وليتدبر الذين يروْن القسوة في عقوبة السرقة، ولا يروْنها في عقوبة الزنى، سياق العقوبتين:
* «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ»
ثم تدبر ماذا قال الله للقائمين على تنفيذ هذه العقوبة:
* «وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا (رَأْفَةٌ) فِي دِينِ اللَّهِ»
* «إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ»
ولماذا أمر الله بتنفيذ هذه العقوبة أمام الناس:
* «وَلْيَشْهَدْ (عَذَابَهُمَا) طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ»
ثم تدبروا السياق الذي وردت فيه عقوبة السرقة:
* «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ»
* «فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا»
* «جَزَاءً بِمَا كَسَبَا»
* «نَكَالاً مِنْ اللَّهِ»
والنكال والتنكيل لهما أكثر من معنى في مراجع اللغة العربية، وحسب منهجي في تدبر القرآن، فالحجة في المعنى الذي يتناغم مع الآيات التي وردت فيها مادة الكلمة، وقد بيّنا في المنشور السابق أنها خمس آيات، جاءت كلها بمعنى إيقاع أقصى العقوبة على فاعل الجريمة.
ومن رحمة الله بالناس، وتأمين حياتهم من المفسدين في الأرض، أنه سبحانه لم يجعل التنكيل بـ «الفاعل»، أي الشخص الذي سرق، بسجنه مثلا، ثم يخرج يمارس إفساده في الأرض من جديد، ولا بنفيه وإبعاده عن المكان الذي تعود السرقة فيه، ليمارس إفساده في الأرض في مكانه الجديد..، وإنما جعل التنكيل بـ «اليد» التي فعلت «السرقة».
محمد السعيد مشتهري