لماذا يُصيب «ما يجب أن يكون»، «ما هو كائن»، بـ «الاكتئاب»؟!
* ما يجب أن يكون:
«الإسلام» الذي ارتضاه الله للناس جميعًا «دينًا»، وأرسل به النبي الخاتم محمدًا، الذي كانت «آية» نبوته «آية قرآنية عقلية»، قائمة بين الناس إلى يوم الدين.
* ما هو كائن:
«الإسلام» الذي ارتضته الفرق والمذاهب المختلفة للمسلمين، وارتضته التوجهات القرآنية والمعاصرة والمستنيرة لأتباعها، بعد أن أعطوا جميعًا ظهورهم لنصوص «الآية القرآنية»، التي حذرتهم من «التفرق في الدين».
إن عِلْم القلب ومعرفته بـ «النبوات»، وما حملته للناس من «رسالات إلهية»، لا علاقة له بـ «إيمانهم»، ولا بـ «إسلامهم»، إلا إذا اقترن هذا العلم، وهذه المعرفة، بـ «التصديق والإقرار العملي»، و«الانقياد والتسليم المطلق» لما حملته نصوص «الآية القرآنية»، من أحكام الشريعة.
لقد آمن المشركون بأن الله خالق كل شيء، وآمنوا بأن محمدًا صادق من قبل بعثته، فلم يَكْذِب أبدًا، فلماذا لم يدخلهم هذا الإيمان «الإسلام»؟!
لأن هذا الإيمان، وهذا التصديق، صاحبهما إشراك بالله تعالى، ولم يؤسّسوا على إيمانهم بصدق «محمد»، إيمانهم بصدق «نبوته»، هذا الإيمان الذي يقتضي اتباع أحكام رسالته.
لقد جاءت نصوص «الآية القرآنية»، تحذر أتباع النبي الخاتم محمد، من الشرك بالله إن هم «تفرقوا في الدين»، و«كانوا شيعًا»، «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ».
ولم تمض أربعة عقود من الزمن، وحدث «الانقلاب على الأعقاب» الذي حذر الله صحابة رسول الله منه، فقال تعالى:
«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ»
ومن يومها والمسلمون منقلبون على أعقابهم، «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»، لا يملكون شيئًا يقدّمونه لـ «الإسلام» غير «الفكر الإسلامي»، أي غير «الكلام».
وكنت أسأل نفسي:
هل تتصور أنهم سينتفعون بكلامك، وهم أصلا لم ينتفعوا بـ «كلام الله» الذي بين أيديهم قرونا من الزمن؟!
عندما كنت أعطي دورات تدريبية في «التنمية البشرية»، وعلم «الطاقة»، ومفهوم «الحب» في القرآن، والفرق بين الحب والإعجاب..، كان من أشهر هذه الدورات دورة بعنوان «القرآن وإرادة التغيير»، وكانت مخصصة للرد على الذين يريدون أسلمة ما يُسمى بـ «البرمجة اللغوية العصبية».
سألني سائل في نهاية الدورة:
إ
ن كل ما قلته لا يستطيع أحد التعقيب عليه إلا بكل خير، ولكننا نجد أنفسنا بعد كل دورة في صراع بين ما «يجب أن يكون»، و«ما هو كائن»، ونعيش بداخله فعلا، فماذا نفعل؟!
وهل عندما كتبت منشورات مبادرة «نحو إسلام الرسول» كان في ذهني غير أن أجد حلا لهذه «الأزمة النفسية» التي يهرب من الحديث عنها ومواجهتها كل أصحاب التوجهات الدينية المختلفة، وبدون استثناء؟!
إنهم لا يريدون الدخول في «عش الدبابير»، ولا يريدون أن ينفض من حولهم الأصدقاء، فلماذا لا يعيشون معهم في «ما هو كائن»؟!
«أما عن إقامة دين الله سلوكًا عمليًا، فيا سيدي أهي داعش بتحاول، والله المستعان»
إنني لا أتصور، وجود مؤمن صدّق بـ «الوحدانية»، وبأصول الإيمان الخمسة، وأسلم وجهه لله تعالى، ودرس القرآن وتدبر آياته، والتزم بأحكامها، ثم ينشر أو يتكلم في دين الله، بغير «ما يجب أن يكون».
إن الذين يتحدثون عن «الإسلام»، أو عن «القرآن»، من منطلق «ما هو كائن»، بمعزل عن «ما يجب أن يكون»، هؤلاء إما:
١- الملحدون
٢- المغيّبون عقليا
٣- المصابون بسرطان الهوس الديني
٤- العشوائيون
أنصحكم أن تقوموا بجولة تفقدية للاطلاع على ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي عن «الفكر الإسلامي»، وأنتم تعلمون الإجابة على سؤال:
لماذا يُصيب «ما يجب أن يكون»، «ما هو كائن»، بـ «الاكتئاب»؟!
محمد السعيد مشتهري