إن أعظم المنكرات: تحريف «مسميات» كلمات الله (١٦- ١٧)
مازالوا يعيشون في غيبوبة «العشوائية الدينية»
لقد انفصلت الكتب الإلهية عن «الآيات الحسية» الدالة على صدق «نبوة» الرسل، فكان من السهل تحريف هذه الكتب بعد وفاة الرسل، وافتراء شريعة ما أنزل الله بها من سلطان.
ولقد حمل كتاب الله الخاتم «الآية القرآنية العقلية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، عليه السلام، والتي تعهد الله بحفظ نصوصها، و«مسميات» كلماتها، و«مقابلها الكوني»، لتكون حجة على العالمين إلى يوم الدين.
لقد أصبح الدخول في الإسلام من باب واحد، هو باب «العلم»، وهذا ما بيّنه الله بقوله:
«كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
ولقد جاءت آيات كثيرة تبيّن أن المقصود بـ «العلم» العلوم التي تشمل جميع مجالات الحياة، وفي مقدمتها العلوم الطبيعية، نفهم ذلك من قوله تعالى في سياق الحديث عن آيات الآفاق:
«وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ، إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ»
لذلك يجب أن نعلم، أن العلوم التي اصطلح أئمة السلف والخلف على تسميتها بـ «العلوم الشرعية»، لا علاقة لها بالدين الذي أمر الله اتباعه، لأنها ظهرت بعد تفرق المسلمين إلى فرق ومذاهب عقدية، يُكفر بعضها بعضا، باستثناء علوم «اللغة العربية»، فهي التي حفظ الله فيها «اللسان العربي» الذي نزل به القرآن.
لقد نصت آيات سورة الروم، بالدلالة القطعية، على أن «التفرق في الدين» شرك بالله تعالى، وهذا يعلمه أئمة سلف كل فرقة، لذلك وضع الرواة «حديثًا» نسبوه إلى رسول الله، تتخذه كل فرقة دليلًا على أنها «الفرقة الناجية» من الشرك بالله، لذلك علينا أن نتوقف عند هذه المسألة ونسأل أنفسنا:
أولا: هل عرف رسول الله والذين آمنوا معه، الفرق والمذاهب العقدية التي ظهرت بعد وفاته، وما دليل ذلك من كتاب الله؟!
الجواب: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ»
«.. وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ. مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
ثانيا: هل يوجد في كتاب الله أي إشارة إلى أن الله أنزل على رسوله كتابًا تشريعيًا ثانيًا، مبينًا ومكملًا لأحكام القرآن؟!
الجواب: «كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ»
ثالثا: هل يوجد في كتاب الله تحذير من اتباع مصدر تشريعي غير كتاب الله؟!
الجواب: «اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ»
رابعا: وهل هناك حكمة، أن جعل الله الآية الدالة على صدق «نبوة» رسوله محمد «آية عقلية»؟!
الجواب: لأن الله أمر المؤمنين الذين يحملون هذه «الآية العقلية» أن يقيموا الشهادة على الناس، وأن يخرجوهم من الظلمات إلى النور، ويستحيل أن يحدث هذا إلا وهم في قمة التقدم الحضاري.
خامسا: فلماذا إذن لم يصلوا حتى إلى ذيل التقدم الحضاري، مع أن الله أمرهم بالتفكر «أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ»، والتعقل «أَفَلا تَعْقِلُونَ»، والتدبر «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ»، والتفقه «قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ»..، وكلها أدوات إذا تم تفعيلها، فستصل بأصحابها إلى قمة التقدم الحضاري؟!
الجواب: لأنهم أعطوا ظهورهم لهذه الأدوات، «آليات عمل القلب»، فمهما حصلوا على أعلى المؤهلات العلمية، «العالمية»، سنراهم لا يتقدمون خطوة نحن التقدم الحضاري.
ولكن لماذا؟!
لأن قلوبهم تعيش في مقبرة «المذهبية الدينية»
تُقدّس أحكام شريعة مفتراة على الله ورسوله
دوّنها أئمة «كل فرقة» فيما يسمى بـ «أمهات الكتب»
فما نفعهم علمهم المدني في الدنيا
وما نفعهم علمهم الديني في الآخرة.
«أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ»
محمد السعيد مشتهري