يجب على كل مسلم أن يعلم كيف وصل إليه ما يُسمى بالمصدر الثاني للتشريع، هذا المصدر الذي نسبوه إلى رسول الله على أنه وحي إلهي ليأخذ قدسيته في قلوب أتباع الفرق والمذاهب التي صنعته. في البداية، لابد أن نُميّز بين فترتين زمنيتين، الأولى: القرن الأول الهجري، وفيه ظهر [الأخباريون] الذين أخذ عنهم [المؤرخون] التاريخ الإسلامي. وفي نفس الوقت ظهر [الرواة] الذين أخذ عنهم [المحدثون] الأحاديث المنسوبة إلى النبي. ولم يُعثر على مدونات كاملة موثقة لأصحابها، تصلح للتحقيق العلمي، منسوبة إلى القرن الأول.
أما الفترة الثانية: فهي القرن الثاني الهجري، وفيه ظهر أوائل [المؤرخين]، و[المحدثين] الذين يفصلهم عن [الأخباريين] و[الرواة] مساحة زمنية لا تقل عن نصف قرن الزمان!! ولم يكن هناك في هذه الفترة مخطوطات لـ [الرواة] أو لـ [الإخباريين] اعتمد عليها [المحدثون] و[المؤرخون] في نقل مروياتهم وأخبارهم. لذلك كانت العقبة الكؤود التي وقفت أمام علماء كافة الفرق الإسلامية في توثيق مرويات التاريخ الإسلامي، و”الحديث”، المنسوب إلى النبي..، هي افتقاد “المدونات” الموثقة، التي تربط بين ما نقله [الرواة] و[الأخباريون] عن عصر الرسالة، وما دونه [المحدثون] و[المؤرخون] بعد قرن من الزمان.
لقد كانت الأخبار والمرويات يتداولها الناس شفاهة قرنا ونصف قرن من الزمان، ثم جاء عصر التدوين، فدوّن علماء كل فرقة أخبارهم ومروياتهم على أساس “إحسان الظن” بمن نقلوها إليهم شفاهة، ولو أنهم لم يحسنوا الظن لسقطت مرويات “الحديث”، وأحداث “التاريخ”، كلها!!
والسؤال: إذا كان ما نُسب إلى النبي من “أحاديث” و”أخبار” وحيا إلهيا، فهل يمكن للوحي الإلهي أن يُترك للناس تتناقله الألسن قرنا من الزمان، على أقل تقدير، ثم بعد ذلك يُدوّنه [المحدثون] و[المؤرخون] كلٌ حسب مدرسته في الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف؟!!!!