نحو إسلام الرسول

(676) 4/3/2017 يسألون عن قطع يد السارق والسارقة (5)

حجية السياق القرآني في استنباط الأحكام

كي نفهم «الآية ٣٨» من سورة المائدة، «وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ»، علينا أن نتدبر السياق الذي وردت فيه، بداية من «الآية ٢٧»، وقول الله تعالى:

«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ»

بالبحث عن كلمة «قتل»، في السياق القرآني، باستخدام جذر الكلمة، سنحصل على «١٧٠» آية، كلها تدور حول:

«فِعْلُ شيء» – «يقع على شيء» – «فيقضي عليه».

وتأتي الأفعال المشتقة بنفس المعنى، إلا إذا جاءت قرينة دالة على الاستخدام «المجازي».

مثال للمعنى الحقيقي للقتل، وهو مفارقة النفس الجسد، بالموت، قوله تعالى:

«وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ . فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى»

ومثال للمعنى المجازي، وهو مما يستخدمه الناس في حياتهم، ولا يعلمون معناه، قولهم:

إن هذه المسألة «قُتلت» بحثًا: أي قَضَيْتُ عليها دراسة وبحثًا، وقولهم: قَتَل الخمر قَتْلاً: أي مزجها بشيء ليقضي على حِدَّتها.

وفي السياق القرآني استخدم «القتل» بمعناه المجازي، ومن ذلك قوله تعالى:

«قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»

ومعلوم أن الله تعالى لا يُقاتل أحدًا، فهذا أسلوب من الأساليب البيانية التي عرفها العرب، واستخدمه المسلمون في الدعاء على أعدائهم، لبيان أن الله هو الذي يقاتلهم، «هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ – قَاتَلَهُمْ اللَّهُ».

ثم وردت كلمة «القتل» بعد ذلك في سياق الآية «٣٣»:

«إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ»

وما سبق بيانه عن «القتل»، الوارد في سياق «الآية ٢٧»، أقوله أيضًا فيما يتعلق بالمعنى الحقيقي والمجازي في «الصلب»، و«قطع الأيدي»، و«الأرجل» وهنا جاء الفعل على وزن «فَعَّلَ»، «أَنْ يُقَتَّلُوا، يُصَلَّبُوا، تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ»، لبيان شدة العقوبة والحرص على تنفيذها.

ثم جاءت عقوبة قطع اليد، «تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ»، في نفس سياق بيان العقوبات التي يستحقها المفسدون في الأرض: «الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً».

والسؤال: هل كان العرب، أهل اللسان العربي، يعلمون معنى «يُقَتَّلُوا»، «يُصَلَّبُوا»، «تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ»، «يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ»، أم لا؟!

وحسب أصول البحث العلمي، يجب أن نحسم هذه القضية أولا مع أنفسنا، وسيأتي حصر لجميع الآيات التي ورد فيها جذر كلمة «قطع»، لبيان معناها حسب ورودها في السياق القرآني.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى