نحو إسلام الرسول

(563) 1/1/2017 (يَعْصُون «النبوة»، ويُصلّون على النبي)

منذ أن تحولت «أعمال» المسلمين إلى أقوال، وكتب ومنشورات، وأصبحت أقوال الرواة تقوم مقام التفاعل الحي مع «رسول الله»، وضمير الخطاب الخاص بشخص «رسول الله»، جعلوه يشمل «أئمة السلف»، من فقهاء ومحدثين ومفسرين..، ضاعت أمتهم، وضاع تدينهم.

عندما نستمع إلى الشيخ الشعراوي في خواطره الإيمانية، حول قوله تعالى في سورة النساء «الآية ٦٤»:

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ، لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً»

نراه يجعل فعل «جَاءُوكَ» الخاص برسول الله في عصر الرسالة، يشمل جميع العصور، بدعوى أن الله لن يقبل توبة العبد، إلا إذا استغفر له الرسول أولا، سواء كان ذلك في حياته، أو بعد وفاته، وهذا نص ما قاله:

«لأن مفيش حد أبدًا حيصطلح على ربنا من ورا محمد، عليه الصلاة والسلام، أبدا، مش ممكن حد كده يعمل باب صلح كده، ويروح يصطلح مع ربنا من ورا محمد»

ولما كانت الآية يستحيل أن يُفهم منها ما ذهب إليه الشيخ، بدليل أنه وقف أمامها، «حسب قوله»، عشر سنوات لا يعلم كيف يكون لفعل «جَاءُوكَ» فاعلية بعد وفاة الرسول، ذهب إلى اتخاذ «رواية» قال إنها صحت «عنده»، وعند «بعض» أهل العلم، دليلا على فهمه للآية، وهذه الرواية تقول:

«حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم، تُعرض على أعمالكم، فإن رأيت خيرًا حمدت الله، وإن رأيت غير ذلك استغفرت لكم»!!

يُفهم من الرواية أنه في حياة النبي يذهب المسلمون إليه شخصيًا، أما بعد وفاته فيذهبون إلى «المحدثين»، وما صح عندهم من «مرويات السنة»، كلٌ حسب مدرسته في الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف!!

وبنفس «المنهج العشوائي» فهم المسلمون مسألة «الصلاة على النبي»، بدعوى أن الله أمر بها، والحقيقة أن لا أصل لها في كتاب الله.

لقد ورث المسلمون مسألة «الصلاة على النبي» عن طريق «مرويات»، اختلف المحدثون في صحتها، واختلف الفقهاء حول وجوبها واستحبابها، ولقد فصّل ابن عاشور في التحرير والتنوير مذاهب أئمة السلف في مسألة «الصلاة على النبي»، ومما نقله عنهم قوله:

«واعلم أنا لم نقف على أن أصحاب النبيء – صلى الله عليه وسلم – كانوا يصلون على النبيء كلما ذكر اسمه، ولا أن يكتبوا الصلاة عليه إذا كتبوا اسمه، ولم نقف على تعيين مبدأ كتابة ذلك بين المسلمين».

وقوله: «ثم أحدثت الصلاة على النبيء – صلى الله عليه وسلم – في أوائل الكتب في زمن هارون الرشيد، ذكر ذلك ابن الأثير في الكامل في سنة ١٨١ هـ»

إن مسألة «الصلاة على النبي»، من الموضوعات التي درستها من زواياها المختلفة في بداية رحلتي الفكرية، وكتبت فصلا حولها في كتاب «نحو تأصيل الخطاب الديني»، الذي تم مصادرته قبل نشره، ثم قمت بنشره باسم «نحو تأصيل الفكر الإسلامي»، بعد حذف هذه الموضوعات.

أنا لا أنكر أن الله تعالى صلى على المؤمنين جميعًا، بما فيهم النبي، كما ورد في «الآية ٤٣» من سورة الأحزاب، ولا أن الله وملائكته صلّوا على النبي، كما ورد في «الآية ٥٦» من نفس السورة.

ولكن النزاع ليس حول «الخبر»، الذي أخبرنا الله به في هاتين الآيتين، وإنما حول مفهوم «الأمر»، الذي جاء في الآية «٥٦»: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ، وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»

وهذا هو موضوع عنوان هذا المنشور «يَعْصُون النبوة، ويُصلّون على النبي»، الذي سأعرضه على عدة منشورات، لكل منشور محوره الخاص، وبعد الانتهاء من عرض هذا الموضوع، سأنشر إن شاء الله مبادرة «نحو إسلام الرسول».

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى