«السرقات الفكرية» جريمة أخلاقية
عندما نعيش في عالم لا يحترم أفراده حقوق الملكية الفكرية، ولا يعلمون أن سرقة واغتصاب «الأفكار»، لا تقل خطورة عن سرقة الأموال واغتصاب النساء..، فإنه عالم لا يستحق الاحترام، فكيف نأخذ من أفراده فهمًا لدين الله ولأحكام شريعته؟!
في الدول العربية والإسلامية المتخلفة، تحولت نعمة شبكة الإنترنت إلى نقمة على المسلمين، وأصبح كل «جاهل» يستطيع أن يصبح نجمًا ومفكرًا إسلاميًا في يوم وليلة، فساحة «الفكر»، بجميع توجهاته، مفتوحة على مصراعيها، «وشيل يا عم وعبي منشورات ذي ما انت عايز»!!
أما في الدول المتقدمة، فهناك قوانين صارمة لحماية حقوق الملكية الفكرية، تصل إلى منع «السُرَّاق» من الكتابة مدى الحياة، لذلك نجد أن الكاتب عندما يستند في كتاباته إلى كلام غيره، ولو كان مصطلحًا واحدًا، فإنه يشير في نهاية كلامه إلى: «اسم الكتاب، المؤلف، اسم الناشر، تاريخ النشر».
لقد كان لشبكة الإنترنت دور كبير في أن أصبح الغلمان «فكريا» نجومًا وأصحاب توجهات دينية سلفية وقرآنية ومعاصرة ومستنيرة، ولماذا لا «ما هو مولد وصاحبه غايب»؟!
يسأل الصديق Hamid Laiadi
«لماذا يا دكتور لا تحاول أن تعمل مقاربة بين جميع المدارس الفكرية الموجودة من سلفية ومستنيرة ومعاصرة وقرآنية وبين توجهك، لأني أرى نقطا كثيرة مشتركة بين مشروعك وتوجهاتهم»
لا يا صديقي
إن ما تراه من نقاط كثيرة مشتركة بين هذه التوجهات ومشروعي الفكري، هو «الزبد» الذي يطفو على السطح، فإذا بحثت عن أصله فلن تجد شيئًا!!
لذلك فإن على جميع الأصدقاء، «وحسب ما أمرنا الله به من إقامة ديننا على علم»، أن يسألوا أصحاب هذه التوجهات المختلفة، عن «المنهجية العلمية والأدوات»، التي على أساسها توّصلوا إلى هذه النقاط المشتركة مع مشروع محمد مشتهري.
وإنَّا منتظرون!!
إن الخطر الكبير الذي قد يغيب عن أذهان الكثير من الأصدقاء، والذي يؤثر تأثيرًا سلبيًا على الفهم الواعي لمفهوم «التدبر»، واستنباط أحكام القرآن، هو:
غياب «المنهجية العلمية»، القائمة على إيمان راسخ بمفهوم «الوحدانية»، ووجوب «تنزيه الله» عن كل ما لا يليق بأسمائه الحسنى، وفاعليتها في هذا الوجود.
مثال:
إن رسول الله محمدًا، هو «النبي الخاتم»، الذي أمر الله الناس جميعًا باتباعه والعمل بنصوص «آيته القرآنية» الدالة على صدق «نبوته»، ولا توجد آية واحدة في كتاب الله تثبت أن الذين لم يؤمنوا به ولم يتبعوا هذا القرآن، سيدخلون الجنة، وقد فصّلت ذلك تفصيلًا في مقال على موقعي بعنوان: «عندما تُحَرِّف القراءات العصرية مفهوم النبوة».
فإذا ذهبنا إلى معظم أصحاب التوجهات المختلفة، الذين يشتركون مع توجهي الفكري في كثير من النقاط، ومنهم أصحاب بدعة «المعجزة العددية في القرآن»، نجدهم يُدخلون الجنة الذين لم يؤمنوا بالنبي الخاتم ولم يتبعوا كتابه!!
والسؤال: كيف يحدث هذا؟!
والجواب: لأنها قراءات قرآنية عصرية مستنيرة، تتفاعل مع القوانين الدولية، ومع منظمات حقوق الإنسان، ولذلك لا مانع عندها من «الإلحاد في الآيات القرآنية» من أجل التطبيع والتقريب بين الأديان المختلفة، ولو على حساب الكفر بـ «نبوة» رسول الله محمد!!
لذلك قلت لكم:
اطلبوا من أصحاب هذه التوجهات الدينية، التي تشترك معي في نقاط كثيرة، أن يخرجوا لكم «المنهجية العلمية، والأدوات» التي أقاموا عليها توجهاتهم، ثم انظروا وتدبروا ما ورد فيها:
هل قامت على «إيمان راسخ» بمفهوم «الوحدانية»، ووجوب «تنزيه الله» عن كل ما لا يليق بأسمائه الحسنى، وفاعليتها في هذا الوجود، وهل التزموا بهذا الذي آمنوا به في منشوراتهم؟!
وإنَّا منتظرون!!
إن «المنهجية العشوائية» توحي لأصحابها أنه لا مانع من «السرقات الفكرية» لأن كله في النهاية سيذهب لصالح «الإسلام»، ولفهم «القرآن»!!
أما «المنهجية العلمية» فترفض «المنهجية العشوائية» شكلًا وموضوعًا، لأنها تخلط بين الحق والباطل، فيحتار الناس في أمر «السُرَّاق»، خاصة عندما يصبحون نجومًا للقراءات المعاصرة والمستنيرة، أكثر شهرة من محمد مشتهري!!
إن «المنهجية العلمية» ترفض «المنهجية العشوائية»، وتفرض على كل كاتب أن يشير إلى المراجع التي استند إليها في كتاباته، وهنا لا يحتار الناس، فلم يعد هناك «سُرَّاق».
محمد السعيد مشتهري