لماذا يكرهون مواجهة حقيقة ما في قلوبهم؟!
ماذا فعل المسلمون في جميع أنحاء العالم بإسلامهم، وماذا قدّموا في سبيله؟!
هل شاهدتم مسلمين يقومون بتفعيل «الآية القرآنية» في الناس، وبين الناس، ليعلم الناس أن «الله» حق، وأن «رسوله» حق، وأن «القرآن» حق، فيدخلون في دين الله من بابه الصحيح، باب «الآية القرآنية»، وليس من باب الفِرقة المذهبية التي أسلموا على يد أحد من أتباعها؟!
هل شاهدتم مسلمين في أي مكان في العالم، يقيمون الشهادة على الناس، «كما أمرهم الله»، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور؟!
هل سمعتم شيئًا عن «الإسلام» إلا عندما تدين الحكومات والمؤسسات الدينية ما تفعله المنظمات الإرهابية في العالم باسمه؟!
هل شاهدتم على شبكات التواصل الاجتماعي منشورات تدعو المسلمين إلى العمل بـ «الفريضة الغائبة»، وهي العودة إلى الإسلام الذي كان عليه الرسول، قبل قيام الفرق والمذاهب المختلفة، مع بيان أنه من مات على حاله هذا من الفُرقة والمذهبية مات مشركًا؟!
إنكم لن تجدوا إلا ما يوافق هوى الأصدقاء، ويكتفي بقراءة القرآن قراءة عصرية مستنيرة، لا تطلب منهم تغييرًا في حياتهم، بل وتضع عن أكتافهم الالتزام بأحكامه، من صلاة وصيام وحج..، وتجعل المرأة حرة في كشف عورتها، وتجعل الأبوين سعداء وهم يشاهدون أبناءهم يرتكبون المنكرات!!
لن تجدوا إلا ما يوافق هوى الأصدقاء، ويكتفي ببيان جمال القرآن، وما يحمله من لمسات بيانية، وبيان أن «الإسلام» رسالة عالمية، تحترم حقوق الإنسان، وتأمر بالتعايش السلمي بين الأديان، وأن على المسلمين الاهتمام بالتفكر في آيات الآفاق والأنفس… إلى آخره.
أي أنكم لن تجدوا إلا كلامًا، وفكرًا إسلاميًا، لا علاقة له بواقع المسلمين، ولا بالفريضة الغائبة التي يَحْرُم على المسلمين الانشغال بغيرها، فريضة:
«أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ»
فريضة:
«وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ. مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»
فأي «إسلام» هذا الذي ينتمي إليه المسلمون، وأي «قرآن» هذا الذي يتدبّرونه؟!
لقد وُلد «الفكر الإسلامي» في أحضان التفرق في الدين، والتخلف الحضاري، وقد غابت «الأمة الإسلامية» منذ ولادته وإلى يومنا هذا، وأصبح المسلمون، «لا فرق بين سلفي وقرآني وعصري ومستنير»، يعيشون في عالم الأفكار والدراسات والقراءات القرآنية!!
إلا أننا نشاهد على أرض الواقع، أن «السلفيين» يتميزون عمليًا بمشاريعهم التجارية والصناعية والزراعية، ونجدهم في منظمات إرهابية تسعى لإقامة دولة الخلافة الإسلامية!!
وفي الوقت الذي نرى فيه السلفيّين يعملون جميعًا من أجل هدف واحد وهو: تحويل «الأفكار» الموجودة في أمهات الكتب، إلى «أعمال» على أرض الواقع، ويشهد واقعهم في البلاد العربية بذلك، فإذا بالتوجهات القرآنية والمعاصرة والمستنيرة تصر على أن تعيش في عالمها، عالم «الترف الفكري»، عالم «لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ»!!
لقد استسلم أصحاب التوجهات القرآنية والمعاصرة والمستنيرة لواقع «الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»، وهم يرفعون راية «يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ»، ولسان حالهم يقول: «ضربوا الأعور على عينه، قال خسرانة خسرانة»، وهذه من ثمار «المنهجية العشوائية» التي أقاموا عليها فهمهم للقرآن.
ومن أعراض مرض «المنهجية العشوائية» عندما يُمسك بالقلب، أنك إذا طلبت من العشوائي اتباع منهج علمي في الحوار، أو اتباع خطوات منهجية في التعليق على منشورات الصفحة، تراه غاضبًا ثائرًا يتلفظ بكلمات لا محل لها من الإعراب، ثم يولي الأدبار!!
ولكن من أخطر أعراض هذا المرض، عرض «تدليس وتلبيس إبليس»، فعندما يجد «العشوائيون» أنهم لا يستطيعون الصمود أمام البراهين العلمية القرآنية التي تحملها منشورات الصفحة، يقومون بإشاعة مسألة لا أصل لها في مشروعي الفكري، فيقولون:
«محمد مشتهري لا يقبل إلا ما وافق فكره، ولا يقبل ما يخالفه»!!
طبعا يستحيل أن يقول هذا الكلام «مسلم عاقل»، اطلع على مشروع محمد مشتهري من على موقعه، وعلم ما هي «المنهجية العلمية» التي أقام توجهه الفكري عليها، وما هي أدوات فهم القرآن التي استنبطها من ذات النص القرآني، والتي تعتبر هذه الصفحة تطبيقًا عمليًا لها.
ويمكن تلخيص هذه «المنهجية العلمية» فيما يلي:
أولا:
تصديق المرء وإقراره بصحة نسبة «كتاب الله» الخاتم إلى الله تعالى، وذلك بناء على الإيمان بـ «الآية القرآنية» التي حملها «كتاب الله» في ذاته، والقائمة بين الناس إلى يوم الدين.
فهل هذه مسألة يختلف عليها مسلم عاقل؟!
ثانيا:
الإقرار بأن الإيمان بـ «الآية القرآنية» هو الباب الوحيد للدخول في «الإسلام»، وعليه فإذا دخل المرء في «الإسلام»، فلا علاقة له مطلقا بواقع المسلمين:
«الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
ولا بتراثهم الديني، سواء كانت علاقة سلبية أو إيجابية، لأنه «أسلم» اليوم، فما علاقته بالأمس الذي لم يكن فيه مسلمًا؟!
فهل هذه مسألة يختلف عليها مسلم عاقل؟!
ثالثا:
إن المعاصرة والاستنارة تبدأ من حيث فعالية «الآية القرآنية» الموجودة بين الناس اليوم، وليس الأمس، وإلا ما كانت «آية إلهية» يشاهدها الناس حية أمامهم، ولأصبحت «خبرًا» تتناقله الألسن، كما كان الناس يفعلون مع «الآيات الحسية» التي أيد الله بها الرسل السابقين، ثم جاء القرآن وأشار إليها باعتبارها قصصًا.
فهل هذه مسألة يختلف عليها مسلم عاقل؟!
رابعا:
إن المعاصرة والاستنارة تبدأ ببيان «الفريضة» التي غابت عن المسلمين قرونا من الزمن، وهي دعوة الناس إلى «الإسلام» الذي كان عليه الرسول، بدراسة وتدبر نصوص «الآية القرآنية» المعاصرة لهم اليوم، واستنباط «المنهجية العلمية» و«الأدوات» التي أمر الله اتباعها عند التعامل مع القرآن.
فهل هذه مسألة يختلف عليها مسلم عاقل؟!
خامسا:
يستحيل أن تكون المعاصرة والاستنارة في المطالبة بتنقية تراث فرقة «أهل السنة والجماعة»، فإن فعلت المؤسسات الدينية ذلك، أصبح المسلمون، الذين يمثلهم «أهل السنة»، يعيشون «الإسلام» الذي أمر الله اتباعه!!
فهل هذا التوجه الفكري يقبله مسلم عاقل؟!
إنهم يضحكون على «الجهلاء» الذين لا يعلمون إلا «المنهجية العشوائية» في التفكير، ويخاطبونهم باعتبارهم «الفرقة الناجية» من بين الفرق الإسلامية!!
وطبعا «الفرقة الناجية» عند القراءات القرآنية والمعاصرة والمستنيرة، هي الفرقة التي نشأ أصحابها في أحضانها، ولا يعلمون غير تراثها ومراجعها الدينية، ولا يرون غيرها واجب التنقية والتجديد والتنوير!!
انظروا، وتابعوا، ما يكتبون، وما يقولون، وأنتم تعلمون!!
وهل هذه مسألة يختلف عليها مسلم عاقل؟!
إن ما سبق بيانه من الأصول التي أقمت عليها مشروعي الفكري، ولم أنشر على هذه الصفحة إلا ما يتعلق بها، فعلى أي أصل من هذه الأصول تختلف معي:
* أيها السلفي المتبع لفرقة من الفرق، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وإذا مت على حالك هذا، مت مشركا، بنص قرآني قطعي الدلالة؟!
* أيها القرآني الذي ترى أن القرآن يُفهم دون الاستعانة باللغة العربية؟!
* أيها العصري الذي صنعت أصول دين جديد يفكك بنية النص القرآني ليسهل عليك تحريف أحكامه؟!
* أيها التنويري الذي لا همّ لك إلا تنقية تراث الفرقة التي تنتمي إليها؟!
* أيها الملحد الذي لا تعلم الفرق بين الفاعل والمفعول ثم تتحدث عن أحكام القرآن؟!
«أَفَلا تَعْقِلُونَ»؟!
محمد السعيد مشتهري