انظر حولك
لماذا جعل الله المنافقين في الدرك الأسفل من النار؟!
أولا: لأنهم يعملون داخل الصف الإسلامي، يعيشون مع المسلمين في جميع مجالات الحياة، وأخطرها طبعا مجال «الفكر الديني»، فكانوا يُحرّفون كلام الله، ويفترون على رسوله الكذب بوضع «الأحاديث».
ثانيا: جعلوا المسلمين يعيشون «الإسلام» مجرد منظومة «أقوال»، وكانت لهم «مساجد»، في عصر الرسالة، يقيمون فيها الصلوات، ويُحدّثون الناس عن أحكام الشريعة، وكان من هذه المساجد ما يُعرف بـ «مسجد ضرار»، الذي حذر الله رسوله أن يصلي فيه:
«لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ»
إن الذين يظنون أن الإيمان بـ «الوحدانية» هو أن يشهد المرء أن «لا إله إلا الله»، «قولا»، ثم يعيش حياته حسب هواه، «فعلا»، فهؤلاء قد جعلوا إِلَهَهُم هَوَاهُم «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»!
إن كل ذرات هذ الكون، وما أصغر منها وما أكبر، تشهد بـ «الوحدانية»، والسؤال: «أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ»؟!
«بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ – بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ – قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ – تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ – قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»
إن إقرار المسلم بـ «الوحدانية»، معناه أن يكون سلوكه وتصرفاته قرآنًا يتحرك بين الناس، بهدف إقامة الشهادة عليهم، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، فهل هذا ما فعله المؤمنون، المسلمون، عبر قرون مضت؟!
إن المصيبة الكبرى، التي يعيش بداخلها المسلمون، بجميع توجهاتهم الدينية، سلفية كانت، أو عصرية، أو مستنيرة، أنهم جميعًا ما زالوا يتبعون «فتنة النفاق»، التي غرسها «المنافقون» في قلوب المسلمين، في التعامل مع نصوص «الآية القرآنية»!
انظر حولك، فهل وجدت مشروعًا قرآنيًا، أخذ صاحبه أتباعه، والمعجبين به، إلى العمل في أرض الواقع، فأقاموا المشاريع الزراعية، والصناعية، والتجارية، وعاشوا معًا في مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»؟!
منذ سنة تقريبا، كتب على هذه الصفحة منشورا قلت فيه ما معناه:
يا أهل الخير .. محدش من المؤمنين عنده عمل صالح أشتغل فيه ولو خفير، لأني خايف أموت وشغلتي «مفكر إسلامي» فأدخل جهنم.
والظاهر إن «الخُفَرَاء» كُثر، فللأسف لم أجد مجتمعًا إيمانيًا، ولا عملاً صالحًا، أشتغل فيه ولو «خفير»!!
انظر حولك، فأين فعاليات نصوص «الآية القرآنية» بين الناس، ولماذا لم يخرجهم المفكرون العصريّون والمستنيرون من الظلمات إلى النور، في واقع عملي نشاهده مضيئًا على الأرض، وليس في عالم من «الترف الفكري»، و«الهوس الديني»؟!
الجواب: لأن «فتنة النفاق» جعلتهم يُحرّفون أهم وأعظم القواعد التي يقوم عليها الدين الذي ارتضاه الله للناس، وهما «الإيمان»، و«الإسلام»، وراحوا يُفرّغون مفهوم كل منهما بما يجعل المؤمن المسلم بلا دين ولا هوية يُعرف بها بين الناس!!
لقد أصبح الناس كلهم مؤمنون «من الأمن والأمان»، ومسلمون «من السلم والسلام»، ومن منطلق هذه التحريف الشيطاني للمفهوم الكلمتين، أقاموا دينًا جديدًا، باسم القراءات القرآنية العصرية، فرح به من وقعوا فريسة «فتنة النفاق»، فما أحلاه دين، أقوالٌ بلا أفعال!!
«إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً»
هل تريدون التوبة؟!
«إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ»
وبشرط:
«وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ»
«فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ»
«وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً»
إن الذي لا يرى «فتنة النفاق» التي تشربتها قلوب المسلمين، وما أفرزته من تخلف حضاري، حتى أصبح «الإسلام» لا يُعرف إلا من خلال الجماعات والمنظمات الجهادية، يضع رأسه في الرمال، وعليه أن يرفعها وينظر حوله.
محمد السعيد مشتهري