إن الله تعالى لم يأمر الناس بعبادته من غير أن يزودهم بأدوات وميادين التعرف على دلائل وحدانيته، وعلى هذا الأساس أقام الله تعالى حجته على الناس. فلا عذر لأحد يملك آليات التفكر والتعقل والنظر..، ويعيش وسط هذا المنظومة المعرفية الهائلة، ثم لا ينظر في الكون حوله، ليعلم “أنه لا إله إلا الله”!! لذلك كان أول علم يجب أن يتعلمه الإنسان هو علم “معرفة على الله ودلائل وحدانيته”، الأمر الذي لا يتحقق إلا من خلال قلب سليم، لا يقبل المتناقضات، ولا الخرافات، ولا يقبل في دين الله إلا ما قام على الحجَّة والبرهان.
إن حرية الفكر شعار المنهج العلمي الذي يُساعد على تطور أية نهضة، وتقدم أية حضارة. وإن ما اعتبره السابقون حقائق ثابتة قد يأتي اللاحقون في مناخ هذه الحرية بما يثبت عكسه، أو عدم صحته. وإذا كان الانحراف عن سنن السلوك الأخلاقي القويم له تأثيره الهدام على الأمم فإن الانحراف عن سنن التطور الحضاري والأخذ بتقنياته العلمية له أثره الكبير على انهيارها. لذلك فإنه لا قيمة لهذا الوجود البشري دون بناء الإنسان بناءً معرفيا يمكنه من قراءة الآيات الكونية قراءة تتفاعل مع فطرة التوحيد، ومع الرسالات الإلهية، كقاعدة يقيم عليها المرء إيمانه، وقناعته الذاتية بحجية الدين الإلهي الذي أمر الله تعالى باتباعه، ومرجعيته التي يُستقى منها، وهل هي مرجعية واحدة عن الله تعالى مباشرة، أم مرجعيتان: واحدة عن الله، والأخرى عن رسوله؟!!
* “أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ”