إن الإنسان إذا شعر بـ «الاستغناء» يعلم أنه «طغى»
ويبدأ الطغيان عندما تخرج إلى الدنيا، وتكبر، وتنسى الله الذي أمَدّك وأنت في بطن أمك بنعمٍ، عجز علماء العالم أن يقفوا على كيفية حدوثها.
إن الله تعالى هو الذي يدعوك إلى الإيمان به، من خلال إعمال آليات التفكر والتعقل والتدبر..، آليات عمل القلب، والوقوف على حقيقة هذا القرآن، عندها ستفهم معنى قوله تعالى:
«اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» – «خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ» – «اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ» – «الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ» – «عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ»
ثم يُبيّن الله بعدها أن هناك «سنة كونية» تعمل من تلقاء نفسها:
«كَلاَّ»، فالذي سيحدث هو:
«إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى» – «أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى»
ولقد خلق الله الإنسان بـ «نفس»، تحمل «الفجور»، الذي هو أساس «الطغيان»، و«الفسق»، و«الإجرام»، قال تعالى:
«وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا»
فإذا شعرت أنك أصبحت «مستغنٍ» عن الله، وعن أي إنسان كان له فضل عليك في حياتك الدينية أو الاجتماعية، فقد اخترت طريق «الفجور»، ولكن لا تنسى:
«إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى»
فإذا مت وأنت على هذا الطريق، وبـهذا «الطغيان»، فستحشر مع «فرعون»:
«ٱذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى»
وما أكثر «فراعنة» العصر، الذين فتنتهم أموالهم، حتى أصبح «الطغيان» ملكة يعيشون بها، ولا يرون غيرها «أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى».
إن الذين لم يتربوا في مدرسة «الآية العقلية»، ولم تتشرب قلوبهم نصوص «الآية القرآنية»، ولم يقيموا على أساس هذه التربية مجتمع «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»، هم الأكثر استعدادا لمرض «الطغيان»، الذي أول من سيصاب به هم أولادهم.
محمد السعيد مشتهري