نحو إسلام الرسول

(805) 3/7/2017 «وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ»

«وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ»

لقد وردت هذه الآية في سياق تعظيم قدر «العلماء»، الذين استطاعوا بأدوات «العلم» أن يقفوا على دلائل الوحدانية، في أدق مسائلها.

يقول الله تعالى:

«مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»

ويقول تعالى في موضع آخر:

«إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا»

«فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ»

فتدبر:

* «وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ»

* «لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»

* «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ»

إن الله تعالى لن يقبل إيمانًا «وراثيًا»، ولا إسلامًا «تراثيًا».

إن باب الدخول إلى الإيمان الحق، والإسلام الصادق، هو «العلم».

وإن القاعدة التي ينطلق منها «العلم» هي «الدين» الذي ارتضاه الله للناس، قال تعالى:

«وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً»

إن الله تعالى لن يقبل إلا «الدين الإسلامي»، قال تعالى:

«وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ»

إن «الدين الإسلامي»، الذي «ارتضاه الله للناس» ليس مسؤولا عن أمة انتسبت إليه بـ «الوراثة»، فأنتجت أجيالًا من «الجهلاء»، لا يعلمون أن «الإسلام» الذي حمله «القرآن» الذي بين أيديهم، مدرسة علمية، لا تفتح أبواب إلا لطلاب «العلم».

إن «القرآن» الذي حمل الإسلام للناس، «آية عقلية»، هي البرهان الوحيد الذي يملكه المسلمون على «صدق الله» الذي أنزله، و«صدق الرسول» الذي بلغه.

وعندما نكون أمام «آية عقلية»، وليست «حسية»، يصبح «العلم» شرطًا أساسًا للدخول في «الإسلام»، وبرهان ذلك:

* لقد آمن أتباع «الرسل السابقين» بكتبهم، ودخلوا في «الإسلام»، بناء على «آية حسية» شاهدوها بأعينهم.

* أما أتباع رسول الله محمد، فلم يؤمنوا بـ «القرآن»، ولا دخلوا في «الإسلام» إلا بعد أن أقرّوا وصدّقوا بأن هذا «القرآن» كلام الله، وذلك بناء على «العلم» القائم على آليات التفكر، والتعقل، والتدبر، والنظر.. «آليات عمل القلب».

إن الله عندما خاطب المنافقين، الذين تعاملوا مع القرآن على أساس ظاهر نصوصه، ليثيروا حوله الشبهات، «كما يحدث اليوم على شبكات التواصل الاجتماعي»، لفت نظرهم إلى أن هذا القرآن «علم»، وأن هذا «العلم» له «مفاتيح»، فقال تعالى:

«أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»

لقد كان على أتباع «النبي الخاتم» أن يكونوا «علماء» في كافة التخصصات العلمية، أي أن يكونوا على «علم» بأي تخصص علمي يعملون فيه، وليس شرطًا أن يكونوا هم أنفسهم أهل هذا التخصص.

لقد كان على أتباع «النبي الخاتم» أن يتحروا الدقة في أي شيء يخرج من أفواههم، وذلك بـ «العلم»، فتدبر:

«وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً»

إن القفو، هو الاتباع، وجميع أتباع التوجهات الدينية، منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا، مقلدون تابعون بغير علم، ونادرا أن تجد من يبحث وراء قول داعية، أو منهج مفكر إسلامي، ليعلم هل هو حق أم باطل، ولكن:

«وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ»

إننا عندما نتحدث عن «العلم»، فنحن نتحدث عن «منهج وأدوات»، يجب على من يريد أن يكون «عالمًا»، أن يتحمّلها، فإذا أردت أن تكون عالمًا متدبرًا للقرآن، فاذهب وتحمّل أدوات تدبر القرآن أولا، وسأعطيكم مثالا:

إن جميع الشعوب العربية، قبل أن تنطق ألسنتها بالجمل العربية التي تعبر عن مراد المتحدث، تعلمت أحرف الهجاء، ثم الكلمة المكونة من هذه الأحرف، ومسمى هذه الكلمة بـ «الصورة».

وإن الكلمة عبارة عن: اسم، وفعل، وحرف، فإذا أخذنا مثالًا للحرف، وقلنا للطالب: ما معنى حرف «على»، وهو لم يسبق له أن رأى بعينه معنى هذا الحرف بالصورة، فيستحيل أن يجيب على السؤال.

لقد تعلم العرب جميعا صورة الحرف «على»، وهم أطفال، بوضع شيء فوق شيء، ثم عندما وصلوا إلى مرحلة متقدمة من التعليم، تعلموا أن هذا الحرف اسمه حرف «الاستعلاء»، أي أن هناك شيئًا يعلو فوق شيء.

وهذا المعنى العام لحرف «على»، الذي يعرفه كل الناس، دليله من القرآن هو قوله تعالى:

«وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً»

ولكن، تعالوا نفهم الآيات التالية على أساس هذا المعنى العام، وأن «على» حرف استعلاء.

سآتي بعشر آيات فقط، كمجرد مثال، لبيان حجم المصيبة الفكرية والعلمية التي يعيش بداخلها من يؤمنون بأن «القرآن يُبيّن نفسه بنفسه»:

١- «فَخَرَجَ (عَلَى) قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ»

٢- «وَيَتُوبُ اللَّهُ (عَلَى) مَنْ يَشَاءُ»

٣- «وَلَمَّا دَخَلُوا (عَلَى) يُوسُفَ»

٤- «وَيَطُوفُ (عَلَيْهِمْ) وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ»

٥- «وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ (عَلَى) حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا»

٦- «وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ (عَلَى) مَا هَدَاكُمْ»

٧- «وَآتَى الْمَالَ (عَلَى) حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى»

٨- «وَ(عَلَى) اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ»

٩- «هَلْ أَتَّبِعُكَ (عَلَى) أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً»

١٠- «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (عَلَيْكُمْ) أَنفُسَكُمْ»

إن هذا «حرف واحد» من حروف كلمات القرآن، يستحيل فهم معناه من داخل القرآن.
فماذا عن «الكلمة»، وعلى الصفحة مئات الكلمات يستحيل أن تأتي بمعناها من داخل القرآن.

ثم ماذا عن «الآية»، وخاصة آيات الأحكام، التي يستحيل أن تأتي بمعاني كلماتها من داخل القرآن، ولقد كانت المنشورات الثلاثة السابقة قاصمة لظهر كل من يدعي أن القرآن يبين نفسه بنفسه.

وها أنا، في «مقام العلم»، أعلنها صراحة وبكل قوة:

إن الذي يعتقد، أن «القرآن يبين نفسه بنفسه»، ومات على هذا الاعتقاد، مات كافرا بأصول الإيمان الخمسة، وهي:

«وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً»

إن «أصول الإيمان» منظومة متكاملة، يسجد لها القلب المؤمن «السليم»، أما «المنافق»، فيؤمن ببعض ويكفر ببعض.

ملاحظة:

لقد أغلقت باب الحوار مع «عاطف الحاج وشركائه»، من قبل أن يكتب على حسابه أنه سيحذف صداقتي.

ولكن ما أريد أن ألفت نظر من يريد أن يتعلم كيف يتعامل مع القرآن حسب أصول البحث العلمي، إلى ضرورة متابعة ما يكتبه الآخرون، للوقوف على طبيعة المناهج التي يتبعونها في التعامل مع القرآن، وخاصة أصحاب ظاهرة «القرآن يبين نفسه بنفسه».

لذلك من الضروري الاطلاع على ما كتبه «عاطف الحاج» بعد هذه الصدمة العلمية التي أصابته بسبب المنشورات الثلاثة، للوقوف على كيف يفكر الرجل، وعلى أي أساس علمي يتعامل مع القرآن.

لقد كتب أولا:

«أدعو الله سبحانه أن يهديكم لاستيعاب القول بيان القرآن من داخل القرآن نفسه»
ثم كتب يقول:

«ربما قولي بيان القرآن من القرآن هو قول غير مفهوم، هذا منشور يوضح ما أهدف اليه»

ثم كتب يقول:

«وهذا منشور آخر يبين كيف أفهم القرآن من القرآن»

برجاء تدبر ما قال في هذه المنشورات، للوقوف على مدى التخبط الذي يصيب أي إنسان يتعامل مع القرآن دون منهجية علمية، وأدوات مستنبطة من ذات النص القرآني.

وإلى المنشور التالي: «الأنعام وبهيمة الأنعام»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى