إن أعظم المنكرات: تحريف «مسميات» كلمات الله (9)
«وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ»
كيف يكون تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، ويترك الله شياطين الإنس والجن يعبثون بها، ليأتي أناس من القرن الخامس عشر الهجري، فيقولون للناس:
«الكعبة» هي القرآن، و«الطواف» حولها يعني دراسة آيات القرآن، و«الصفا» من الصفاء، و«المروة» من المروءة..، إلى آخر ما أراه على شبكات التواصل الاجتماعي من «أحزمة ناسفة» للعقول، لا تقل خطورة عن «الأحزمة الناسفة» للأجساد.
ما فائدة أن تؤمن بـ «كلمات الله»، ولا تؤمن بـ «مسمياتها»، بدعوى أن أئمة السلف كانوا يؤدون «الشعائر الإلهية»، وأنت لن تؤديها لأنك كافر بمصدرهم الثاني للتشريع؟!
ما علاقة «المصدر الثاني للتشريع»، المفترى على الله ورسوله، بآيات الأحكام التي فرضها الله على المؤمنين، والتي أدّاها رسول الله والذين آمنوا معه، وتناقلتها الأجيال بالتقليد والمحاكاة، وليس من خلال «مرويات» تليت عليهم؟!
تطلق «الشعائر» على العبادات الظاهرة، لكونها علامات دالة على الخضوع والتسليم لله تعالى، ومنها الصلاة والصيام والحج، المرتبطة بمواقيت لأدائها.
ولقد جاء الأمر بتعظيم «الشعائر الإلهية»، وسط منظومة من الآيات المتعلقة بأحكام الحج، فتعالوا ندرسها:
* «وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ (الْبَيْتِ) أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ»
ونلاحظ أن الآية تشير إلى فريضة الحج، وفريضة الصلاة.
* «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ (يَأْتُوكَ) رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ (فَجٍّ عَمِيقٍ)»
فقوله تعالى: «مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» يُبيّن الحكمة من أن جعل الله فترة الإحرام بالحج أشهرًا «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ»
* «لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي (أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ»
إن المُحْرِم بالحج عليه أن يصل «مكة» قبل «الأيام المعلومات» حيث تبدأ شعائر الحج.
* «ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا (بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)»
وهنا إشارة إلى ما يُعرف بـ «طواف الإفاضة»، بعد انتهاء أعمال الحج، ولقد وصف الله البيت بـ «العتيق»، لبيان أنه ليس ملكًا لأحد، فالعتيق هو الشيء المحرر غير المملوك لأحد.
ثم انظر ماذا قال بعدها عن الأحكام السابقة:
* «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ (حُرُمَاتِ اللَّهِ) فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ»
والسؤال: وهل يُعقل أن يأمر الله المؤمنين بتعظيم «مناسك الحج»، و«شعائره»، وتنزل في ذلك آيات قرآنية تتلى إلى يوم الدين، ثم يدع شياطين الإنس والجن يُحرفونها، ثم يقول بعدها:
* «حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ»؟!
لقد خصّص الله ما جعله عامًا لكل الحرمات في قوله تعالى «وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ»، بـ «شعائر الحج» لبيان أهمية تعظيمها، وأنها من تقوى القلوب، فقال تعالى:
* «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ»
ومن هذه الشعائر:
* «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا»
* «وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ»
لذلك كان الاعتداء على «الشعائر الإلهية» اعتداء على الله تعالى، فاحذروا:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا (شَعَائِرَ اللَّهِ) وَلا (الشَّهْرَ الْحَرَامَ) وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا (آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) … وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا»
لقد أمر الله «الذين آمنوا» ألا يفعلوا ما كان يفعله أهل الجاهلية، من عدم التزامهم بمحرمات الإحرام، «شَعَائِرَ اللَّهِ»، وعبثهم بالأشهر الحرم «وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ» عن طريق بدعة «النسيء».
فهل يُعقل أن يترك الله شياطين الإنس والجن يعبثون بـ «شَعَائِرَ اللَّهِ» بعد وفاة النبي، فلا يعلم المؤمنون متى يكون شهر رمضان، ومتى تكون أشهر الحج؟!
لقد حفظ الله شريعته القرآنية، «كلمات ومسميات»، ولم يحدث أي تحريف لمسمى من مسمياتها، فالأشهر العربية و«الأهلة» محفوظة بحفظ الله للنص القرآني إلى يوم الدين، وكل ما يثيره البعض عن وجود تحريف في هذه «المسميات» هو من وحي الشيطان:
«وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ»
نعم، اليوم هناك من يصومون ويحجّون كما كان يفعل «أهل الجاهلية»، ظنا منهم أن الله ترك «نسيء الجاهلية» يعود مرة أخرى بعد وفاة النبي!
إنهم يدّعون أن تحريفًا حدث في عصر بني أمية للأشهر العربية، وطبعا والأشهر الحرم، وظل هذا التحريف قائمًا بين المسلمين قرونا من الزمن حتى أوحى الله إليهم بإعادة الأشهر إلى أصلها، ببعض الحسابات والمعادلات الرياضية!
إن موضوع هذا المنشور ليس عن «النسيء»، لذلك أرجو عدم فتح باب الحوار حول هذا الموضوع، فقد قُتل بحثا على هذه الصفحة، والذي يريد الاطلاع عليه هذا هو الرابط:
https://www.facebook.com/mohamed.moshtohry.1/posts/925923070822909:1
وسيحذف أي تعليق أو رابط خاص بموضوع «النسيء»
محمد السعيد مشتهري