إن [العلماء] لن يتوقفوا عن إنتاج ما فيه ضرر بالبشرية إلا إذا كانوا يخشون ربهم، “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”، فخشية الله تجعل [العلماء] يأخذون بأيدي الناس إلى قمة التقدم الحضاري، من غير تلوث بيئي، ولا أسلحة كيمائية، ولا قنابل نووية. لذلك فرق الله تعالى بين “الذين يعلمون” و”الذين لا يعلمون” في سياق الحديث عن “أولي الألباب”، وبيان أنهم هم الذين أخلصوا عبوديتهم لله عز وجل، فقال تعالى:
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [9] الزمر
تدبر قوله تعالى: “إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ”. وأولوا الألباب هم أصحاب القلوب السليمة. والقلب السليم هو الذي قام صاحبه بتفعيل آلياته التي خلقه الله بها، وكرمه من أجلها على سائر المخلوقات، وجعلها شرطا لدخوله الجنة “إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”.
ولماذا ذكر [العلم] و[أولي الألباب] في سياق هذه الآية؟! لأن المسلم، الذي يعيش في القرن الخامس عشر الهجري، لو قضى حياته كلها يعبد الله في المسجد، ويقوم الليل، ويجاهد في سبيل الله بالنهار، ثم يجعل آليات عمل قلبه [التي هي لب القلب] يجعلها تعيش وتتعامل مع إمكانات ومعارف وثقافة القرنين الثالث والرابع الهجريين، فهذا لا يطلق عليه [عالم]، ولو حصل على أعلى الدرجات العلمية الأكاديمية المحلية أو العالمية، أو كان من كبار المتخصصين في العلوم الدينية، أو في أي عمل من الأعمال المهنية!!
* عندما غاب تفعيل “آليات عمل القلب” من حياة المسلمين أصبحوا في ذيل الحضارة، وعندما قام بتفعيلها غير المسلمين أصبحوا يقودون مسيرة “التقدم الحضاري”!! أفلا تبصرون، وتُنقذون أنفسكم من أسر مذاهبكم الدينية التاريخية المغلقة؟!!!