كثير من الأصدقاء طلبوا مني عدم الالتفات لتعليقات الصديق Magdy Shehata، لأنها تدور حول محور واحد هو رؤيته الشخصية للدين الإسلامي، وللقرآن بصفة خاصة.
وما يدعوني أحيانا للتعقيب على تعليقاته، أن هناك من المعجبين بآرائه لا يعلمون شيئا عن مشروعي الفكري، ولا عن موضوع المنشورات التي يُعلق عليها، وأراهم يُعجبون بتعليقاته.
يقول Magdy Shehata، تعليقا على منشور اليوم، وموجها الكلام إليّ:
(لقد تجنبت الإجابة .. للأسف. كنت أتوقع موضوعية و شجاعة أكثر من ذلك).
وكان قد علق على منشور «الإسلام دين أمة وليس شأنًا فرديًا»، ووصفت تعليقه في منشور اليوم بقولي:
(ثم كتب بعد ذلك موضوعا إنشائيًا في عشر فقرات، لا علاقة له مطلقا بهذه المبادرة، التي تقوم أساسا على اقتلاع الإرهاب والتطرف الديني من جذوره، انتبهوا … واستيقظوا … وتدبروا، وكفاكم عشوائية)
وكان يجب أن ينتظر حتى أعلن عن تفاصيل هذه المبادرة، ثم يكتب ما شاء، ولكن «العشوائية الفكرية» هكذا هو منهجها.
فتعالوا نتعرف على ما سماها بحقائق بسيطة، ردا على منشور «الإسلام دين أمة وليس شأنًا فرديًا»
يقول:
(أولا: الأمة هي عبارة عن مجموع أفرادها. لو اعتنق الأفراد نفس المبادئ والقيم لأصبحت تلقائيا هي مبادئ الأمة أو الدولة بمسمى العصر الحديث).
ويقول:
(ثانيا: لو أن أغلبية هذه الدولة تؤمن بمبادئ وقيم القرآن يصبح من السهل ترجمتها إلى قوانين وضعية بطريقة ديموقراطية يقبلها الجميع مسلم أو غير مسلم).
ويقول:
(خامسا: هل الدول القوية اليوم هي “أمم إسلامية”؟ إنها دول طبقت العقل والفطرة فأعدوا القوة اللازمة لإرهاب أي عدو محتمل بدون أن يكونون أمما دينية).
ويقول:
(سادسا: أرجو من كاتب المنشور أن يشرح بالتفصيل كيفية تكوين الأمة الدينية في عصرنا كما يرى وكيفية سن القوانين وفرضها. هل سيكّون جيشا يقضي به على الفرق الموجودة على الساحة ليكون هو صاحب الرأي الوحيد و التفسير الوحيد للقرآن؟)
* التعقيب:
لقد ذكر في أولا:
جملة (مبادئ الأمة أو الدولة)
وذكر في ثانيا:
(هذه الدولة)
وذكر في خامسا:
جملة (هل الدول القوية)
وذكر في سادسا:
(تكوين الأمة الدينية)
وللأسف الشديد، هكذا تقود «العشوائية الفكرية» أصحابها، لأن المبادرة لا علاقة لها مطلقا، لا من قريب ولا من بعيد، لا بـ «الدول»، ولا بـ «الأنظمة الحاكمة»، ولا بـ «الأمة الدينية»، وإن غدا لناظره قريب.
ثم يقول:
(ثالثا: مبدأ لا إكراه في الدين لم يحدده القرآن على أنه لدخول الدين فقط ولكنه شامل وعام. أساس الدين القناعة و الطواعية وليس القسر والإجبار والإكراه. أنا شخصيا لا أؤمن بالدين القسري واعتقد أن هناك الكثيرون ممن يشاركوني هذا الفكر).
ومما قاله في:
(سادسا: وماذا عن هؤلاء الذين لا يقبلون هذا التفسير الأوحد؟ ماذا نفعل بهم؟ ماذا نفعل بأصحاب المذاهب المختلفة والأديان الأخرى؟)
* التعقيب:
أنا قلت إن المبادرة تدعو من يؤمن بـ «مشروعي الفكري»، فأين الإكراه والقسر والإجبار، وأين التفسير الأوحد، وأنا صاحب مشروع «موسوعة الفقه القرآني المعاصر»، ووجوب التعامل مع القرآن باعتباره «آية إلهية» معاصرة بـ «مقابلها الكوني» للوجود البشري اليوم؟!
ويقول:
(رابعا: أن محاولات التجمع في تفسير وفهم وتطبيق القرآن انتهت دائما بمدارس ومذاهب وطوائف مختلفة فأصبح استحالة على المسلمين أن يكونوا متوحدين).
* التعقيب:
منذ عقود، وكل من يعرفون مشروعي الفكري، يطلبون أن تكون لي جماعة ومدرسة فكرية يجتمع حولها المسلمون، لأن الناس لا تلتزم إلا عندما ينتسبون إلى جماعة وتكون بينهم وبين إمامها بيعة..، وأنا أرفض، فذهبوا يقيمون الجماعات والأتباع والمعجبين.
ثم يقول:
(طرح “فردية الدين” هو الطريق إلى السلام الاجتماعي والبديل الواقعي للفرق المختلفة المتناحرة. وهو في نفس الوقت تطبيق لمبدأ “لا إكراه في الدين” ومبدأ “لا تزر وازرة وزر أخرى” ليتحمل كل مسلم مسئولية دينه أمام الله فقط يوم الحساب).
ثم يقول:
(لقد حاول المسلمون على مدار ١٤٠٠ سنة “جماعية الدين” و فشلوا فشلا ذريعا انتهى بالأوضاع المؤسفة اليوم من تفرقة وتناحر وتكفير وتخلف.
* التعقيب:
وما قاله الصديق مجدي شحاته، (كعادته)، ينطلق من قاعدة التفرق والتخلف التي أقام عليها أتباع الفرق والمذاهب المختلفة تدينهم الوراثي منذ أحداث الفتن الكبرى وحتى يومنا هذا، حتى في تعامله مع القرآن.
أما مشروعي الفكري فيتعامل مع القرآن باعتباره «آية إلهية» معاصرة بـ «مقابلها الكوني» للوجود البشري اليوم، ولا علاقة لمشروعي الفكري بإسلام المسلمين وتدينهم الوراثي، وتفرقهم في الدين، وتخاصمهم.
وأنا على يقين أن مبادرة «نحو إسلام الرسول» ستكون هي القاصمة التي قصمت ظهر الفكر السلفي، والفكر المستنير العصري.
إن السلفية والعصرية يعيشان في خندق واحد، أسميه «الترف الفكري»، الذي اتخذ القران مهجورا، فهجروا تفعيل نصوصه، ولم ينظروا إلى مقابلها الكوني، الذي سبقهم إليه غير المسلمين، بتقدمهم العلمي ومؤسساتهم الصناعية الكبرى، والمفكرون الإسلاميون ما زالوا يُفكرون، وينشرون الكتب، والمقالات.
إن السلفية والعصرية يعيشان في خندق واحد، لا يعلمان عن الإسلام شيئا، إلا أن تدافع الأولى عن أمهات كتب الحديث، وفي مقدمتها «البخاري ومسلم»، ثم تأتي الثانية وتريد إسقاطها، والإثنان يظنان أنهما يجاهدان في سبيل الله، والحقيقة أنهما يجاهدان في سبيل «الترف الفكري»، والدفاع عن «العشوائية الفكرية».
محمد السعيد مشتهري