لقد قررت أن أعلن توقفي عن الكتابة، وذلك بعد نشر مبادرة «نحو إسلام الرسول»، إلى أن أقيم أو أجد مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، ففيه سأشعر أن ما أكتبه ينطلق من قاعدة إيمانية صادقة.
لقد كانت المشكلة التي جعلتني أتردد أكثر من مرة في اتخاذ هذا القرار، هي عدد الرسائل والروابط التي يرسلها الأصدقاء لي للرد عليها، وكلها شبهات خاصة بما ينشره أصحاب بدعة «القرآن وكفى».
وبالأمس اطلعت على موضوع من موضوعاتهم، فوجدت من بين تعليقات المعجبين المؤيدين له، تعليقًا علمت من أسلوب صاحبه، والمصطلحات التي يستخدمها، أنه على علم.
ولكن، عندما يُوظّف العلم لخدمة «الهوس الديني» يصبح المستخدم له «جاهلًا»، وعندما «الجاهل» من العلم ما يعجبه، ويترك ما لا يعجبه، يصبح صاحب «هوى»!!
لقد أراد صاحب التعليق أن يهدم علوم اللغة العربية بقوله إن اللغة العربية «اعتباطية الدلالة»، الدال فيها لا يدل على المدلول، بينما القران قصدي الدلالة، الدال فيه هو عين المدلول!!
إن مسألة العلاقة بين الدال والمدلول، وهل هذه العلاقة ضرورية أم اعتباطية، مسألة علمية يجب التعامل معها بـ «منهجية علمية»، وليس بمنهج «القص واللصق» الذي اتبعه صاحب التعليق.
لقد اتبع صاحب التعليق منهج «القص واللصق» ليصل إلى أن القرآن لا يُفهم إلا من داخله، فلا لغة عربية، ولا علم بيان، ولا ترادف، ولا استعارة، ولا كناية، ولا مجاز.. إلى آخره!!
شيء غريب وعجيب، فقد كنت أتصور أن ظاهرة «الهوس الديني» تتسع بفضل إعجاب المساكين «علميًا»، فإذا بها تشمل المثقفين «علميًا»!!
إن بعض الأصدقاء ينصحونني ألا أشغل نفسي بهؤلاء، لأن ما أنشره لا يصل إليهم، فهم لا يعلمون عني شيئًا، ولكني كنت أشعر بحجم مأساة منظومة «الفكر الإسلامي»، التي يعمل المسلمون بداخلها بمبدأ «وانا مالي»!!
كيف ترى المنكر، أو يصل إليك، ولا تنهى عنه، وقد لَعَنَ الله قومًا كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه:
«لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»
لقد قررت، من باب «النهي عن المنكر»، وإلى أن يُنعم الله علينا بالحياة في نموذج لمجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، أن أكتفي بالرد على الشبهات التي يثيرها أصحاب بدعة «القرآن وكفى»، وأرجو من الأصدقاء التوقف عن الإعجاب بهذا «المنكر».
محمد السعيد مشتهري