إن أعظم المنكرات: تحريف «مُسمّيات» كلمات الله (11)
«اللغة العربية» لغة «القرآن»
منذ قرون مضت، وشعوب العالم تعرف «اللغة» على أنها الكلام الذي تنطق به «الألسن»، والذي يصطلح عليه أفراد كل شعب، للتعبير عن أفكارهم، ومشاعرهم، وأغراضهم.
ولم تعد «اللغة» قاصرة على «الكلام»، فأصبحنا نرى «لغة الإشارة»، و«لغة الآلة»، و«لغة الجسد» … إلى آخره.
ولقد حملت «اللغة العربية»، كغيرها من اللغات، الحق والباطل، والجد واللغو..، و«اللغة» من حيث الاشتقاق «فُعْلةٌ» مِن لغوتُ، أي: تكلمتُ كلامًا غير مفهوم، لا فائدة منه، ولا يعتد به، والذي يتكلم به الإنسان من غير روية أو تفكير، وفي ذلك يقول الله تعالى:
* «لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ»
* «وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً»
* «لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً»
لقد حملت «اللغة العربية»، كغيرها من اللغات، اللغو وغير اللغو، وليست «اللغة» في ذاتها «لغوًا»، يقول الله تعالى:
* «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ»
إن اختلاف ألسن الناس وألوانهم اختلاف ملموس، ولا شك أن الناس كانوا يعلمون أن اختلاف «ألسنتهم» يعني اختلاف «اللغات» التي تنطق بها ألسن الشعوب، الذي عرفته شعوب العالم على مر العصور.
إن «اللسان»، في السياق القرآني، هو «آلة النطق»، قال تعالى:
* «أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ»
وفي سياق الحديث عن حفظ الله للقرآن، قال الله لرسوله:
* «لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ»
* «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»
* «فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً»
ونلاحظ أن الضمير في «يَسَّرْنَاهُ» يعود إلى القرآن، ولقد أنزل الله القرآن بـ «اللغة العربية» التي كان ينطق بها «لسان العرب» لعلهم يعقلون آياته، فقال تعالى:
* «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ (قُرْآناً عَرَبِيّاً) لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
* «إِنَّا جَعَلْنَاهُ (قُرْآناً عَرَبِيّاً) لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
* «(قُرآناً عَرَبِيّاً) غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»
* «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ (قُرْآناً عَرَبِيّاً) لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»
* «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ (قُرْآناً عَرَبِيّاً)»
وعندما استخدم السياق القرآني «اللسان العربي» كان ذلك وفق أساليب البيان التي كان يستخدمها العرب، «ومنها المجاز»، لإعطاء اللفظ الحقيقي مزيدا من البيان والاتساع في المعنى.
فإذا تدبرنا سياق الآيات التي ورد فيها «اللسان العربي»، نجد أنها جاءت للرد على شبهات وأكاذيب كانت تتهم النبي أنه الذي جاء بهذا القرآن:
* «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ. (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)»
* «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا (لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)»
* «وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ (لِسَاناً عَرَبِيّاً) لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ»
ولقد رد الله على هذه الشبهة بقوله تعالى:
«وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى»
إن «اللسان»، في السياق القرآني، لا يعني مطلقا غير «آلة النطق»، فإذا وُصف بأنه «عربي» كان تعبيرًا مجازيًا غير حقيقي، وبرهان ذلك:
أنه لا يوجد لسان، «الذي هو آلة النطق»، بمواصفات «عربية»، وآخر بمواصفات «انجليزية»، وثالث بمواصفات «ألمانية»، وطبعا لو دخلنا «الصين» في الموضوع يبقى حلينا المشكلة!
محمد السعيد مشتهري