نحو إسلام الرسول

(871) 31/8/2017 دفاعاً عن القرآن (18)

«لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ»

يدعي «محمد شحرور» أن مرجعه الأساس الذي يستعين به في قراءاته القرآنية المعاصرة، هو «مقاييس اللغة لابن فارس»، فهل فهم ابن فارس «الإيمان»، و«الإسلام» كما فهمه «محمد شحرور»؟!

فعلى سبيل المثال، يقول ابن فارس عن «الإيمان»:

«أمن»، الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان:

* أحدهما «الأمانة»، التي هي ضد الخيانة ومعناها سكون القلب.

* والآخر «التصديق».

فتعالوا نرى العلاقة بين ما قاله «ابن فارس»، وما ذهب إليه «محمد شحرور» تحت عنوان «الإيمان والمؤمنون»، من أن «الإيمان» نوعان:

١- الإيمان «بالله واليوم الآخر والعمل الصالح»، ويسميه «الإسلام».

٢- الإيمان بـ «النبي محمد» وكتابه، وأداء الشعائر من «صلاة وزكاة وصيام وحج..»، ويسميه «الإيمان».

ويربط بينهما بقوله:

إن «الإسلام» في النوع الأول، هو «الإيمان الأَوَّلِي» بـ «الله واليوم الآخر والعمل الصالح».

ليصل إلى أن أهل الأرض «مسلمون» مصيرهم «الجنة»، لأنهم يؤمنون بـ «الإيمان الأَوَّلِي»، وإن لم يؤمنوا بالنوع الثاني، الذي هو «الإيمان» بالنبي محمد، ولم يؤدوا الشعائر من «صلاة وزكاة، وصوم، وحج..»!!

فانظروا وتفكروا واعقلوا كيف قامت «القراءات القرآنية المعاصرة» على «مناهج عشوائية»، تستخدم آلية «قص» الآيات من المصحف، و«لصقها» في الكتب والمقالات، ثم يكون الضحية هم «المساكين» الذين لا يعلمون، ولا يدرسون، ولا يتدبرون القرآن!!

ألم يقرأ المفكر الإسلامي «محمد شحرور» يومًا، أو سمع، عن قوله تعالى:

«إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً»

ألم يعلم أن:

١- «اليهود» آمنوا بموسى والتوراة، ولما جاءهم عيسى كفروا به وبـ «الإنجيل»؟!

٢- أن «النصارى» آمنوا بعيسى والإنجيل، ولما جاءهم رسول الله محمد كفروا به وبـ «القرآن»؟!

٣- أن «اليهود والنصارى»، الذين لم يرد ذكرهم في القرآن إلا في سياق «الذم»، كفروا بـ «النبي محمد»، وبـ «آيته القرآنية»؟!

أنا لا أتصور أن يصل «محمد شحرور» إلى هذا المستوى من «الجهل» بعلم «السياق القرآني»، وبمنظومة «التدبر»، ويتبعه الآلاف، إلا إذا كانوا «جهلاء»، أو من أهل «الهوى والشهوات»!!

لقد قال «الكافرون» في عصر التنزيل:

«نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ»

ويقول «محمد شحرور» وأتباعه، ليس من «الإسلام» وجوب الإيمان بـ «النبي محمد»!!

إذن فالهدف واحد: أن يفرّقوا بين الله ورسله، وعليهم أن ينتظروا جزاء من قالوا بهذا في عصر التنزيل:

«أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً»

وتدبروا لماذا جاء الله في هذا السياق بلفظ «حَقّاً»:

«أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقّاً»

لبيان أنهم قد بلغوا حد الكفر الذي لا كفر بعده، لذلك عقب بعدها بما يقابل هذا الكفر بقوله تعالى:

«وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً»

فهؤلاء «الجهلاء»، الذين يتبعون أصحاب المناهج «العشوائية» القائمة على استقطاع الآيات من سياقاتها، ويقولون إن أتباع «الملل والنحل» الذين آمنوا «بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالعَمِل الصَالِح» سيدخلون الجنة لأنهم «مسلمون»، وأن الله هو الذي وعدهم بذلك، بقوله تعالى:

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»

ولكي نفهم هذه الآية، وغيرها، علينا أن نتدبر سياق الآيات المتعلقة بموضوعها، فأقول:

لقد جاءت هذه الآية من سورة البقرة، وسط سياق ذم بني إسرائيل، لأنهم قابلوا نعم الله بالكفر، فاستحقوا الذلة والمسكنة والغضب من الله.

فبرجاء أن نتعلم كيف نتعامل مع القرآن، ولا نستقطع الآيات من سياقاتها، فنفتري على الله الكذب، ثم نخرج إلى الناس بـ «قراءات قرآنية معاصرة»!!

فهذا هو «القرآن» أمامكم، فتدبروا إن كنتم من أهل «التدبر»:

* «وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ..»

* «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى…»

فلماذا تقفون عند هذه الآية ولا تستكملون السياق الذي يبين لكم كفركم وإلحادكم، وأنتم تُدخِلُون الكافرين بنبوة موسى عليه السلام «الجنة»، فتدبروا ماذا قال الله بعدها:

* «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ…»

* «ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ…»

* «وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ..»

* «فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ»

إن سياق الآيات يخاطب ذرية بني إسرائيل المعاصرين لرسول الله محمد، يذكرهم بما فعله آباؤهم برسول الله موسى، ويبيّن لهم أن باب التوبة ما زال مفتوحًا، فإن تابوا واتبعوا النبي الخاتم:

«فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»

لأنه لا يعقل، وسط هذا التبكيت، وهذا الترهيب…، أن يبيح الله لـ «أهل الكتاب» أن يبقوا على دينهم، ولا يتبعوا «النبي محمد»، ويقول:

«وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»

فما هذا «الجهل» الذي ليس هو المقابل لـ «العلم»، وإنما المقابل لـ «الهوس الديني» الذي يجعل الإنسان لا يعلم ما يقول؟!

فيا من تدافعون عن جهل وإلحاد المفكر الإسلامي «محمد شحرور» استيقظوا من هذا الجهل، ومن هذا الإلحاد، وتعلّموا كيف تتعاملون مع نصوص «الآية القرآنية»، قبل أن يأتيكم «الموت» بغتة وأنتم لا تشعرون، فيكون مصيركم مصير هؤلاء الذين فرقوا بين الله ورسله!!

لماذا تُصرّون على ألا تكونوا مع الذين قال الله فيهم:

«وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى