نحو إسلام الرسول

(704) 3/4/2017 مبادرة نحو إسلام الرسول (7)

أين ذهب مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»؟!

إن المتدبر لكتاب الله يعلم أن الخطاب القرآني كان للمعاصرين لرسول الله محمد، وأن أحكام الشريعة القرآنية كانت تتنزل عليه ليقيم مع «الذين آمنوا» أمة، وصفها الله بخير أمة أخرجت للناس.

* فهل هذه حقيقة قرآنية؟!

إذن تعالوا نعيش دقائق مع «الأمة المؤمنة»، التي خاطبها الله بنظام ومنهج حياتها، بقيادة رسول الله محمد:

أولا: مجتمع «الولاء الإيماني»

١- «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»

٢- «لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ»

٣- «بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً»

٤- «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ»

٥- «وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ»

وهذه الآيات، ومثلها كثير، جاءت لتبيّن أن «الولاء الإيماني» هو القاعدة التي يقوم عليها مجتمع «الذين آمنوا وعملوا الصالحات».

ثانيا: مجتمع «البيعة» وطاعة ولي الأمر:

١- «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ»

٢- «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً»

٣- «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ»

وهذه الآيات، ومثلها كثير، جاءت لتبيّن أن «البيعة» لله تعالى، وطاعة ولي الأمر، هي القاعدة التي يقوم عليها مجتمع «الذين آمنوا وعملوا الصالحات».

ثالثا: مجتمع «الجهاد في سبيل الله»

١- «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ»

إن الجهاد بالمال والنفس لم يكن عملا فرديا، وإنما كان من خلال مجتمع «الذين آمنوا».

٢- «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا»

٣- «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ»

٤- «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»

وهذه الآيات، ومثلها كثير، جاءت لتبيّن أن «الجهاد بالمال والنفس» هو القاعدة التي يقوم عليها مجتمع «الذين آمنوا وعملوا الصالحات».

رابعا: مجتمع «إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»

١- «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ»

٢- «التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ»

٣- «هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ»

وهذه الآيات، ومثلها كثير، جاءت لتبيّن أهمية وعظم شأن هذه الفرائض، وفي مقدمتها «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، حتى أن الله جعلها تسبق «الإيمان بالله»، فتدبر:

«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ»

ونلاحظ أن مثل هذه الآيات جاءت تخاطب مجتمعًا يقيم الصلوات المفروضة في المساجد، وفي مقدمتها «المسجد الحرام»:

«رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ»

ويأخذ رسول الله «الصدقات» من أفراد هذا المجتمع، ويقوم بإدارتها كما أمره الله:

«خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ»

«إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»

إن ما سبق بيانه، هو مجرد «أمثلة» لمئات الآيات التي جاءت تحدد للمؤمن شخصيته، وللمجتمع الإيماني ضوابطه، في عصر خير أمة أخرجت للناس.

وتوفي رسول الله، وانقطع الوحي، وترك الله المؤمنين يتعاملون مع نصوص «آيته القرآنية» حسب ما تركهم عليه رسول الله، وفي ذلك يقول الله تعالى:

«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ»

إن صحابة رسول الله لم يرثوا غير «الكتاب»، ثم هجر فريق منهم «الكتاب»، وكان النصيب الأكبر للذين ظلموا أنفسهم، «فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ»، ثم تفرق المسلمون في الدين، واشتعلت نار «الفتن الكبرى».

لقد تفرق المسلمون إلى فرق ومذاهب عقدية يُكفر بعضها بعضا، ولم يكن «كتاب الله» سببًا في ذلك، وإنما كانت مرجعيتهم في «التكفير» «مرويات» الرواة، التي جعلها أئمة السلف حاكمة على أحكام «الشريعة القرآنية».

لقد استند أئمة كل فرقة إلى الآيات القرآنية التي تأمر المؤمنين بإقامة مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، وتدعيم الولاء بين أفراده، والبيعة لولي الأمر، والجهاد بالمال والنفس، وقد ذكرت أمثلة منها سابقا.

وعليه، أعلنت كل فرقة أنها الفرقة الناجية، وتفرع عن كل فرقة جماعات سلفية، ومنظمات جهادية، وجماعات يدعي أمامها أنه «نبي» آخر الزمان، وأن الله اصطفاه ليجدد للمسلمين دينهم، وكل هذه التوجهات العقدية مرجعيتها «الرواية»، التي جعلوها حاكمة على فهم «الآية»!

وظل المسلمون، إلى يومنا هذا، يتوارثون «المذهبية»، ويقيمون تدينهم استنادًا إلى مصدر تشريعي مفترى على الله ورسوله، وسمه أئمة السلف باسم «الأحاديث النبوية» ليأخذ قدسية في قلوب أتباعهم.

إن الهدف الرئيس لمبادرة «نحو إسلام الرسول» هو إقامة «الولاء الإيماني» الحق بين «الذين آمنوا»، من خلال مجتمع «الإيمان والعمل الصالح»، الذي لم يرث عن رسول الله إلا «كتاب الله»، وتفاعل كلماته مع «مسمياتها» التي حملتها «منظومة التواصل المعرفي».

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى