نحو إسلام الرسول

(524) 18/10/2016 (حوار مع الصديق مجدي شحاته)

يقول في تعليقه على المنشور السابق:
« لا أحد يمتلك الدين غير الله، و من يدعي غير ذلك فهو واهم ».
أقول:
هذه حقيقة، فمن يدعى أنه يمتلك دين الله، سنقول له ائتنا بدين مثله!
ويقول:
« كل مسلم له أن يفسر القرآن ويطبقه حسب فهمه و قدراته وليس حسب من يدعون أنهم علماء الدين »
أقول:
نترك علماء الدين « على جنب »، ودعنا نتحدث عن « المسلم » الذي يريد أن يفسر القرآن ويطبقه حسب فهمه و قدراته، ونسأله سؤالا منطقيا لا تحتاج إجابته إلى علماء دين، ولا غير دين:
السؤال: كيف تنظر أيها المحاور إلى القرآن؟!
أولا: هل باعتباره « كلام الله» الذي:
« لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ »
لأنه: « تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ »
ثانيا: أم باعتبار أنه كان« كلام الله » قبل وفاة النبي، ثم بعد وفاته آتاه الباطل؟!
فإذا كان الجواب على السؤال الأول بنعم، إذن فعلى المسلم ألا يدلي برأيه في تفسير آية، أو استنباط حكم منها، إلا بإذن من الله تعالى، أي إلا بنص قرآني يثبت صحة ما ذهب إليه.
وإذا كان الجواب على السؤال الثاني بنعم، وأن هذا القرآن الذي بين أيدينا اليوم قد آتاه الباطل، وحرّفه البشر، إذن فمن حق المحاور أن يقول في القرآن « المُحرّف » ما شاء أن يقول، وأن يستنبط من الأحكام ما شاء أن يستنبط، دون أن يلومه أحد، أو يعترض عليه أحد، أو يؤذيه أحد.
أما ما ذكره الصديق مجدي شحاته في تعليقه بعد ذلك، فهو قائم على الشبهة السابقة، ولا جدوى من الرد على ما ذكره، إلا بعد أن يحسم موقفه من السؤالين.
وإلى أن يحسم موقفه، فأريد الرد على شبهة تتعلق بالتفسير الأحادي الذي ذكره في تعليقه، حيث قال:
« لو كان كذلك لأنزل الله قرآنا أحادي التفسير لا يحتمل الاختلاف والتباين »
يقصد لو كان الله يريد تفسيرا واحدا للقرآن، يقوم باتباعه الناس إلى يوم الدين، لأنزل تفسيرا لا يحتمل الاختلاف والتباين، ولكنه لم يفعل، لأنه شاء أن يكون التفسير « الفردي » متجددا، والتطبيق « الفردي » بلا إكراه، على حد قول الصديق مجدي.
أقول:
هذه حقيقة، لأن القرآن ليس كتابا إلهيا فقط، وإنما كتاب إلهي يحمل آية « معجزة » إلهية، ويستحيل أن يكون لنصوص هذه الآية تفسير سلفي ثابت، وإلا لكان الأَوْلَى أن يفسره الرسول بوحي من الله.
ولكن السؤال:
إن هذه « الآية القرآنية » تشمل آيات الآفاق والأنفس، المقروءة في كتاب الله، والمشاهدة في الكون، قال الله تعالى:
« سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ، وَفِي أَنفُسِهِمْ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ »
فمن هؤلاء الذين سيُخرج الله على أيديهم ما تحمله آيات الآفاق والأنفس من كنوز، ودلائل « الوحدانية »؟!
إنهم « العلماء »، الذين ورد ذكرهم في سورة فاطر، في سياق الحديث عن دلائل « الوحدانية »، فقال تعالى:
« وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ، إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ »
ويستحيل أن يكون السياق يتحدث عن علماء ملحدين، لادينيين، أو عن علماء لا علاقة لهم بالإسلام، ولا بالإيمان، ولا بمنظومة « تدبر القرآن »!
إن خشية الله « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ »، وإخلاص العبودية لله « مِنْ عِبَادِهِ »، لا يتحققان إلا في إنسان آمن بوحدانية الله، وأقر بأصول الإيمان، والتزم بأحكام الشريعة الإلهية، وهؤلاء هم « العلماء » الحقيقيون.
ومنذ أن بدأت مشروعي الفكري في الثمانينيات، وهذا هو مفهومي للعلم والعلماء، وأن الإسلام لن يصل إلى العالمية، إلا على أيدي هؤلاء العلماء.
فكيف يستقيم هذا المشروع العلمي القومي، مع ترك المسلمين يدرسون ويستنبطون أحكام القرآن، كلٌ حسب فهمه، وحسب قدرته العقلية، والأصل أن يكون هذا المشروع العلمي القومي، العالمي، بأيدي خير أمة أخرجت للناس؟!
ولكن، وكما يقول الشاعر:
« لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي »
محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى