نحو إسلام الرسول

(896) 22/9/2017 على هامش منشور «ملك اليمين بريء من الاسترقاق الجنسي»

نقل الصديق يوسف أحمد جباعته على صفحته تحت عنوان «ملك اليمين غير عاقل» جزءًا من هذا المنشور، فقال:

«يرى د. محمد المشتهري في منشوره الأخير حول ملك اليمين أن سبب ذلك هو نظرة الناس الدونية لملك اليمين فيقول حرفيا:

«من أجل ذلك، وباعتبار ما سبق، جاءت كل الآيات التي وردت فيها كلمة ملك يمين، باستثناء آية واحدة، مسبوقة باسم الموصول «ما»، الذي يستخدم لغير العاقل، مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، لبيان كيف كان الناس ينظرون إلى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ»

* ثم عقب بقوله: «والحقيقة أن هذا برأيي غير صحيح»

* ثم بَيّن ما جعله يقول إن ما جئت به في المنشور عن استخدام «ما» غير صحيح، فقال:

«نظرة بسيطة الى آيات مثل قوله تعالى: «فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ» تجعلنا نقف ونعيد حساباتنا في فهمنا لهذه الكلمة (ما)»

* ثم بَيّن لماذا يجب أن نعيد حساباتنا في فهمنا لكلمة «ما»، فقال:

«وقوله تعالى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ، تعني انكحوا الطيب من النساء، وهنا يتحدث عن صفة لعاقل».

أولًا:

تعالوا نتدبر ما قلته في سياق الحديث عن اسم الموصول «ما»، وعلاقته بموضوع «ملك اليمين»، قلت:

«لقد كانت النظرة إلى الرقيق، الذين أصلهم أحرارًا، نظرة دونية تهدر إنسانيتهم، وتتعامل معهم باعتبارهم حيوانات يملكها الأسياد ويُسخّرونها لخدمتهم، ويفعلون معهم ذكورًا أو إناثًا ما يشاؤون».

ثم قلت بعدها مباشرة:

«من أجل ذلك، وباعتبار ما سبق، جاءت كل الآيات التي وردت فيها كلمة ملك يمين، باستثناء آية واحدة، مسبوقة باسم الموصول ما، الذي يستخدم لغير العاقل، مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، لبيان كيف كان الناس ينظرون إلى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ».

إذن فالقارئ الجيد، الذي يعلم معنى التدبر، يعلم أني أتحدث عن نظرة الناس إلى «الرقيق»، وكيف كانوا يتعاملون معهم، وليس عن أن «الرقيق» أنفسهم، بلحمهم وشحمهم، يستحقون هذا الوصف.

وطبعا الفرق كبير!!

ثانيًا:

إن البحث عن استعمالات «أسماء الموصول» في اللغة العربية»، ومنها «ما»، لن يستغرق من الباحث دقائق، وقد فعل ذلك الصديق يوسف، وهذا واضح من تعليقه وما قاله فاضل السامرائي وغيره عن استعمالات اسم الموصول «ما»، وقد فعل ذلك أيضا من قاموا بالتعليق على صفحته، وهذا ليس عيبًا.

وإنما «العيب» أن ننقل للناس ما لم نفهمه.

يقول الصديق يوسف:

«وقوله تعالى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ، تعني انكحوا الطيب من النساء، وهنا يتحدث عن صفة لعاقل».

نلاحظ قوله: «عن (صفة) – لـ (عاقل)».

إن الذين نقل عنهم يٌميّزون بين «الصفات»، وبين «ذوات» الأشياء الموصوفة، وهل هي عاقلة أم غير عاقلة، وعلى هذا فمجيء اسم الموصول «ما» في سياق هذه الآية لا يتعلق بـ «ذات» المرأة، وإنما بـ «صفاتها» بوجه عام.

ثالثًا:

إن أنواع اسم الموصول «ما» تزيد على «أربعين» نوعًا، ومنها:

* أنها تستعمل للعاقل إذا اختلط به غير العاقل، مع تغليب الأكثر على الأقل، لذلك نجد أن الله يقول في موضع:

«يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ»

وفي موضع آخر يقول:

«يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ»

* عندما أراد الله أن يُبيّن لنا فعالية أسمائه الحسنى، وصفاته العليا، أشار إلى ذلك باسم الموصول «مَا» ولم يأت بـ «مَنْ»، فقال تعالى:

«وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا»

ولم يقل «وَالسَّمَاءِ و(مَنْ) بَنَاهَا»

لأنه سبحانه يريد أن يلفت النظر إلى «الكيفية» وليس إلى الذات:

«أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ (كَيْفَ) خُلِقَتْ. وَإِلَى السَّمَاءِ (كَيْفَ) رُفِعَتْ. وَإِلَى الْجِبَالِ (كَيْفَ) نُصِبَتْ. وَإِلَى الأَرْضِ (كَيْفَ) سُطِحَتْ»

كما قال تعالى ردًا على الكافرين، ومخاطبا رسوله محمدًا:

«لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ»

فلماذا لم يقل الله تعالى: «وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ (مَنْ) أَعْبُدُ»

وإذا كان الجزء الأول من الآية يصح «لغويًا»، باعتبار أن المشركين يعبدون أحجارًا غير عاقلة، لذلك جاء بـ «ما»، فهل يصح أن تستعمل «ما» أيضا عند الحديث عن عبودية
النبي لله تعالى؟!

* من أجل ذلك قلت وأقول وسأقول:

لا فهم لكتاب الله، ولا تدبر لآياته، ولا حكمة في استنباط أحكامه، بمعزل عن اللغة العربية وعلومها، والذين ينكرون ذلك هم «الملحدون» الذين يريدون العبث بأحكام القرآن، دون أن تمسك عليهم شيئا يمكن مناقشتهم فيه «علميا»!!

إن الله تعالى لا يريد من الناس البحث عن ذاته، وإنما عن فعالية صفاته وأسمائه الحسنى، فإذا كان المشركون يعبدون أشياءً ملموسة يراها الناس ويعبثون بها دون مشاهدة فعالية ألوهيتها في الكون، فإن الله تعالى لا يراه أحد، فإن ذرات الكون تشهد بوحدانيته.

رابعًا:

ومن استعمالات «ما» أنها تشير إلى «صفة» الشيء وفعاليته في حياة الناس، كقوله تعالى:

«فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ»

فالحديث هنا عن «صفة» الطيّب، وليس عن «ذات» النساء، لأن الله لو قال:
«فَانكِحُوا (مَنْ) طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ»

لتوجه الذهن إلى البحث عن «النساء الطيبات» المعروفات بهذه الصفة بين المخاطبين، ولكنه يريد الحديث عن كل «ما» هو «طيب»، سواء كان ظاهرًا أم باطنًا.

لذلك جاء باسم الموصول «ما» ليَفْهَمَ ذلك من له دراية بـ «لسان العرب»، الذي حملته مراجع «اللغة العربية»، التي بين أيدينا اليوم.

فإذا أردنا مثلا أن نسأل صديق عن اسم المرأة التي تزوجها، وعن حَسَبِها ونَسَبِها، فإننا نقول له: «مَن تزوجت»؟!

أما إذا أردنا أن نسأله عن صفاتها، وما إذا كانت بكرًا أم ثيبًا، فإننا نقول له: «ما تزوجت»؟!

خامسًا:

وهل أنا عندما تحدثت عن «ملك اليمين»، وعن لماذا استعمل السياق اسم الموصول «ما» الذي يستعمل لغير العاقل، ولم أقل: «الذي (لا) يستعمل (إلا) لغير العاقل»
هل كنت أتحدث عن «الذوات» أم عن «الصفات»؟!

كنت أتحدث عن «الصفات»، التي وصف الناس بها «ملك اليمين»، بدليل قولي في الفقرة التي لم يأت الصديق بها في تعليقه على المنشور وهي:

«لقد كانت النظرة إلى الرقيق، (الذين أصلهم أحرارًا)، نظرة دونية تهدر إنسانيتهم، وتتعامل معهم باعتبارهم حيوانات…»

وهذا ما جعلني أقول، حسب ما أعلمه من علوم «اللغة العربية»، أن مجيء اسم الموصول «ما» مصاحبًا لـ «ملك اليمين»، لا شك أن له حكمة، فما هي هذه الحكمة؟!

قلت بعدها:

«من أجل ذلك، وباعتبار ما سبق، جاءت كل الآيات التي وردت فيها كلمة ملك يمين، باستثناء آية واحدة، مسبوقة باسم الموصول ما، الذي يستخدم لغير العاقل، مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، لبيان كيف كان الناس ينظرون إلى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ»

وهذه هي الفقرة التي علق عليها الصديق يوسف بقوله:

«والحقيقة أن هذا برأيي غير صحيح»

سادسًا:

عندما سأله الصديق «يوسف نور»:

ولماذا لم تدخل على صفحة الدكتور مشتهري وتكتب هذا الذي كتبته على صفحتك؟!
رد عليه بقوله:

«لأنها نقطة لغوية فرعية لم أشأ توسعة النقاش فيها على صفحته، وللإنصاف أشرت
إليه، مع احترامنا له دوما»

طبعا … لا تعليق

محمد السعيد مشتهري

ملاحظة هامة:

إذا أراد الصديق يوسف أحمد التعليق على هذا المنشور، فعليه الالتزام بشروط التعليق التي لا شك أنه أصبح يحفظها عن ظهر قلب، وأن يبدأ بنقل الجملة أو الفقرة من المنشور، ثم يكتب تحتها وجهة نظره، يليها الآيات القرآنية التي تؤيد وجهة نظره، وغير ذلك سأحذف التعليق حتى لا ندخل في منظومة الجدل العقيم التي السمة الرئيسة لأصحاب الحسابات والصفحات الأخرى

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى