نحو إسلام الرسول

(641) 12/2/2017 «أَتَدْعُونَ (بَعْلاً) وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ»

لقد وردت هذه الآية ضمن الآيات التي ذكرتها في منشور «٢٩ يناير ٢٠١٧م»، والخاص بمعنى كلمة «بعل» في السياق القرآني، في إطار سلسلة من المنشورات الدورية، بعنوان «منهجية القرآن وكفى، والتقول على الله بغير علم»، للرد على الذين يقولون نفهم «القرآن من ذات القرآن»، دون الاستعانة بأي مصدر معرفي من خارجه، ولا حتى مراجع «اللغة العربية».

ولقد سبق هذا المنشور منشورات أخرى، حملت البراهين الدالة على سقوط هذا التوجه الفكري «القرآن وكفى» من قواعده، بعد أن عجز أصحابه والتابعون المقلدون لهم عن الرد على الأسئلة، التي حملتها هذه المنشورات، استنادا إلى النص القرآني و«كفى».

فأقول:

أولا: لقد قلت في المنشور، بعد أن ذكرت الآيات الخمس:

«ولا يوجد مطلقا في هذه الآيات، ولا في غيرها، بيان للفرق بين «البعل» و«الزوج»، ولذلك تسأل المطلقة أهل (القرآن وكفى): أليس القرآن تبيانًا لكل شيء؟!»

ثم قلت في ختام المنشور:

«وأرجو من الذي يعلم الفرق بين البعل والزوج من كتاب الله، وأكرر من كتاب الله، (وليس استنتاجات، وكلامًا مرسلًا، أو نقلًا عن أهل البيان)، أن يضعه في تعليقه، ولن أقبل أي تعليق لا يلتزم بهذا الشرط، لذلك لا تتسرع يا صديقي بالتعليق»

ثانيا: لقد أعمت «المنهجية العشوائية» أبصار أصحاب بدعة «القرآن وكفى»، بل ولم تر بصائرهم كلمة «بعل» التي وردت في الآية الخامسة من المنشور:

«أَتَدْعُونَ (بَعْلاً) وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ»

وراحوا يَسْبَحُون في عالم «الجدل العقيم»، هذا الجدل الذي يُميّزهم عن غيرهم على شبكة الإنترنت.

ثالثا: إن المتبع لـ «المنهجية العلمية» في تدبر القرآن، يعلم أن معنى كلمة «بعل» الواردة في سياق الآيات الأربع الأولى:

١- «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ (وَبُعُولَتُهُنَّ) أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ»

٢- «وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ (بَعْلِهَا) نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً»

٣- «قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا (بَعْلِي) شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ»

٤- «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ (لِبُعُولَتِهِنَّ) أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ (بُعُولَتِهِنَّ) أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ (بُعُولَتِهِنَّ) أَوْ إِخْوَانِهِنَّ»

يعلم أن معنى كلمة «بعل» يكمن في فهم الآية الخامسة:

٥- «أَتَدْعُونَ (بَعْلاً) وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ»

فإذا فهمنا معنى كلمة «بعل» الواردة في سياق هذه الآية، نكون قد وقفنا على المعنى المراد في سياق الآيات الأخرى، وعلى الحكمة من عدم استخدام كلمة «زوج»، فها هي كلمة «بعل»، بشكلها، وحروفها، وصوت حروفها، في الآيات الخمس واحدة!!

رابعا: إن «العلماء»، أهل البصيرة، الذين يتبعون «المنهجية العلمية» في تدبر القرآن، لا سبيل أمامهم لفهم كلمة «بعل» الواردة في سياق اتخاذ «الأصنام» آلهة تُعبد من دون الله، إلا الاستعانة بمراجع «اللغة العربية» للوقوف على معنى كلمة «بعل» في لسان العرب.

وعندما نقف على أصل معنى كلمة «بعل» في اللسان العربي، بالاستعانة بمراجع «اللغة العربية»، سنفهم حكمة استخدام سياق الآيات الأربع كلمة «بعل» وعدم استخدام كلمة «زوج»، ووجه البلاغة في ذلك، هذا العلم، المسمى بـ «علم البيان» الذي ينكره أهل «القرآن وكفى».

خامسا: بصرف النظر عن فهمنا أو عدم فهمنا لما ورد في مراجع «اللغة العربية» من بيان محكم، يشهد أن هذا القرآن هو «كلام الله» حقًا وصدقًا، فإن السؤال الذي سيفرض نفسه دائما:

هل نستطيع فهم القرآن، من ذات النص القرآني، دون الاستعانة بمراجع «اللغة العربية»، بدعوى أنها حملت باطلًا؟!

إن «منظومة التواصل المعرفي»، التي هي المحور الأساس في مشروعي الفكري، والتي يستحيل فهم القرآن «مطلقا» دون الاستعانة بها، قد حملت الحق والباطل، والله تعالى يحفظ ما حملته من حق، بحفظه للنص القرآني.

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»

«لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ»

«وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»

إن السياق القرآني هو الحاكم على أي مصدر معرفي نستعين به لفهم «كلام الله»، ومراجع «اللغة العربية» من المصادر المعرفية التي حملتها «منظومة التواصل المعرفي» للناس، ولا شك أن الله تعالى حفظ فيها «لسان العرب» الذي به يتناغم المعنى مع السياق القرآني.

وإلا كيف نفهم «على سبيل المثال» لماذا سمى المشركون الصنم بـ «البعل» في قوله تعالى: «أَتَدْعُونَ (بَعْلاً) وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ»

سادسا: إن «كلام الله»، المدوّن في «الكتاب»، والمقروء في «القرآن»، والذي يشاهده الناس جميعًا في الآفاق والأنفس، لم يحمل لهم «مدرسة» لتعليم «اللسان العربي» كيف وهو يخاطب أصلا أهل «اللسان العربي».

والسؤال: هل خرج أولاد العرب إلى الدنيا، وهم يعلمون كيف ينطقون بحروف القرآن وكلماته، وإذا كان يستحيل أن ينطق الطفل العربي بحرف واحد من كتاب الله إلا إذا تعلم مسمى الكلمة العربية ومعناها من مراجع «اللغة العربية»، أي من مصدر معرفي خارج القرآن، فبأي منطق نقبل دعوى «القرآن وكفى»؟!

وإذا سأل الولد والده، الذي يقول «القرآن وكفى»، ما معنى كلمة «بَقْلِهَا»، في قوله تعالى:

«وَإِذْ قُلْتُمْ يَمُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن (بَقْلِهَا – وَقِثَّآئِهَا – وَفُومِهَا – وَعَدَسِهَا – وَبَصَلِهَا) ..»

فهل يستطيع أن يستخرج له من «القرآن وكفى» معنى «بَقْلِهَا»؟!

إن عجز أهل «القرآن وكفى»، عن الإتيان بمعنى «كلمة واحدة» من كلمات القرآن، استنادًا إلى نص قرآني، معناه أنهم «جهلاء»، يفترون على الله الكذب، ليضلوا الناس «الأجهل منهم» بغير علم.

وإذا كان العدس «وَعَدَسِهَا»، والبصل «وَبَصَلِهَا»..، من المأكولات التي عرفها العرب من خلال «منظومة التواصل المعرفي»، فهل يستطيع أهل «القرآن وكفى» استخراج معنى هذه الأطعمة، وصور مسمياتها، من القرآن:

بَقْلِهَا – وَقِثَّآئِهَا – وَفُومِهَا – وَعَدَسِهَا – وَبَصَلِهَا

وهل إذا أعطيت لعربي، لا يعلم قواعد «اللغة العربية»، هذه الآية:

«إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»

بعد أن حذفت منها التشكيل، فهل يستطيع أن يضع علامات الإعراب الصحيحة على لفظ الجلالة «الله»، وعلى كلمة «العلماء»؟!

الحقيقة لقد فعلتها مع أحد الذين يتبعون بغير علم أصحاب بدعة «القرآن وكفى»، وعندما أخطأ في الإعراب، ولم ينتبه إلى أن «العلماء» هم الذين يخشون الله، وليس العكس «كما قرأها إعرابيًا»، وبعد أن بيّنت له وجه الإشكال العقدي الذي وقع فيه بسبب جهله بقواعد «اللغة العربية»، أعلن تبروءه من بدعة «القرآن وكفى».

وأقول لأصحاب بدعة «القرآن وكفى»، والتابعين لهم بغير علم، بما فيهم الذين تم حذف تعليقاتهم، والذين حُذفت صداقتهم، اجتمعوا على قلب رجل واحد، وأجيبوا على سؤال هذا المنشور:

ما معنى كلمة (بعل) الواردة في الخمس آيات المشار إليها سابقا، استنادا إلى نص قرآني، مع وضع الإجابة في جملة واحدة مفيدة، ليعلم الناس الفرق بين المنهج العلمي في الحوار، والمنهج العشوائي.

«أَتَدْعُونَ (بَعْلاً) وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى