نحو إسلام الرسول

(701) 30/3/2017 مبادرة نحو إسلام الرسول (5)

تعالوا نرفع رؤوسنا «خمس دقائق» من الرمال

هل نستطيع أن نرى الأشياء على حقيقتها ورؤوسنا في الرمال؟!

«أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ – وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ – كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا»

لقد أنزل الله القرآن ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور، لا بـ «الكلام» المعروض في ساحة «الفكر الإسلامي»، وإنما بـ «العمل» الذي يحمل «نُورًا» يمشي به المسلمون «فِي النَّاسِ».

وانظر إلى بلاغة البيان، أن يستخدم السياق كلمة «في»، في قوله تعالى: «فِي النَّاسِ»، مع أن «المشي» سلوكٌ حركي، يكون «بين الناس»، وليس «فِي النَّاسِ»، لبيان أن نور الآيات يجب أن يسري أولا في القلوب، فيظهر أثره والمؤمن يتحرك بين الناس.

لذلك أقول:

إننا نضع رؤوسنا في رمال ساحة «الفكر الإسلامي» للهروب من العمل على إقامة مجتمع «الذين آمنوا»، هذا المجتمع الذي أمر الله المسلمين بإقامته، ليقيموا الشهادة على الناس، ويخرجوهم من الظلمات إلى النور، حسب ما بيّناه في المنشور «٢».

قرون من الزمن، والمكتبة الإسلامية تئط بأمهات كتب التراث الديني، للفرق والمذاهب المختلفة، وبالدراسات والبحوث القرآنية، السلفية والعصرية والمستنيرة، ثم ماذا بعد؟!

هل يُعقل أن نقول:

إن «الأحياء» هم الذين يفهمون القرآن فهمًا عصريًا، أما الذين يتمسكون بفهمه فهماً تراثيًا فهم «الأموات»، والحقيقة أن كل الذين يعملون في ساحة «الفكر الإسلامي» أصلا أموات؟!

انظروا ماذا يُعرض على الفضائيات، وتتدبروا ماذا ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي من موضوعات، واسألوا أنفسكم:

ما علاقة هذا كله بأولويات العمل الإسلامي؟!

هل الناس في حاجة إلى مزيد من «الكلام»، أم إلى «العمل»؟!

ثم ماذا بعد أن عرف الناس المفهوم الصحيح لملة إبراهيم، ومعنى الصلاة والسجود، ومعنى النبي، وهل بُعث فينا أم منا، وهل نحن نتبع أحمد أم محمد، ومعنى القتل، ومعنى اليتامى…، إلى آخر هذا «الترف الفكري»، الذي أطّ منه هواء الفضاء الخارجي؟!

الحقيقة أننا نضع رؤوسنا في رمال ساحة «الفكر الإسلامي» حتى لا نرى مصيبتنا الكبرى!!

واللافت للنظر، أن نجومية من يحملون راية «الفكر الإسلامي» سطعت وهم يضعون رؤوسهم في رمال ساحته!!

إننا عندما نقرأ القرآن ولا نجد له واقعًا في حياة الناس، فلم يُخرجهم من الظلمات إلى النور، وإنما أخرج المسلمين من النور إلى الظلمات، إذن سنقول «أكيد فيه حاجة غلط»!!

سنقول: أكيد هناك (فهم آخر للقرآن)، غير الذي ورثه المسلمون عن «أئمة السلف»، وعن مراجع «اللغة العربية»، وعن «منظومة التواصل المعرفي».

فماذا نصنع؟!

نذهب نصنع التجديد والمعاصرة والاستنارة ورؤوسنا ما زالت في رمال ساحة «الفكر الإسلامي»، ثم ونحن على هذا الوضع، نخرج للناس بدين إسلامي جديد، يحمل مفاهيم دينية تخالف تماما ما عرفه المسلمون عبر قرون مضت.

وإيه رأيكم نبدأ بمحو مفهوم «الإيمان» و«الإسلام» الذي جاء به القرآن، «وعامل مشاكل بين الناس»، ونجعل «الإيمان» هو الأمن والأمان، و«الإسلام»، هو السلم والسلام؟!

«يا سيدي غير براحتك، ما كلها منظومة كلام في كلام»، السلفيّون يتكلّمون، والقرآنيّون يتكلّمون، والعصريّون يتكلّمون، والمستنيرون يتكلّمون، والملحدون يتكلّمون..، والله تعالى يقول مخاطبًا الذين آمنوا:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ»

وتقريبا المشكلة إن احنا مش فاهمين يعني إيه:

«كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ»

كيف يكون مفهوم «الإيمان» الأمن والأمان، ومفهوم «الإسلام»، السلم والسلام، وكلها مفاهيم جاءت في السياق القرآني لا لتنسخ المعنى الأصيل لكلمتي «الإيمان»، و«الإسلام»، الذي تشهد بحجيته على الناس جميعًا مئات الآيات؟!

«قُلْ إِنَّ (صَلاتِي) و(َنُسُكِي) وَ(مَحْيَاي) وَ(مَمَاتِي) لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا (شَرِيكَ لَهُ) وَبِذَلِكَ (أُمِرْتُ) وَأَنَا أَوَّلُ (الْمُسْلِمِينَ)»

لقد «ذاب» المؤمنون المسلمون بين الناس بـ «حمض الترف الفكري»، ولم تعد لهم «شخصية إيمانية» تشهد بفهمهم لحقيقة «الوحدانية»، ولم يعد لهم «عمل صالح» يشهد بتقدمهم الحضاري.

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا»

إن علينا أن نبحث أولا عن مجتمع:

«الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ»

لأنه هو الذي سيعلمنا معنى كلمة «الإيمان»، ومعنى كلمة «الإسلام»، في السياق القرآني.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى