نحو إسلام الرسول

(835) 22/7/2017 كيف نتعامل مع القرآن (19)

إذا غاب «البيت المؤمن»، فأين نجد «الإسلام»؟!

لقد كان «الإيمان» و«إسلام» الوجه لله تعالى، و«التسليم» لأحكام شريعته» سببًا رئيسيًا في نجاة لوط وأهله من العذاب الأليم.

«فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ»

فتعالوا نبيّن مفهوم هذه المصطلحات:

١- «المؤمن»: هو الذي آمن بأصول الإيمان الخمسة، وقام بتفعيلها في حياته سلوكًا عمليًا.

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ … وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً»

٢- «المسلم»: هو «المؤمن» حال تفعيله أصول الإيمان الخمسة، واقعًا عمليًا في حياته، يشهد بصدق إيمانه، وتسليمه لأحكام الشريعة الإلهية.

«فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»

٣- «المنافق»: هو من أظهر إسلامه وتسليمه لأحكام الشريعة الإلهية، ولم يدخل «الإيمان» قلبه.

«قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»

إن «الإيمان» إقرار بالقلب، و«الإسلام» تصديق لما في القلب بالعمل، لذلك كان:

* «المؤمن المسلم»: من آمن، وأقر، وصدّق.

* و«المسلم المؤمن»: من كان ظاهر حياته التسليم لأحكام الشريعة الإلهية، وأقام ذلك على الأصول الإيمانية الخمسة.

«قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ
(الْمُسْلِمِينَ)»

* وقد تجد «مؤمنًا» أقر بـ «الأصول الإيمانية الخمسة»، ولكن واقع حياته يُكذب هذا «الإيمان»، ولذلك أمر الله «المؤمنين» أن يتقوا الله «حق تقاته»:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»

ولما كان الموت «زماناً ومكانًا وأسبابًا» لا يعلمه إلا الله، كان على الذين آمنوا بأصول الإيمان الخمسة:

«اللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر»

وصدّقت قلوبهم بها، وسلّموا لله تسليما، أن يجعلوا ساعات يومهم، واقعًا عمليًا يشهد بذلك، ولذلك لم يقل الله تعالى:

«وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ مُّسْلِمينَ»

وإنما قال:

«وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ (وَأَنتُم) مُّسْلِمُونَ»

فانظر إلى تكرار الضمير «وَأَنتُم»، لإفادة تلبس حالة «الإسلام» بحياة المسلم، حتى إذا جاءه الموت مات على «الإسلام»، ولا يقول قول الكافرين:

«رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ»

ولما كان «المؤمن المسلم» لا يستطيع وحده أن «يعمل الصالحات»، ولا أن يواجه وحده فتن الدنيا، وهوى النفس، وشياطين الإنس والجن، الذين يحيطون بقلبه من كل جانب، أمر الله المؤمنين المسلمين أن يكونوا على قلب رجل واحد، في مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، فقال تعالى بعدها:

«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً..»

إنها الفريضة الغائبة، فريضة مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، الذي غاب عن حياة المؤمنين المسلمين، بعد أن عجزوا عن مواجهة تحديات إسلامهم، فخرج «الإيمان» من قلوبهم، ولم يبق إلا ظاهر «الإسلام»!!

إنها الفريضة الغائبة، فريضة «وَلا تَفَرَّقُوا»، لقد تفرّق من ادعوا «الإيمان»، و«الإسلام»، و«التسليم» لله تعالى، في أعظم ما نُهاهم الله عنه، وهو التفرق في «دين الله»، على الرغم من أن الله ختم هذه الآية بقوله تعالى:

«كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»

وما زالت القلوب المريضة تتمسك بالتفرق في الدين، ولا يستحون أن يراهم الله على حالهم هذا، بل ويُصرّون على محاربة الله ورسوله رافعين رايات:

«أنا سني، أنا شيعي، أنا معتزلي، أنا خارجي، أنا أباضي… أنا حنفي، أنا شافعي…، ويفتخرون ببرامجهم الفضائية التي تشهد عليهم بالنفاق، الذي هو أخطر أمراض القلوب.

وما زالت القلوب المريضة متمسكة بزينة الدنيا، وتجعلها حاكمة على بناء «البيت المؤمن المسلم»، الذي لو أراد الله أن يُعذب أمة، أخرج منها أهل هذا البيت، ونجاهم من العذاب.

وأنا أرى أن «المعيشة الضنك» تملأ بيوت المسلمين جميعا، مع اختلاف «الكم»، و«الكيف»، و«الجرعة»، وبرهان ذلك لا يخفى على أهل البصيرة.

ويكفي أن أضرب مثلا بأزمة «الزواج»، فيسألونني عن رجال، أو نساء، يستطيعون معهم إقامة بيت الزوجية «المؤمن المسلم»، فلا أملك إلا أن أحيلهم إلى منشورات مبادرة «نحو إسلام الرسول»!!

لقد كان التفاعل مع مبادرة «نحو إسلام الرسول» سلبيًا للغاية، مما يعني أن المسلمين في أزمة إيمانية إسلامية حقيقية، تجعلهم مضطرّون إلى رفع راية «الأمان والتسليم» لأي «زوج» يأتي، أو تأتي، المهم يكون ….

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى