الصديق «حسام علي» كتب تعليقا على منشور الأمس فقال:
«من المعلوم أن قوله تعالى (بالغدو والآصال) معناه عند كل من يفهم لغة العرب وقتان فقط، ولو أراد الله تعالى استيعاب جميع الوقت بين الغدو والآصال، كما ذكرت أنت، لقال الله تعالى (يسبح له فيها من الغدو إلى الآصال) ولم يقل (بالغدو والآصال)»
أقول، أولا:
يجب تحديد معنى المصطلحات التي يدور حولها الحوار العلمي، فإذا كان حوارنا حول «ذكر اسم الله» و«التسبيح» في المساجد، فعلينا تحديد المعنى المراد بهما.
فإذا كنا نؤمن بوجود «ترادف» في القرآن، وأن ذكر الله والتسبيح هو إقامة «الصلاة» في الغدو والآصال، فهذا رأي يجب على صاحبه أن يحدده أولا قبل الحوار.
وإذا كنا نؤمن بوجود «مجاز» في القرآن، وأن المراد بالتسبيح في الآية أيضا «الصلاة»، بإطلاق الجزء على الكل، إذ التسبيح جزء من الصلاة، وهو ما يُسمى بـ «المجاز المرسل»، فهذا رأي يجب على صاحبه أن يحدده أولا قبل الحوار.
ثانيا: لقد قال في تعليقه:
«ولو أراد الله تعالى استيعاب جميع الوقت بين الغدو والآصال، كما ذكرت أنت، لقال الله تعالى (يسبح له فيها من الغدو إلى الآصال) ولم يقل بالغدو والآصال»
وأنا أقول، وبنفس المنطق: ولو أراد الله إقامة «الصلاة» في الغدو والآصال لقال تعالى: «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، «يقيم الصلاة» فيها بالغدو والآصال»
ثم بنفس منطق الاستيعاب، علينا أن نقيم صلاة قال عنها الله تعالى: «أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ»، فيكون قوله تعالى «إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ»، أن تستوعب هذه الصلاة كل الوقت ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل.
فما هي هذه الصلاة، أو ما هو هذا التسبيح، الذي يجب ألا ينقطع خلال الفترة الزمنية بين دلوك الشمس وغسق الليل؟!
ثالثا: إذا كان المراد من الآية ذكر اسم الله والتسبيح، بالغدو والآصال، فما الحكمة من أن يترك التجار البيع والشراء، ويغلقون متاجرهم، ويذهبون إلى المسجد لذكر الله والتسبيح؟!
هل يصعب عليهم فعل ذلك وهو في أعمالهم، ثم متى يكون التاجر في لهو وانشغال بتجارته عن ذكر الله والتسبيح والصلاة: هل في وقت صلاة الفجر، أم بعد شروق الشمس، أم وسط النهار؟!
لذلك قلت:
إن الخطاب القرآني يتحدث عن مساجد لا تغلق أبدا، تماما كالمسجد الحرام ومسجد المدينة، وهذه المساجد تكون دائما عامرة بالمصلين، «عند من يرون بوجود ترادف ومجاز في القرآن»، والمعتكفين، والتائبين المستغفرين …. وكل هؤلاء يشملهم قوله تعالى: «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال» سواء كانوا يدخلون المسجد في أوقات الصلاة، أو في غير أوقات الصلاة.
محمد السعيد مشتهري