نحو إسلام الرسول

(719) 19/4/2017 يسألون عن القرآن (10)

إن أعظم المنكرات: تحريف «مُسمّيات» كلمات الله (10)

قبل ولادتك، لم تكن شيئًا مذكورًا

«هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً»

ولن تكن شيئًا مذكورًا بعد ولادتك، إذا لم تقم بتفعيل آليات التفكر والتعقل… آليات عمل القلب:

«إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً»

وأول سبيل الهداية هو «العلم»:

«اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ»

ويستحيل أن تتعلم «ما لم تكن تعلم»، وأنت تعيش وحيدًا معزولا عن الناس، لا علم ولا معرفة:

«وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»

إن الله تعالى لم يُعلّم آدم «الأسماء»، وإنما جعله أيضا «يتعرف» على «مُسمّياتها» الموجودة على الأرض، لذلك قال «ثُمَّ عَرَضَهُمْ»، أي «الأسماء والمسميات»، ولم يقل «عرضها» أي «الأسماء»، التي لا معنى لها دون «مُسمّياتها».

وقول الملائكة بعدها:

«قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا»

يُبيّن استحالة فهم «كلمات الله»، دون سابق معرفة بـ «مسمّياتها» ومقابلها الكوني، من البيئة التي يعيش فيها الإنسان.

وموضوع «المسمّيات والمقابل الكوني»، قد سبق بيانه في المنشورات السابقة، عند حديثي عن «منظومة التواصل المعرفي».

إن الذي يتعامل مع القرآن بمعزل عن «منظومة التواصل المعرفي»، لم يولد بعد، أي ليس شيئًا مذكوًرا.

لقد نزلت «كلمات الله» التي حملتها نصوص «الآية القرآنية»، بـ «اللسان العربي المبين»، أي بـ «اللغة العربية» التي كان ينطق بها «لسان العرب».

ولقد بيّنت في منشورات سابقة، أن السبب في استخدام السياق القرآني لكلمة «اللسان»، وليس «اللغة»، أن اللسان، «هذا العضو المعروف»، «آية» من آيات الأنفس، تنطق به شعوب العالم بلغات مختلفة، ومنها «اللغة العربية»، فقدم الله الأصل «الآية» على الفرع «اللغات المختلفة».

«وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ»

وعندما نتكلم عن «اللغة العربية» التي كان ينطق بها العرب، ونزل بها القرآن، فنحن نتحدث عن «علم»، وهذا العلم يحتاج إلى «دراسة».

إن الله عندما أمر بتدبر القرآن، كان سبحانه يعلم أن «التدبر» مرحلة تأتي بعد «التعلم والدراسة»، وهو الأمر الذي جاء جميع الأنبياء لبيانه للناس:

«مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ، ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ، بِمَا كُنْتُمْ (تُعَلِّمُونَ) الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ (تَدْرُسُونَ)»

واللافت للنظر، أن الأمر بتدبر القرآن، خاطب الله به «المنافقين»، ولم يخاطب به «المؤمنين»، لأن المنافق، الذي أنهى مرحلة تعلم ودراسة القرآن، وإلا انكشف أمره، يحتاج إلى مزيد من البحث عما وراء ما فهمه ودرسه، يقول الله تعالى في سورة النساء مخاطبا المنافقين:

«أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»

لقد جاءت هذه الآية «٨٢» في سياق الحديث عن المنافقين، وموقفهم من طاعة الرسول «٨٠-٨١»، وحرصهم على نشر الإشاعات المغرضة «٨٣».

ويقول الله تعالى في سورة محمد:

«أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»

ولقد جاءت هذه الآية «٢٤» أيضا في سياق الحديث عن المنافقين، واتباعهم الشيطان، الذي زين لهم معصيتهم الرسول «٢٥».

والسؤال: ما معنى «التدبر»؟!

وهل ورد هذا المعنى في كتاب الله؟!

ومن أين عرفنا أنه مشتق من «الدُبر»، وقد وردت كلمة «دُبر»، من خلال البحث باستخدام الجذر، «٤٤» مرة، وليس في جميعها ما يُبيّن معناها؟!

إذن فهل يمكن القول، إن «كلام الله» يمكن أن نفهم معناه، دون الاستعانة بمراجع «اللغة العربية»، التي حفظ الله بداخلها «اللسان العربي» الذي نزل به هذا القرآن؟!

لقد نزل القرآن يخاطب العرب بـ «اللغة العربية» التي كان ينطق بها لسانهم، بما تحمله من قواعد النحو والصرف، وعلوم البيان.

ولقد شاء الله أن يُسبب أسباب حفظ ما يجعل لكلماته فعالية على مر العصور، فدُوّنت هذه المعاني مع غيرها من مفردات «اللسان العربي»، التي لم يستخدمها القرآن.

لذلك كان «الميزان الحاكم» على اختيار المعنى المناسب للكلمة القرآنية، من هذه المراجع، هو «السياق القرآني»، وتفاعله مع «مقابله الكوني».

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى