نحو إسلام الرسول

(761) 27/5/2017 دفاعاً عن القرآن (6)

عن أحكام الصيام (1)

«ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ»

عندما يحدثنا السياق القرآني عن الليل والنهار، فإن ذلك باعتبار ما نشاهده، وليس باعتبار حقيقة ما يحدث في الفضاء الخارجي الذي لا يراه إلا رواد الفضاء.

إن الذي نعلمه من السياق القرآني، أن «الليل» يتداخل مع «النهار»، وأن «النهار» يتداخل مع الليل، والحقيقة أن «الليل» ثابت، والذي يتغير هو «النهار».

إن النهار هو الذي يدخل على الليل تدريجيا عند حلول الفجر، «يختلط به ولا يُزيحُه»، ثم ينسلخ منه تدريجيًا عند غروب الشمس إلى أن تنتهي عملية انسلاخ النهار تماما، وتظهر «ظلمة» الليل مرة أخرى.

إن هناك حقائق علمية يجب أن نكون على دراية بها، إذا أردنا أن نفهم الإشارات الفلكية التي حملتها نصوص «الآية القرآنية»، والخاصة بآيتي الليل والنهار، ومن هذه الحقائق:

أولا: فيزياء الليل:

إن «الظلام» هو الأصل الثابت الذي لا يتغير في هذا الكون، وهو ناشئ عن المادة السوداء التي خُلق منها، والذي يتغير هو «ضياء» الشمس، وهو غير «النهار» الذي نشاهد ونحن على الأرض.

إن الذي يصنع «النهار» طبقات الغلاف الجوي، ولولا وجود هذا الغلاف الجوي لما كان للنهار وجود على الأرض، فالقمر تسقط عليه مباشرة «ضياء» الشمس، ومع ذلك لا يعرف هذا «النهار» لعدم وجود غلاف جوي يحيط به.

ثانيا: فيزياء النهار:

إن النهار طبقة رقيقة تحيط بنصف الكرة الأرضية المقابل للشمس، وتتكون من ألوان الطيف السبعة «الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، البنفسجي».

وتتداخل هذه الألوان بشكل مُتراكب ومُتناوب «مع طبقة الليل السوداء»، على هيئة أمواج تأخذ شكل كروية الأرض أثناء دورانها حول محورها أمام الشمس، وهو ما نفهمه من قوله تعالى:

«يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ»

وعندما تكون الشمس عمودية، يقوم الغلاف الجوي بتشتيت اللون «الأزرق» فتبدو السماء زرقاء، وعند الغروب يقوم بتشتيت اللون «الأحمر»، فيظهر الأفق بلونه المائل إلى الحمرة «الشفق».

ثالثا: فيزياء الغلاف الجوي:

الغلاف الجوي هو المسؤول عن تنظيم الإشعاعات الحرارية والضوئية القادمة من الشمس إلى الأرض، ومنها أشعة «النهار»، بطبقاتها ودرجاتها الضوئية المختلفة.

رابعا: فيزياء الشمس:

الشمس هي أقرب نجم إلى الأرض، ويحيط بها «السواد» من كل جانب، وتخرج أشعتها متوازية، ثم «تنكسر» عند عبورها طبقات الغلاف الجوي على هيئة «مخروط ضوئي»، يخترق ظلمة الأرض، على النحو التالي:

١- عند غروب الشمس:

تظهر «قاعدة المخروط» الضوئي لحظة اختفاء الحافة العلوية لقرص الشمس من الأفق الغربي، وعندها يظهر «الشفق»، ويبدأ الليل، ووقت صلاة المغرب، والإفطار.

وعندما تصبح الشمس على بعد «18» درجة قوسية، حيث يتلاشى ضوء النهار تماما من الأفق، تكون «رأس المخروط»، أسفل الأفق الغربي، حيث «غسق الليل»، ووقت صلاة العشاء.

وهنا نلاحظ، أن الضوء، الذي يظهر للناس في الفترة ما بين غروب الشمس وغسق الليل، هو الضوء الناتج عن ظاهرة «الشفق»، وليس هو ضوء النهار.

٢- عند الفجر:

نرى حركة المخروط بصورة عكسية، فعندما تكون رأسه أسفل الأفق الشرقي بمقدار «18» درجة قوسية، يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ويبدأ في التحرك إلى أعلى، ويحل ضوؤه محل «الظلمة»، إلى أن تظهر قاعدة المخروط مع ظهور الحافة العلوية لقرص الشمس، حيث تشرق، ويظهر ضياء النهار بوضوح.

ومما سبق يتضح أن «ضياء» النهار، و«ظلمة» الليل، لا يظهران للناس فجأة، ولكن بصورة تدريجية ومتداخلة ومتعاقبة، على النحو التالي:

إذا كان القادم هو «الليل»، كانت أول نقطة عند تداخله مع النهار «ليلًا»، وذلك عند غروب الشمس.

وإذا كان القادم هو «النهار»، كانت أول نقطة عند تداخله مع الليل «نهارًا»، وذلك عند تبين «الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ».

سادسا: فيزياء الشفق

إن الخلاف حول تعريف الليل والنهار أساسه الجهل بآية «الشفق» التي تظهر في الفترة ما بين غروب الشمس إلى غسق الليل «الشفق المسائي»، وما بين الفجر وشروق الشمس «الشفق الصباحي».

إن درجة الضوء الصادرة عن «الشفق المسائي»، أثناء ظاهرة انسلاخ النهار، ليست نهارًا، ودرجة الضوء الصادرة عن «الشفق الصباحي» أثناء إيلاج النهار في الليل، ليست ليلًا.

ولقد عبر السياق القرآني عن الفترة الزمنية المتعلقة بالشفقين بكلمات محكمة متناغمة، سنتحدث عنها في المنشور القادم.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى