيا:

«الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ»

ثالثا:

«الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ»

فلماذا «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي»؟!

ثم تدبروا قول الله الذي لو فهمه «المؤمنون والمؤمنات»، و«المسلمون والمسلمات»، لظلوا يبكون على حالهم هذا الذي وصلوا إليه، حيث يقول تعالى في سورة الفرقان:

أولا:

«وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ»

ثانيا:

«وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ»

ثالثا:

«وَلا يَزْنُونَ»

ثم انظر وتدبر الجزاء:

رابعا:

«وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً» – «يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً»

أي من يفعل ذلك، ولم يتب قبل موته، مات كافرًا، مخلدًا في جهنم.

تدّبروا هذا الترتيب، وموضع «الزنى» فيه:

١- التحذير من الشرك: «وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ»

٢- التحذير من سفك الدماء بغير حق: «وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ»

٣- التحذير من الزنى: «وَلا يَزْنُونَ»

وهل يسقط «الزنى» على الإنسان دون مقدمات؟!

أليس التبرج، والسفور، ولبس الملابس الواصفة، والكاشفة، لجسم المرأة، من الأسباب الموصلة إلى الاقتراب من حدود «الزنى»، وقد نهى الله عن هذا الاقتراب، وليس عن الزنى:

«وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً»؟!

ثم ما علاقة تبرج وسفور «زوج» الشيخ فلان، أو «بنت» المفتي علّان، أو «أم» النجم التنويري..، بما يجب أن يكون عليه لباس المرأة «المؤمنة المسلمة»، حسب وروده في السياق القرآني؟!

لقد بيّن الله طوق النجاة من الوقوع في فاحشة الزنى، بهذه الوسائل التي ذكرتها سورة النور على النحو التالي، فتدبرها جيدًا:

١- التطهير بعقوبة «الجلد»

٢- اجتناب نكاح الزانية وإنكاح الزاني

٣- النهي عن رمي الناس بفاحشة الزنى، ومن يفعل ذلك يعاقب بالجلد «ثَمَانِينَ جَلْدَةً» –
«وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً» – «وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ»

٤- النهي عن رمي الرجل لزوجه بالزنى دون بيّنة، وإلا فـ «اللعان»

٥- النهي عن إشاعة الفواحش، سواء كان بالقول أو الفعل أو الإقرار، دون نهي عنها.

٦- عدم الاستسلام لخطوات الشيطان، فإن يَأْمُرُ «بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ»

٧- النهي عن دخول البيوت إلا بعد أن يأذن أصحابها، حتى لا يقع النظر على عورات أهلها.

٨- الأمر بغض البصر، للمؤمنين والمؤمنات، وهذا ليس معناه أن تخرج النساء سافرات ثم نقول للرجال غضوا من أبصاركم، واحفظوا فروجكم، التزمي أنت أولا بما أمرك الله، ثم ابحثي عن حكمة الأمر بغض البصر، واقترانه بحفظ الفرج.

٩- إباحة أن تبدي المرأة زينتها الظاهرة «الخمار والجلباب» للناس جميعا، وتحريم إبداء غيرها إلا لمن نصت عليهم الآية «٣١» من سورة النور.

١٠- تحريم إظهار زينة المرأة الخفية، بالرقص، والضرب بالأرجل على الأرض.

١١- تعليم الأطفال آداب الاستئذان حتى لا يقع نظرهم على عورات الوالدين.

١٢- إباحة أن يضع القواعد من النساء، «اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً» خمرهن وجلابيبهن، وإن كان الاستعفاف عن ذلك خير لهن.

والسؤال:

هل نحذف هذه الآيات لنُرضي الذين يبيحون للمرأة أن تخرج كاشفة معظم جسمها، ويحلّون لها «الصلاة» وهي على هذه الهيئة، ثم بعد ذلك يبحثون عن علاج لظاهرة «التحرش الجنسي»؟!

لقد انطلقنا في مفهومنا لـ «زينة المرأة»، التي أباح الله لها إبدائها للناس جميعًا، من مفهومها «المادي»، حسب وروده في السياق القرآني، وأن «الزينة» هي ما يتزين به الشيء وليس من أصله، أي ما تتزين به المرأة وليس من أصل خلقتها، أي الزينة المكتسبة.

فما يلبسه الرجال والنساء من ملابس داخلية «زينة»، والثياب التي تغطي الملابس الداخلية، والتي أسمّيها «الملابس الساترة» ويستعملها الناس في بيوتهم، أيضا «زينة»، والملابس الخارجية التي يلبسونها عند الخروج من البيت، والتعامل مع غير المحارم «زينة».

ولقد فصّلنا القول، في بيان أن الله لم يبح للمرأة «المؤمنة المسلمة» إبداء غير اللباس الخارجي «الخمار والجلباب»، الظاهر للناس جميعا، والذي لا يُظهر من جسمها غير «الوجه والكفان»، بحكم ما دعت إليه الضرورة.

كما بيّنا أن المقصود بـ «العورات» ليس «السوأتان» فقط، وإنما تشمل ما تغطيه «الملابس الساترة» من جسم الرجل أو المرأة، فيحرم مثلا أن يمشي الرجل، أو زوجه، بين أولادهم، بملابسهما الداخلية!!

وهذا ما يُفهم من قوله تعالى:

أولا:

مخاطبًا «الْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً»

«فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ»

وطبعا المقصود بـ «أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ»، أن يضعن «الخمار والجلباب»، ويتحركن بين الناس بـ «الملابس الساترة» فقط، فلا يظهر من أجسامهن غير الرأس، «من غير خمار»، واليدان، والقدمان، بشرط ألا تكون هذه «الملابس الساترة» كاشفة لما تحتها أو واصفة له.

انظر وتدبر، مع من يضع الله كل هذه الضوابط؟!

مع «الْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً»

اللاتي يقول الله لهن:

«وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»

أي «وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ» عن وضع «الخمار والجلباب»، «خَيْرٌ لَهُنَّ».

ثانيا:

النهي عن اطلاع الأولاد على عورات الوالدين، وسبق أن بيّنا أنها تشمل أي تصرفات من شأنها أن تترك صورة ذهنية «جنسية» عند الأطفال، أو حتى عند الكبار، لذلك سمى الله الأوقات التي يجب على الأولاد الاستئذان خلالها قبل الدخول على الوالدين، بـ «العورات»، فقال تعالى:

«يَا أَيُّهَا (الَّذِينَ آمَنُوا) لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ (لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ (ثَلاثُ عَوْرَاتٍ) لَكُمْ..»

فيا أيتها النساء، «بنات وشابات وقواعد يرجون نكاحًا»، من أين سآتي لكم برخصة تبيح لكم كشف غير «الوجه والكفين»، وتنقذكم من جهنم إذا متم على حالكم هذا؟!

هل تعلمون أن من ماتت منكن على حالها هذا من «التبرج» و«السفور»، ماتت «مصرّة على معصية الله»، والذي يعيش حياته مُصرًا على معصية الله يموت كافرًا، لقوله تعالى:

«وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ»؟!

ولقوله تعالى:

«بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»؟!

لقد أقمت «الحجة» بهذه المنشورات على الرجال والنساء، وأصبحوا على علم بما يجب أن يكون عليه لباس «المرأة المؤمنة المسلمة»، حسب ما ورد في السياق القرآني، بعيدا عن كتب التفسير، وعن الروايات، وعن آراء الفقهاء، فماذا أنتم فاعلون «أيها المؤمنون المسلمون»؟!

إن الله تعالى يقول:

«وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً»

«وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ»

«وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ»

أما أنتم، يا من تشربت قلوبكم «الإلحاد في الآيات القرآنية»، تعالوا، وتفضلوا بالتعليق على هذا المنشور، وعلى المنشورات التي سبقته، بشرط أن تأتوا بالفقرة، أو الجملة، من المنشور، ثم تعلّقون عليها، «استنادا إلى الآيات القرآنية» التي تؤيد وجهة نظركم.

فإن فعلتم فهو خير لكم، وإن لم تفعلوا فهو دأبكم، وما تعودنا عليه منكم.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى