الكلمة القرآنية «مُسمّاها» خارج القرآن
متى حدث انقطاع في سلسلة حلقات تواصل الكلمات ومسمياتها، على مر العصور، من لدن آدم، وعلى مستوى جميع الشعوب؟!
لقد عرفت شعوب العالم طائر «الهدهد»، باللغات المختلفة، فهل تغير «مسماه» على مر العصور؟!
وهل عندما نزل قوله تعالى على لسان سليمان «مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ»، كان العرب يعرفون «مسمى» هذه الكلمة، أم جاءت صورة «الهدهد» ملحقة بالمصحف؟!
إن كل كلمة من كلمات القرآن يستحيل أن يفهمها «إنس ولا جان» إلا إذا شاهد «مسماها» خارج القرآن، وقد حملت الصور التوضيحية المرفقة بهذا المنشور أمثلة على ذلك.
إن الذي آمن بالنبي الخاتم محمد، واتبع «النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ»، وتدبر القرآن، يعلم أن النبي قد أقام الصلاة في البيت الحرام هو والذين آمنوا معه، وبالكيفية التي أمره الله أن يؤديها.
وهناك آلاف صلّوا مع النبي خلال فترة التنزيل، ولا شك أنهم عندما كانوا يذهبون إلى بيوتهم، أو إلى بلادهم، كانوا يصلّون نفس الصلاة التي شاهدوا النبي يصليها، وهذا برهان عقلي.
فإذا نظرنا إلى الإشارات الفلكية التي حددت مواقيت الصلاة، والواردة في سورتي هود والإسراء، علمنا أن هناك أكثر من صلاة تقام في اليوم، بصرف النظر عن عددها، فأنا لا أناقش هنا العدد.
وعليه، فيجب أن نضيف إلى البرهان العقلي السابق، برهانًا عقليًا آخر، وهو أن كيفية أداء هذه الصلاة، التي تُقام أكثر من مرة في اليوم، أصبح لها صورة ذهنية ثابتة في قلوب الأجيال المسلمة، على مر العصور، لسببين:
الأول: آلاف المسلمين يُصلّون يوميًا.
ثانيا: آلاف المسلمين يُصلّون يوميًا أكثر من مرة.
إن الفرق بين المسلمين أتباع النبي الخاتم محمد، وأتباع الأنبياء السابقين، أن السابقين حرّفوا وضيّعوا كتبهم، وشريعتهم، ومنها «الصلاة»، فتدبر:
«فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً»
لقد وردت هذه الآية في سياق بيان قصص الأنبياء، وجاءت كلمة «أَضَاعُوا» مجازًا في التفريط، فقد أضاعوا جوهر الصلاة ومقاصدها العليا، وشاء الله أن يرسل الرسل لإعادة الناس إلى صراطه المستقيم، ويُعلّموهم كيفية أداء هذه الصلاة.
ثم بعث الله نبيه الخاتم محمدًا، وتعهد بحفظ كتابه، الذكر الحكيم، وهذا معناه أن يحفظ الله «مسمى» كل كلمة وردت في هذا الكتاب، وليس فقط الكلمات، فما فائدة حفظ الكلمة دون أن يكون الإنسان قد شاهد مسماها؟!
لقد حفظ الله كل ما يتعلق بمسمى الكلمة القرآنية، ومن ذلك مفهوم الصلاة وهيئتها وكيفية أدائها، ومواقيتها، وعددها..، وحفظ المكان الذي تُقام فيه هذه الصلوات، وهو المساجد، منذ عصر الرسالة، وإلى يوم الدين.
فهل هناك عاقل، بصرف النظر عن ملته، يمكن أن يشك في أن البيت الحرام، والكعبة «قبلة» المسلمين في الصلاة، والصلوات التي يؤديها آلاف المسلمين يوميًا في هذا البيت، على مر العصور، كل ذلك كان خدعة صنعها اليهود، كما صنعوا الإسرائيليات، ودسّوها في تراث المسلمين الديني؟!
إن حفظ الله لكيفية الصلاة، ولمواقيتها، تشهد به «منظومة التواصل المعرفي»، التي يعيش بداخلها المسلمون جميعًا، منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا، ولا نجد مسلمًا على هذه الأرض لا يؤدي الصلاة بهذه الكيفية التي حفظها الله، إلا إذا كان قد أصيب فيروس «الهوس الديني»
إن الذي يُنكر حجية «منظومة التواصل المعرفي» في نقل وحفظ الأسماء والمسميات، على مستوى شعوب العالم، من لدن آدم وإلى يومنا هذا، لا يحق له أن يتكلم كلمة واحدة، عن آية واحدة، في كتاب الله.
إن القرآن «علم»، لذلك فإن تدبر القرآن يحتاج إلى «منهجية علمية»، تحمل أدوات «التدبر»، وليس في الشريعة القرآنية اجتهاد، أو إبداء رأي في آيات الذكر الحكيم، بدون «علم»، كما يفعل «العشوائيون»، والمقلدون لهم بغير علم.
ولذلك أقول، وبكل قوة وثقة وعلم، لكل من يردد الآيات التالية التي يقول الله فيها عن القرآن:
* «تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ»
* «وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً»
* «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ»
إذا لم تأتوا بمصحف، ملحق به مسميات كل كلمة وردت في القرآن، كما هو مبيّن بالبوست التوضيحي المرفق، فليس أمامكم إلا:
أولا: أن تخرجوا فورًا من هذا الدين الإسلامي، لأن القرآن الذي تتبعونه، جاء بكلمات ولم يأت بـ «مسمياتها»، ثم يأتي ويقول إنه تبيانٌ وتفصيلٌ لكل شيء، وما فرط فيه من شيء، فكيف يفهم الناس الكلمة دون مشاهدة مسماها؟!
ثانيا: أن تعيدوا بناء إيمانكم، وإسلامكم، من جديد، وتستغفروا الله وتتوبوا إليه..
أن أول الطريق إلى تدبر القرآن أن تعلم أن فهمك لكلماته مرتبط بالصورة الذهنية لمسمياتها، التي تكونت عندك خلال مشوار حياتك
طبعا من خارج القرآن
محمد السعيد مشتهري