الفرق بين «اللغة» و«اللغو»
لقد حمل كتاب الله الخاتم، «الآية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، والقائمة بين الناس إلى يوم الدين، وقد جاءت «آية قرآنية عقلية» يستحيل أن يأتي بمثل نصوصها إنس ولا جان:
«قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً»
ولقد نزلت نصوص هذه «الآية القرآنية» بـ «لسان عربي مبين»، أي بـ «لغة عربية» كان ينطق بها «لسان العرب» قبل نزول القرآن.
أما «الملحدون المسلمون» فيقولون:
إن مراجع «اللغة العربية» قالت إن «اللغة» من «اللغو»، وقد مدح الله المؤمنين الذين لا يتعاملون مع هذا «اللغو»، أي مع هذه «اللغة العربية»، فقال تعالى:
«وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً»
وعليه، فيحرم على المسلمين التعامل مع «اللغة العربية» وعلومها.
فأقول:
إن «اللغو»، في مراجع اللغة العربية، وفي السياق القرآني، معناه «الكلام الخطأ غير الصحيح» الذي ينطق به «لسان» المتكلم بـ «اللغة العربية»، أو بأي لغة أخرى.
والذي لا ينطق لسانه إلا بـ «اللغو»، هو «المجنون»!!
فما علاقة «اللغة العربية» بـ «لغو» المجانين؟!
تدبروا قول الله تعالى عن أهل الجنة:
«لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً»
إذن فهناك كلام «لغو»، وآخر ليس بـ «لغو».
وقوله تعالى عن «الأَيْمَان»:
«لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ»
وهناك أيْمَان «لغو» وأيمان ليست بـ «لغو».
وقوله تعالى عن موقف الكافرين من القرآن:
«لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ»
فلم تكن حياتهم كلها «لغوًا»، وإنما يفعلون ذلك عند سماعهم القرآن.
إن كل «لغة» من لغات العالم تحمل الحق والباطل، واللغو وغير اللغو، والباطل هو «اللغو»، وليس كل لغات البشر وكلامهم «لغوًا»!!
وعين «اللغو» هو ما ينشره «الملحدون المسلمون» عن أحكام القرآن، خاصة أحكام الصلاة وهيئتها، من قيام وركوع وسجود، ومعلوم لكل ذي بصيرة، لماذا «الصلاة» بالذات!!
إن عين «اللغو» أن يكفروا بـ «اللغة العربية» وبعلومها، في الوقت الذي يستحيل فيه أن تفهم كلمة واحدة من كلمات القرآن دون الاستعانة بمصدرين من مصادر المعرفة:
* «اللغة العربية»:
التي عن طريقها تعلمنا كيف نقرأ القرآن.
* «منظومة التواصل المعرفي»:
التي عن طريقها تعلمنا «مُسمّيات» الكلمة ومقابلها الكوني.
لذلك يستحيل فهم الكلمة دون أن تكون ذاكرتنا المعرفية قد حملت «مُسمّاها»، وهذا على مستوى جميع لغات العالم.
وعلى كل حال، يكفرون بـ «اللغة العربية»، ويقولون لأتباعهم عليكم أن تستبعدوا هذه اللغة من حياتكم..، هم أحرار!!
ولكن الذي ليسوا أحرارًا فيه، أن يقولوا لأتباعهم اكفروا بـ «اللغة العربية»، ثم يذهبون هم يستعينون بها، مستغلين جهل المعجبين!!
يقول أحدهم، عن الفرق بين:
كلمة «يَعْمُرُ»، في جملة: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ»
وكلمة «عِمَارَةَ»، في جملة: «وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»
إن الكلمة واحدة ولها عدة تصريفات:
«عَمَرَ .. يَعْمُرُ .. عِمارة .. تعمير ..عامر»
أقول:
أولا:
كيف يكفر إنسان باللغة العربية، ثم يستعين بمصطلحاتها، التي لا وجود لها في القرآن؟!
فمن أين جاء بمصطلح «تصريفات»، وهل يدري معناه، ومن أين جاء بمعناه؟!
ثانيًا:
يقول إن «الكلمة واحدة»، فأين ذلك في كلمات الآيتين؟!
وإذا كان يقصد كلمة «يَعْمُرُ» في جملة:
«إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ»
وكلمة «عِمَارَةَ»، في جملة:
«وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»
فهل هاتان الكلمتان كلمة واحدة؟!
ثالثًا:
ثم يقول: «والمفعول مُعمر»!!
ولم يشكّل إلا حرف الميم!!
شيء غريب وعجيب، لماذا يستخدم مصطلحات أئمة «اللغة العربية»، ويقول «المفعول»؟!
أين تعلم أن هناك مصطلحًا اسمه «الفاعل»، وآخر اسمه «المفعول»، وهو لا يستعين إلا بالقرآن؟!
ونلاحظ أني أتكلم عن استخدامه «المصطلحات»، التي لم نسمّها نحن، وإنما سمّاه أئمة اللغة، ولا أتكلم عما قد يُفهم ضمنيا من السياق القرآني.
رابعًا:
فإذا ذهبنا إلى مراجع اللغة العربية، وألقينا نظرة سريعة على هذا الباب، نجد مثلا:
إن «مُعَمَّرٌ»، اسم مفعول مِن «عَمَّرَ».
و«مُعمِّر» اسم فاعل من «عمَّرَ».
و«مَعْمُورٌ» اسم مفعول مِن «عَمَرَ»
وبناء على ما جاء به من تصريفات، وهي:
«عَمَرَ .. يَعْمُرُ .. عِمارة .. تعمير .. عامر»
فإنه لم يذكر فيها «عَمَّرَ»، وإنما ذكر «عَمَرَ».
واسم المفعول من عَمَرَ «مَعْمُورٌ»، وليس «مُعمِّر»، التي كتبها «مُعمر»!!
لذلك قلت، وأقول، وسأقول:
إن من الملحدين في أحكام القرآن، من يعيشون في مقابر أمهات كتب الفرقة التي ولدوا فيها، ولا يعلمون شيئًا عن «دين الإسلام» إلا ما تعلّموه على مائدة أئمة هذه الفرقة، لذلك لم يدخلوا «الإسلام» من بابه الصحيح، باب «الآية القرآنية».
ومن الملحدين في أحكام القرآن، من يعيشون في مقابر أمهات كتب الفرقة التي ولدوا فيها، ولا يعلمون شيئًا عن «دين الإسلام» إلا هدم هذه الكتب، لأنهم لم يدخلوا «الإسلام» من بابه الصحيح، باب «الآية القرآنية».
محمد السعيد مشتهري