نحو إسلام الرسول

(643) 14/2/2017 مقتضيات «الوحدانية»، والفهم الواعي لحقيقة «النبوة»

في «١٤- ٥ – ٢٠١٦» كتبت منشورا بعنوان «لا عزاء، فقد مات المُعَزّون»، بيّنت فيه حقيقة ما أراه يوميا يسبح في فضاء الإنترنت، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، من موضوعات يُفترض أنها من «الفكر الإسلامي»، وهو منها براء، و«قراءات عصرية» للقرآن، والقرآن منها براء.

إن الذي يُنشر كل دقيقة ويسبح في فضاء الإنترنت، باسم «الفكر الإسلامي»، لا علاقة له مطلقا بمقتضيات «الدين الإلهي» الذي أمر الله الناس اتباعه، فكيف تحدثني عن «الدين الإسلامي»، الذي أمر الله الناس اتباعه، وأنت لا تعلم أين هو باب الدخول إلى هذا الدين، ولا تملك مفاتيحه؟!

لقد تعلم المسلمون أن باب الدخول إلى «الدين الإلهي» هو «الوحدانية»، والحقيقة التي غابت عنهم قرونًا من الزمن، أن الباب الحقيقي هو العمل بمقتضيات «الوحدانية»، وبالفهم الواعي لحقيقة «النبوة».

كيف نُحدّث الناس عن أحكام الشريعة القرآنية، ونُبيّن لهم المفاهيم القرآنية للصلاة والزكاة والصيام والحج، وهم لا يؤمنون حق الإيمان، أن القرآن كلامُ الله وآيته الدالة على صدق «نبوة» رسوله محمد، وأن الإقرار بصدق هذه «الآية» والعمل بمقتضاها، شرطٌ لدخول الجنة؟!

كيف نقول للناس إن القراءات القرآنية العصرية والحداثية هي التي ستصل بالمسلمين إلى العالمية، في الوقت الذي يفعل السلفيون ذلك، بطريقة غير منطقية أيضا، وهم يقولون:

«اللهم انصر الإسلام والمسلمين على أعدائهم أعداء الدين»

إن أصحاب القراءات القرآنية العصرية، يريدون أن يصلوا إلى العالمية بـ «المكتبة الإسلامية وما تحمله من فكر ديني عصري»، والسلفيون يريدون أن يصلوا إلى العالمية بـ «الدعاء»، وقد أعطوا جميعًا ظهورهم لمقتضيات «الوحدانية»، وللفهم الواعي لحقيقة «النبوة».

والسؤال: هل سينصر الله المسلمين بالفكر الديني، وبالمنشورات التي تسبح كل ثانية في عالم «الترف الفكري»؟!

لقد عاش المسلمون، ويعيشون، داخل عالم «الترف الفكري» قرونًا من الزمن، سواء كانوا سلفيين أو عصريين أو مستنيرين، فلماذا لم ينصر الله جيوشهم العربية الإسلامية التي واجهت قوات التحالف عند غزوها العراق؟!

إن بعض الأصدقاء لا يعجبهم نقدي للغير، ويرون أن الأفضل أن انشغل بمشروعي الفكري، ولا علاقة لي بمشاريع الآخرين، وأن أتبع المتعارف عليه على شبكات التواصل الاجتماعي، «وكل واحد يخليه في حاله»!!

إنني عندما خلعت «ثوب المذهبية» وسط سهام التكفير التي كانت تُصوب نحوي، ليس من المؤسسات الدينية فقط، وإنما ممن هم أخطر من العاملين فيها، وهم «الجهلاء» من عامة المسلمين، الذين تدفعهم غيرتهم على تدينهم المذهبي إلى سفك الدماء بغير حق..، فعلت ذلك في وقت كان والدي يعمل فيه مديرًا عامًا للوعظ بالأزهر، وإمامًا «لأهل السنة والجماعة»، وكان هذا هو أكبر التحديات التي واجهتها في حياتي.

وإن قوة الدفع الوحيدة، التي جعلتني أواجه هذا التحدي الكبير بشجاعة وصبر، هي:

أولا: قول الله تعالى:

«لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»

* إنها قوة الخوف من «اللعن الإلهي»، فقد جاءت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل الإيمان بالله مباشرة:

«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ»

ثانيا: قول الله تعالى:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ»

* إنها قوة الخوف من «النفاق»، الأمر الذي جعلني أكتب منشورا أطلب فيه عملًا صالحًا اشتغل فيه ولو غفير، «طبعًا مجازا»، لأني أخاف أن أموت ومهنتي «مفكر إسلامي».

نعم، إن «الَّذِينَ آَمَنُوا» يعيشون اليوم داخل دائرة «النفاق»، والذي يريد أن يتحقق من ذلك عليه أن يستقطع من وقته يوميا ساعة من الزمن، يتعرف خلالها على طبيعة المادة الفكرية، «ولا أقول العلمية»، التي ينشرها كل من هب ودب على شبكات التواصل الاجتماعي، سواء كانت سلفية، أو عصرية، أو مستنيرة.

توقف لو سمحت لحظة عند كل منشور، وانظر وتدبر ماذا يقول صاحبه، وما علاقة منشوره بما غاب عن «الفكر الإسلامي» وعن حياة المسلمين قرونًا من الزمن، وهم لا يعملون بمقتضيات «الوحدانية»، ولا بالفهم الواعي لحقيقة «النبوة»، ولم يجعلوا بوصلة حياتهم «نحو إسلام الرسول»، وإنما في اتجاه هواهم!!

وأنا أتجول صباح كل يوم في ساحة «الفكر الإسلامي»، المنشور على شبكة الإنترنت، أشعر أني في عالم غُيّبت فيه عقول أصحابه عن المصيبة الكبرى التي حلت بهم وبأمتهم، عالم «التبلد الإيماني»، و«التخلف العلمي»، و«الهوس الديني».

لذلك كلفت أحد الأصدقاء بإقامة سرادق أتلقى فيه العزاء في وفاة قلوب آمنت بـ «الوحدانية» وعملت بمقتضاها، وبمقتضى الفهم الواعي لحقيقة «النبوة»، ولم تنحرف عنها، ولكني عندما دخلت السرادق، لم أجد أحدًا من المعزّين، فسألت صديقي:

أين المُعَزّون؟!

قال: ماتوا!!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى