عندما يقلب «محمد شحرور» أصول الدين رأسًا على عقب
يقول الله تعالى «إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ»
ويقول محمد شحرور «إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِسْلام»
٣- استكمالا لموضوع المنشور السابق، تعالوا نفهم السياق القرآني المتعلق بموضوع الآية:
«قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»
لقد نزلت أحكام القرآن تتعامل مع «المسلمين» على أساس التزامهم «الظاهري» بهذه الأحكام، حتى ولو كانوا منافقين يبطنون الكفر، فالإسلام له «الظاهر»، أما ما في القلب فلا يعلم حقيقته إلا الله.
ومن الآيات التي بيّنت هذا الأصل الإيماني قوله تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا، وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ..»
يتحدث سياق الآية عن قتال في سبيل الله، وأن المنتصر سيحصل على الغنائم «فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ»، وقد يحدث خلال المعركة، وبعد تمكن (المؤمنون) من أعدائهم، أن يُلقي أحد المحاربين عليهم «السلام»، لإعلامهم أنه «مسلم».
ومع أن هذا الإعلام قد يكون كاذبًا، وأن هذا المحارب لم يلق السلام إلا خوفا من الموت أو الأسر، أمر الله المؤمنين التعامل معه على أساس هذا الذي أظهره من «الإسلام».
ولكن لماذا نهاهم الله أن يقولوا له «لَسْتَ مُؤْمِناً»، والمناسب للسياق أن يقولوا له «لَسْتَ مُسْلِمًا»، باعتبار أنه ألقى إليهم «السلام»؟!
لأن «الإسلام»، و«التسليم»، و«السّلام»، والالتزام بأحكام القرآن، قولا وعملا، هو البرهان على صدق ما في القلب من إقرار بـ «أصول الإيمان»، وهذا ما بينه الله في موضع آخر، فقال تعالى:
«فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»
أي أن البرهان على صدق «الإيمان» هو إعلان «الإسلام» والانقياد والتسليم لأحكام القرآن، لأنهما متلازمان متناغمان.
وعليه وصف الله الذي ألقى «السلام» بـ «المؤمن» باعتبار «الظاهر» الذي أعلنه، والذي من المفترض أن ينطلق من قاعدة إيمانية راسخة.
فإذا انفصل «الظاهر» عن «الباطن»، وانفصل «الإسلام» والعمل بأحكامه، عن «الإيمان» والإقرار بأصوله، فهذا هو عين «النفاق»، الذي بينه القرآن بقوله تعالى:
«قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»
لقد جاءت هذه الآية لبيان الفرق بين «الإيمان» و«الإسلام»، وأن «الإيمان» عمل القلب، و«الإسلام» عمل الجوارح، وانفصالهما يعني «النفاق».
إن «المنافقين» يبطنون «الكفر» ويظهرون «الإسلام»، لذلك يصعب كشفهم، والله وحده الذي يعلم أنهم «منافقون»، لذلك قال تعالى:
«قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا»
أي أن «إسلامكم» الذي تظهرونه مثل سائر المسلمين، لا يقوم على قاعدة «إيمانية» راسخة في قلوبكم، وهذا ما أفاده قوله تعالى:
«وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»
أي أن «إسلامكم» وانقيادكم وتسليمكم لأحكام القرآن، لم ينطلق من قاعدة «إيمانية» راسخة، وقد بيّن الله ذلك بأسلوب بلاغي بديع.
فعندما تحدث عن ادعاء «المنافقين» الإيمان، استخدم حرف «لم» فقال «لَمْ تُؤْمِنُوا»، أي لم يقترب الإيمان منكم أصلاً.
وعندما تحدث عما يجب أن يكون عليه «الإيمان»، لم يقل «ولم يدخل الإيمان»، وإنما استخدم حرف «لما» المرتبط بالتوقيت، فقال تعالى «وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»، أي حتى وقت نزول هذه الآية.
ثم انظر وتدبر ماذا قال الله بعدها، مبينًا مفهوم «الإيمان»:
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ»
فعندما تأتي «إنما»، التي تفيد حصر، في سياق بيان من هم «المؤمنون» فهذا معناه أن «الإيمان بالله ورسوله»، حصرًا، أصلًا من أصول «الإيمان»، وليس من أصول «الإسلام»، كما يدعي المفكر الإسلامي «محمد شحرور».
ومن قاعدة «الإيمان» والتصديق الراسخ المطمئن، الذي لا يرد عليه شك ولا ارتياب، ينطلق «الإسلام» والتسليم لأحكام القرآن، من صلاة وصيام وزكاة وحج وجهاد بالمال والنفس في سبيل الله:
«وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ»
فإذا ذهبنا إلى قوله تعالى:
«يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»
وجدنا أن الإقرار بالقول واللِّسان، والعمل بالأحكام، هو ظاهر الإسلام، لذلك قال تعالى «أَنْ أَسْلَمُوا»، ولم يقل «أن آمنوا»، مع أنه سيقول بعدها «أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ»،
فلماذا قال تعالى «أَنْ أَسْلَمُوا»؟!
لأن «الإسلام» انقياد بـ «الظاهر»، أي الجوارح، مع إقرار وتصديق «الباطن»، أي القلب، والمنافقون انقادوا وسلّموا للأحكام في «الظاهر»، دون أن «تؤمن» قلوبهم، فنطقت ألسنتهم بالحق، وقالوا «أسلمنا».
ولم يقل الله «أن هداكم إلى الإسلام»، وقال تعالى «أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ»، لأن السياق يتحدث عن «النِّعَم»، وأنه سبحانه قد «مَنَّ» على الناس بإرسال الرسل بالآيات البيّنات لهدايتهم إلى صراطه المستقيم، ولكن «المنافقين» لم يصدقوا ولم يخلصوا دينهم لله، لذلك عقب بقوله تعالى: «إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»
فإذا ذهبنا إلى المفكر الإسلامي «محمد شحرور»، نجد أنه لم يترك أصلًا من أصول «الإسلام»، هذا الدين الذي ارتضاه الله للناس جميعًا، إلا وقلبه رأسًا على عقب، فجعل «الإيمان» هو «الإسلام»، و«الإسلام» هو «الإيمان»، ليهدم بذلك أحكام القرآن، تماما كما فعل مع «الكتاب» و«القرآن».
تحت عنوان «الإسلام والمسلمون»، يأتي «محمد شحرور» بمجموعة من الآيات مستقطعة من سياقاتها، ويضعها أمام القارئ، فيظن من ظاهرها أن لها علاقة بالنتيجة التي توصل إليها، فيصدقه، ويصبح مفهوم «الإسلام» هو:
«التسليم بوجود الله، وباليوم الآخر، وعمل الصالحات»
ثم يسأل السؤال الكبير «على حد قوله»:
إن كانت الشهادة برسالة محمد، والشعائر «من صلاة وصيام..» من أركان الإسلام، فكيف يصح «إسلام»:
١- فرعون وهو لم يلتق إلا بموسى
٢- إسلام الحواريين وهم لم يعرفوا سوى المسيح عيسى بن مريم
٣- إسلام غيرهم ممن أثبت التنزيل إسلامهم وهم جميعاً لم يسمعوا بالرسول محمد، ولم يصوموا رمضان، ولم يحجوا البيت؟!
الحقيقة أنا لا أعلم أن فرعون صح «إسلامه»، لكن ليس ببعيد ولا بغريب على القراءات القرآنية المعاصرة أن ترى أنه مات مسلمًا، مع أن الله يقول:
«أَألآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ»
على كل حال «يعني هيه جت على دي»
لقد أباح المفكر الإسلامي «محمد شحرور» الزنى، وهذا كفر صريح، وأباح زواج المسلمة بغير المسلم، وهذا كفر صريح، بل أقول وأباح كل شيء حرمه القرآن، ومازال هناك من يدافع عنه!!
صدق من قال «الطيور على أشكالها تقع»
محمد السعيد مشتهري