علمت من مدرسة “تدبر القرآن” أن أتباع الرسل أسلموا، في أول الأمر، بناء على “الآيات الحسية” الدالة على صدق “نبوة” الرسل، وصدق “بلاغهم” عن الله، وعلى هذا الأساس آمنوا واتبعوا الكتاب الذي أنزله الله عليهم. وبعد موت الرسل، وانقطاع “الوحي”، وغياب “النبوة”، ومعها “الآيات الحسية”…، انحرف الأتباع عن الكتاب الإلهي، وتفرقوا إلى شيع وأحزاب، وكتبوا كتبا لم يأذن بها الله تعالى، وافتروا علوما دينية تجعل حجية هذه الكتب كحجية كتاب الله، لتأخذ قدسية في قلوب الأتباع، ولولا هذه العلوم المفتراة لسقطت هذه الكتب من قلوبهم!! وفي سياق بيان الله لافتراء أتباع الرسل الكذب على الله ورسله، يضرب الله المثل بأتباع عيسى، وهو الرسول الذي سبق رسول الله محمد، عليهما السلام، فيقول تعالى في سورة المائدة:
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ [116] مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [117]
نتدبر جيدا هذه الآيات، لنعلم أنه يستحيل، مطلقا، أن يُنزل الله على رسول شريعة [أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي “بِحَقٍّ”] ولا يعلم الرسول شيئا عنها في حياته [وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ]!! [يتبع]