نحو إسلام الرسول

(920) 17/10/2017 على الطريق (34)

على هامش منشور «ادفنوا موتاكم يرحمكم الله»

استيقظوا واخرجوا من «مقابر» الفرق الإسلامية

يعترض بعض الأصدقاء على وصفي للمفكرين القرآنيّين والعصريّين والمستنيرين بـ «الذين يُلحدون في الآيات القرآنية»، ظنًا منهم أني لم أضع في اعتباري الدور الرائد «على حد تعبيرهم» الذي يقومون به في نقد الفكر السلفي، ودعوتهم إلى تنقية أمهات كتب التراث الديني.

والحقيقة أن هذا الدور الذي يقومون به ليس «رائدًا»، وإنما «دور متخلف» ذلك أنهم لا يعلمون أن «دين الإسلام» ليس له إلا «باب واحد» فقط، هو باب «الآية القرآنية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم.

وهذا ما دفعني أن أقول في المنشور المشار إليه:

* «لماذا تُصرّون على محاسبة «الأموات» بعد موتهم، وحسابهم عند الله في الآخرة، إلا إذا كنتم «أمواتًا» تجلسون معهم، والذي نراه أمامنا على الشاشة بثًا مباشرًا من داخل قبورهم؟!»

* «لماذا لم يخلع المسلمون تراث أئمة مذاهبهم الأموات، وظلوا يعيشون معهم داخل قبورهم، قرونًا من الزمن، ولم يبدؤوا حياتهم الإسلامية بصفحة جديدة، ولم يدخلوا دين الإسلام من باب «الآية القرآنية؟!»

والسؤال:

مَن مِن هؤلاء المفكرين الإسلاميين دخل «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية»، وأقام مشروعه الفكري على دعوة المسلمين و«الناس أجمعين» إلى الدخول في «دين الإسلام» من هذا الباب؟!

على حد علمي «لا أحد»!!

لذلك نراهم يحملون اسطوانة واحدة يُذيعونها دائما في وسائل الإعلام، أو في منشوراتهم، لا يملكون غيرها، تحمل نقدًا أو نقضًا لما قاله أئمة سلف «الفرقة» التي ولدوا فيها!!

إنهم لم يدخلوا «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية»، وها هو لسان حالهم يقول:

سندخله «إن شاء الله» بعد أن نكشف للناس ضلال أئمة سلف «الفرقة التي ولدنا فيها»، وبعد أن نُسقط تراثهم الديني كله.

واللافت للنظر، والعجيب حقًا، لماذا تراث «الفرقة التي ولدوا فيها»؟!

والجواب: لأنهم لا يعلمون غير أمهات كتب تراثها الديني!!

وهل هذا من «دين الإسلام» في شيء؟!

ولماذا يوجه النقد والنقض إلى «البخاري» بالذات صاحب «الصحيح»؟!

هل أئمة الحديث، عند جميع الفرق الإسلامية، أجمعوا على أن «كتاب البخاري» هو الذي حمل وحده «الصحيح» مما نسبه الرواة إلى رسول الله؟!

يا أيها «الجهلاء»، «أَفَلا تَعْقِلُونَ»

تعالوا نذكر بعض ما قالوه عن «البخاري وكتابه».

قالوا:

* إن كتابه يحمل مئات الأدلة على «كفره».

* إنه يعادي «الإسلام».

* إنه رجلٌ «مجنون».

* إن الذين يتبعونه «مخابيل»، وعلى رأسهم «داعش».

فإذا سألتهم: ولماذا كل هذه الاتهامات؟!

جاؤوا لك بـ «روايات» من مروياته، التي قُتلت بحثًا ونقدًا ونقضًا من عشرات العقود، ونقلوا ما كتبه «النقاد» السابقون، فظن أتباعهم أنهم مفكّرون مُبدعون، جاؤوا بما لم يأت به أحد من العالمين!!

استيقظوا يا أيها «المسلمون» من سباتكم!!

لقد أصبح طلبة «المرحلة الثانوية» اليوم، يكتبون منشورات في نقد «المرويات» أقوي من حيث أسلوبها وصياغتها مما ينشره كبار نجوم القرآنيّين والمستنيرين، وأصحاب بدعة «القرآن يُبيّن نفسه بنفسهَ»!!

لقد اكتشفوا «كنزًا» على «الشبكة» لا ينفد عطاؤه، ووجدوا فيه دراسات «جاهزة» تنقض متون المرويات، تكفيهم عقودًا من الزمن، يضحكون بها على «الجهلاء» الذين لا يعلمون!!

فها هم «الطلبة» أصبحوا ينافسون «العجائز»، فإذا نظرنا إلى «موضوع» المنافسة، وجدناه من أوله إلى آخره خارج دائرة «دين الإسلام» الذي أمر الله اتباعه.

لذلك نراهم دائما يقعون في شر أعمالهم، و«نفاقهم»، فبعد أن وجّهوا كل هذه الاتهامات لـ «البخاري»، ولمجموعة «المخابيل» الذين يتبعونه، «على حد قولهم»، يعودون فيقولون:

«ولا ننكر أن البخاري صاحب أصح كتاب في الحديث، وأن كتابه يحمل الكثير من الأحاديث المعقولة التي توافق القرآن»!!

فيا أيها «المنافقون»:

كيف تأخذون من «كتاب البخاري» ما يوافق القرآن، وأنتم تقولون إن صاحبه:

«كافر – غير مسلم – مخبول»؟!

إن المنطق الإيماني السليم يقول:

بما أنكم «كَفَّرْتُم البخاري»، لأن كتابه قد أتاه الباطل من بين يديه ومن خلفه، فما أهمية قبول «مروياته» التي توافق القرآن، طالما أن الأصل «الذي هو القرآن» عندنا؟!

إن المنطق الإيماني السليم يقول:

«اكفروا بكتاب البخاري كله»

ولأنهم لا يعلمون شيئًا عن أصول «التفكير العلمي»، ولا عن «علم السياق»، ولا عن كيف «يتدبرون القرآن» بمنهجية علمية تحمل أدوات مستنبطة من ذات القرآن، نراهم يُلصقون دائما هذه الآية في منشوراتهم:

«أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»
فهل يعلمون شيئًا عن معنى هذه الآية؟!

إنهم لا يعلمون غير أن:

«القرآن وكفى» – «لا كتاب مع كتاب الله» – «القرآن يُبيّن نفسه بنفسه»!!

كما أنهم لا يعلمون أنهم إذا ماتوا على هذا «الفهم الباطل» للآية ماتوا كافرين بالله وبالقرآن، لماذا؟!

لأن الدخول في «دين الإسلام» على أساس أن كتاب الله، «القرآن الكريم»، كتاب إلهي كغيره من الكتب السابقة، مصيبة عقدية «إيمانية» كبرى، لن يقبل الله على أساسها إيمان ولا إسلام أحد.

إن «كتاب الله» يحمل في ذاته الآية الإلهية «القرآنية العقلية» التي حملها رسول الله محمد للناس، برهانًا على صدق «نبوته».

فتعالوا نتدبر سياق الآية التي يلصقونها دائما في منشوراتهم وهم لا يعلمون معناها:

* «وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ»

* «قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ»

* «أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ»

* «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»

أو لم يكفكم، يا من تدّعون الإيمان والإسلام، أن كتاب الله يحمل «الآية القرآنية» التي لن يقبل الله من أحد منكم إيمانًا ولا إسلامًا، إلا إذا دخل من بابها؟!

هل تعلمون أنه لا يوجد على وجه هذه الأرض، من يستطيع إثبات صحة «نبوة» رسول الله محمد، عليه السلام، بل وصحة «نبوة» الرسل السابقين، إلا من خلال هذه «الآية القرآنية»؟!

هل تعلمون معنى أن يقيم المسلمون تدينهم على أساس الدخول في «دين الإسلام» من بابه الصحيح، باب «الآية القرآنية»؟!

إن هذا يعني خروجهم من «مقابر» الفرق الإسلامية، أي من عالم «الأموات»، إلى «عالم الأحياء».

إن هذا يعني أنهم خلعوا ثوب «الماضي» بكل ما حمله من أعمال شخصية، وعقائد مختلفة، وتراث ديني مذهبي..، وألقوا به وراء ظهورهم.

فـ «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»

اخرجوا من «مقابر» الفرق الإسلامية.

وادخلوا «دين الإسلام» من بابه الصحيح.

وكفاكم منشورات لا وزن لها في حساب الآخرة.

فقد تركتم «الجاهلية» بكل ما فيها.

«وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»

نعم: «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى