نحو إسلام الرسول

(878) 10/9/2017 عندما يغيب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» عن «البيت المسلم»

لقد ذكرت في المنشور السابق، «قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً»، أن من التحديات التي تواجهها بيوت المسلمين، عدم تفعيل فريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بين أفرادها، وكيف أن الله تعالى قدّم العمل بهذه الفريضة على «الإيمان بالله»، فقال تعالى:

«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ»

ومعلوم أن المقصود بـ «الأمة»، هؤلاء الذين آمنوا برسول الله محمد وبرسالته، ودخلوا في «دين الإسلام» الذي أنزله الله عليه، ليخرج الناس «كافة» من الظلمات إلى النور، قال تعالى:

«الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»

فهل هناك «أمة مؤمنة مسلمة» لا تنطلق من «بيوت مؤمنة مسلمة»، تقوم بتفعيل فريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بين أفرادها؟!

إن الالتزام بأحكام القرآن، ومنها «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، يكون بعد الإقرار بأصول «الإيمان الخمسة» والدخول في «الإسلام».

إذن فقد جاء تقديم «تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ»، على «وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ»، مع أن المخاطبين يؤمنون بالله أصلا، جاء ذلك من باب ما يُعرف بـ «مقام الكلام»، أي لبيان أهمية فريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ومقامها عند الله.

فلماذا غابت فريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» عن بيوت المسلمين؟!

ثم تعالوا نفهم علاقة ما سبق بقوله تعالى بعده:

«وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ»

فماذا يعني «وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ»؟! بأي شيء يؤمنون؟!

يؤمنون بـ «النبي الخاتم» رسول الله محمد، ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:

«ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ»

ثم تدبر ماذا قال تعالى بعدها:

«وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»

فماذا يعني «فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»، وإلى من يوجه ضمير الخطاب في هذه الجملة، وفي التي بعدها:

«أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ..»؟!

ثم تدبر ماذا قال تعالى بعدها:

«فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ»

«فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا»

«سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ»

فكيف يدخلون الجنة، و«سُوءَ الْعَذَابِ» ينتظرهم في الآخرة؟!

فإذا ذهبنا إلى المفكر الإسلامي «محمد شحرور»، ومفهومه عن أركان «الإيمان» وجدناه يقول:

«من هنا نرى أن أركان الإيمان لا تتضمن التسليم بوجود الله واليوم الآخر والعمل الصالح، فتلك أركان الإسلام»

ويقول: «وعلى هذا تصبح أركان الإيمان بمحمد (ص) ورسالته تقوم على محاور، نلاحظ أنها توجهت جميعاً في التنزيل الحكيم إلى المؤمنين بالله واليوم الآخر والعمل الصالح».

وطبعا يقصد «محمد شحرور» بقوله: المؤمنين بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، أي «المسلمين»، الذين هم معظم أهل الأرض، حسب مفهومه لـ «الإسلام».

ثم انظروا وتدبروا «أركان الإيمان» من وجهة نظر «محمد شحرور»:

١- الإيمان بمحمد (ص) وبما أنزل عليه

٢- إقام الصلاة

٣- إيتاء الزكاة

٤- صوم رمضان

٥- حج البيت

٦- الشورى

٧- القتال في سبيل الحرية ورفع الظلم ولا إكراه في الدين

فإذا عدنا إلى حديث الله عن «خير أمة أخرجت للناس»، وأنها مجموع الذين آمنوا بـ «النبي الخاتم محمد»، الذين وصفهم الله بقوله:

«تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ»

وإلى قوله تعالى مخاطبا أهل الكتاب «اليهود والنصارى»:

«وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ»

نجد أن هذه الآية من البراهين القرآنية التي تنسف مفهوم المفكر الإسلامي «محمد شحرور» للإسلام والإيمان الذي أقام عليه كتابه «الإسلام والإيمان – منظومة القيم»، هذا لو كان هو ومن يتبعه أهل التدبر!!

ذلك أن النتيجة المنطقية تقول إن على أهل الكتاب، أي على «اليهود والنصارى» أن يؤمنوا برسول الله محمد، لأن إيمانهم به خيرٌ لهم، وقد آمن فعلا فريق منهم «مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ»، وكثير من الآيات تشهد بذلك.

وعليه، هل يصح «عقلا»، قبل أن نقول «شرعًا»، أن يدعي «محمد شحرور» أن أركان الإسلام هي:

«الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح»

فقط لا غير، دون فريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»؟!

نعم، يصح من منطلق قراءاته القرآنية المعاصرة، التي تهدف إلى قلب جميع أحكام القرآن رأسًا على عقب، ومنها فريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

وليس فقط لهدم «القاعدة الإيمانية» التي يجب أن يقوم عليها كل بيت «مؤمن مسلم»، وهي «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وإنما لهدم قواعد «الإسلام» كلها، حتى يأتي اليوم الذي لا تستطيع فيه أن تميز بين «البيت المسلم»، وبيوت جميع الملل والنحل التي على هذه الأرض.

لقد بدأت الرد على «محمد شحرور» فيما يتعلق بتفكيكه بنية المفهوم الصحيح للفرق بين «الوالدين» و«الأبوين» بالمنشورات التالية:

١- «لا تَظْلِمُوا أبناءكم ثم تعاقبوهم»

٢- «لا تُربّوا في بيوتكم أجيالاً من الملحدين ثم تُعاقبوهم»

٣- «قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً»

٤- هذا المنشور

ويبقى منشور واحد، ثم نعود لاستكمال الرد على فتوى «محمد شحرور» بخصوص إباحته زواج المسلمة من غير المسلم، وكيف نفهم في هذا السياق قوله تعالى «الآية ٥» من سورة المائدة:

«الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ… وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ..»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى