نحو إسلام الرسول

(715) 15/4/2017 يسألون عن القرآن (6)

إن أعظم المنكرات: تحريف «مسميات» كلمات الله (6)

لقد حملت «منظومة التواصل المعرفي» للناس، من لدن آدم وإلى يوم الدين، الحق والباطل، وعلى الناس أن يزنوا معارفها بميزان الرسالات الإلهية، للتمييز بين الحق والباطل.

إن هذا المصطلح «منظومة التواصل المعرفي» المكون من ثلاث كلمات، هو القاعدة الأساسية التي أقمت عليها مشروعي الفكري، والمحور الأساس الذي تدور حوله أدوات فهمي للقرآن.

إن «منظومة التواصل المعرفي» مصطلح خاص بي وبمشروعي الفكري، لم يسبقن إليه أحد منذ أن وضعت «المنهجية العلمية» التي سأقوم باتباعها، لذلك فأنا الوحيد الذي يستطيع التحدث عن موضوعها.

إن المعالم الأثرية الموجودة منذ آلاف القرون حول العالم، يحفظ الله منها، عبر «منظومة التواصل المعرفي»، ما يجعل للإشارة إليها في رسالاته فاعلية بين الناس ليأخذوا منها العبر.

لقد جمع الله قصص ثلاث أمم، «قوم لوط، وأصحاب الأيكة، وأصحاب الحجر»، في سياق واحد في سورة الحجر، لاشتراكهم في طبيعة العذاب الذي سلطه عليهم، وكان الناس يمرون على آثار هذه الأمم في أسفارهم.

أولا: قوم لوط

عندما يقول الله عن إهلاك قوم لوط:

«فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ… إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ. وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ»

ويقول تعالى:

«وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»

فهذا معناه أن آثار تدمير قوم لوط باقية، وقد جعلها الله «آية» للناس، يستطيعون أن يمروا عليها في أي وقت، كما قال تعالى عن أهل مكة:

«وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ»

ولقد هاجر لوط إلي قرية «سدوم» بالأردن، وهاجر إبراهيم، عليهما السلام، إلى فلسطين، يقول الله تعالى:

«قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ. وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ. وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ»

ولقد وُصفت «الشام»، بالأرض المباركة لكثرة الأنبياء الذين بعثوا فيها، وللخيرات التي حملتها، من زروع وثمار وأنهار.

ثانيا: أصحاب الأيكة

«وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ. فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ»

و«الأيكة» منطقة تتميز بالأشجار الكثيفة، ذات الفروع الملتفة بعضها ببعض، والأوراق الكثيرة، كان يسكنها القوم الذين أرسل الله إليهم شُعيبًا:

«كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ»

وهؤلاء ليسوا «أهل مدين»، قوم شعيب، الذين قال الله فيهم:

«وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ..»

فنلاحظ أن الله وصف قوم شعيب بقوله: «أَخَاهُمْ شُعَيْباً»، أما أصحاب «الأيكة» فلم يصفهم بأن شعيب أخوهم، والاثنان «أهل مدين وأصحاب الأيكة» كذبوا المرسلين، فانتقم الله منهما:

«فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ»

والإمام المبين هو الطريق الموصل إلى القريتين، الذي كان لا يخفى على أهل مكة.

ثالثا: أصحاب الحجر

«وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ… فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ»

وأصحاب الحجر هم «ثمود» قوم صالح:

«كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ… وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ» – «وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً» – «وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ».

وتتميز بيوت قوم صالح بأنها منحوتة نحتا في الجبال بشكل مذهل، ويرجع تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وأصبحت اليوم من المعالم الأثرية العالمية، وتُعرف بـ «مدائن صالح»، الموجودة على الطريق من خيبر إلى تبوك، بالمملكة العربية السعودية.

رابعا: عاد وثمود

«وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ»

لقد تبيّن للناس، من مشاهدة آثار بيوت عاد وثمود، أنهم أهلكوا بعذاب الاستئصال، أي عن بكرة أبيهم.

خامسا: إن المعالم الأثرية التي أشار إليها القرآن، ليست أكثر حجية «من حيث ثبوتها» من التي لم تذكر في القرآن، ولنضرب مثالا ببعض الآثار الموجودة في مصر:

١- معبد الكرنك، الذي يقع بمدينة الأقصر، ويرجع تاريخه إلى «٣٢٠٠» عام قبل الميلاد.

٢- معبد الأقصر، الذي يقع على الضفة الشرقية لنهر النيل بمدينة الأقصر، ويرجع تاريخه إلى «١٤٠٠» عام قبل الميلاد.

٣- أهرامات الجيزة، التي تقع على الضفة الغربية لنهر النيل في مدينة الجيزة، ويرجع تاريخها إلى «٢٥٠٠» عام قبل الميلاد.

إن المؤرخين وعلماء الآثار مجمعون على أن هذه الآثار حقيقة تاريخية، وكذلك فهم لا يشكون في أن «مكة» هي البلد التي بُعث فيها النبي الخاتم محمد، عليه السلام، وأن «بكة» منطقة داخل «مكة»، وهي التي أقيمت عليها «الكعبة – البيت الحرام».

سادسا: الحجة

عندما يلفت الله النظر إلى مشاهدة آثار الأمم التي أهلكها بعذاب الاستئصال، ولا يرفق بالقرآن خريطة تبين الموقع الجغرافي لهذه الآثار، حتى يتمكن الناس من مشاهدتها، فهذا يعنى الإحالة إلى «منظومة التواصل المعرفي»، وأنها حجة على العالمين، منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى