مؤمنون بلا «إيمان».. ومسلمون بلا «إسلام».. وقرآنيّون بلا «قرآن»
لقد حمل كتاب الله الخاتم «الآية القرآنية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، وهذا معناه أن باب الدخول في الإسلام بابٌ واحد هو التصديق العملي بـ «الآية القرآنية»، وأن تعمل بنصوصها يوم أن صدّقت وآمنت.
وبناء عليه:
فإن المسلمين جميعًا، الذين أسلموا إسلامًا مذهبيًا، حسب ما وجدوا عليه آباءهم، أي حسب «الإسلام الوراثي»، هؤلاء لم يدخلوا الإسلام بعد.
لذلك عليهم إغلاق صفحة الماضي، صفحة الفُرْقَة والمذهبية، صفحة التراث الديني المذهبي للفرق الإسلامية، بكل ما فيه، وما حمله من «مرويات» منسوبة إلي النبي، ما أنزل الله بها من سلطان.
إن على المسلمين الذين دخلوا «الإسلام» من باب التصديق بـ «الآية القرآنية» أن يفتحوا صفحة جديدة، تقوم على دراسة نصوص هذه الآية، والوقوف على الأدوات التي أمر الله قارئ القرآن استخدامها لفهم آياته واستنباط أحكامها، وهي مفصلة في كتابي «المدخل الفطري إلى الوحدانية»، على موقعي:
https://islamalrasoul.com
ثمرة ذلك:
إن عليك إغلاق صفحة الماضي، وعدم الانشغال إلا بالحاضر، ودراسة نصوص «الآية القرآنية» التي دخلت الإسلام على أساسها، وتفعيلها في حياتك سلوكًا عمليًا، وليس فقط «ترفًا فكريًا».
وإياك أن تنظر إلى الوراء، وتتبع الذين اتخذوا هذا القرآن مهجورا، سواء كانوا من السلفيّين، أو القرآنيّين، أو العصريّين..، الذين لا يملكون من العلم إلا الحديث عن الماضي، سواء بتقديسه، أو بنقده ونقضه.
إياك أن تنظر إلى الوراء، وتتبع الذين يتهمون «السلف» بأنهم صنعوا دينًا جديدًا جعلهم يُشركون بالله، فإذا هم أيضا يصنعون دينًا يا ليته كان كالذي صنعه «السلف»، وإنما دينًا «لقيطًا» لا أصل له ولا قواعد يقوم عليها.
إياك أن تنظر إلى الوراء، وتتبع الذين لا هم لهم إلا تنقية كتب تراث الفرقة الإسلامية التي ولدوا فيها، وما حملته من منظومة تفسيرية وروائية وفقهية، ومطالبة مؤسسات فرقتهم الدينية بإصلاح ما حملته هذه الكتب من أباطيل.
لقد نجح الشيطان وجنوده، من الإنس والجن، من اختراق قلوب أهل الهوى والشهوات، «وما أكثرهم»، فأسقطوا معظم أحكام القرآن بقراءات شاذة، لا تعرفها علوم «اللغة العربية»، ولا حملت «مُسمّيات» كلماتها «منظومة التواصل المعرفي».
يقولون لهم إن كل ميراث الآباء، من صلاة وزكاة وصيام وحج وأشهر عربية..، باطل، وليس من دين الله في شيء، وأباحوا للمرأة «المسلمة» أن تتعامل مع الناس، وتصلي، وليس عليها إلا ما يستر السوأتين والثديين والإبطين!!
فلا أدري كيف تكون الصلاة في «المساجد الليبرالية» صلة بالله تعالى، وفيها يقف الرجال بجوار النساء، وهن بهذا اللباس؟!
لقد نجح الشيطان وجنوده، من الإنس والجن، من اختراق قلوب معظم المسلمين، الذين حملوا «الإسلام» دون أن يعلموا عنه شيئًا، والذين «آمنوا» دون أن يدخل «الإيمان» قلوبهم، والذين قالوا «القرآن وكفى» ولا يعلمون الفرق بين الفاعل والمفعول به!!
لقد قلت، وأقول، وسأقول، إن أول صفة وصف الله بها الإنسان قبل أن يصفه بـ «الإيمان» هي «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، فقال تعالى:
«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (تَأْمُرُونَ) بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ (وَتُؤْمِنُونَ) بِاللَّهِ..»
وللأسف الشديد، لا أجد لهذه الصفة أي «فعالية علمية» على شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة فيما يتعلق بأحكام القرآن، التي أصبحت مُباحة لكل «مهرج»، يعمل له حساب في دقيقة، ويصبح مفكرًا إسلاميًا!!
لقد قلت، وأقول، وسأقول، إنه لولا إعجاب المعجبين بهذه القراءات الشاذة للقرآن، ما انتشرت حتى أصبحت ظاهرة تنذر بخطر عظيم.
أرسل لي أحد الأصدقاء «السلفيّين» رسالة على الخاص يقول فيها:
إن ما نشرته من دراسة حول «لباس المرأة المؤمنة المسلمة» كان يمكن أن يحظى بقبول آلاف المعجبين، وتحقق أعلى نسبة إعجاب على شبكات التواصل الاجتماعي، لولا أنك «قرآني»!!
وهل يكتب هذه الدراسة «قرآني»، أو «معاصري»، أو «تنويري»؟!
إنها «العشوائية الفكرية»، التي أنتجت مؤمنين بلا «إيمان».. ومسلمين بلا «إسلام».. وقرآنيّين بلا «قرآن».
محمد السعيد مشتهري