نحو إسلام الرسول

(517) 11/10/2016 (على هامش منشور….. هل تعلم من أنت ؟)

لقد أصبحت شعوب العالم اليوم، تهتم ببرامج «التنمية البشرية»، خاصة التي تقول للإنسان: « هل تعلم من أنت؟! »، فهل عرف المسلمون من هم، لذلك تقدموا، وأصبحوا في مقدمة منظومة التقدم الحضاري؟!

إن شعوب العالم فيها « العالِم »، و« الجاهل »، و« المفلس »، و« غير المتعلم »، فهل المسلمون جميعًا: إما علماء، أو جهلاء، أو مفلسون، غير متعلمين؟!

إن شعوب العالم تتداول بين أفرادها هذه المصطلحات، فيقولون: هذا عالم، هذا جاهل، هذا غير متعلم، هذا مفلس، فهل لا يوجد بين المسلمين من يحملون هذه الصفات؟!

إن « العالِم »، حسب مشروعي الفكري، ليس هو الحاصل على شهادة علمية متوسطة أو عليا، وقد سبق بيان ذلك في أكثر من منشور ومقال، وإنما هو الذي يعلم شيئًا، ويستطيع إقامة البرهان على صحته، لذلك قلت في تعريف « العالِم »:

« هو من يستطيع أن يقيم البرهان على صحة ما يعتقده، في أي مجال من مجالات العلوم، ولا يتحدث إلا ببرهان، ولا ينتقد إلا بأسلوب علمي، فيأتي بالنص الذي يريد نقده أو نقضه، ويقيم البرهان على عدم صحته»

إن قولي: « من يستطيع »، يعني: من عنده الاستطاعة أن يفعل ذلك، أي أن يكون « عالما » بما يقول، وهذا يعلمه من له دراية بمبادئ اللغة العربية، التي حملها اللسان العربي الذي نزل به القرآن.

إنني لم أذكر مطلقا، خلال رحلتي الفكرية، أن « العالِم » هو الحاصل على الشهادات العلمية، وأن « الجاهل »، هو من لم يحصل على شهادة علمية، متوسطة أو عليا.

ولذلك قلت عند تعريف الجاهل: « الذي يعلم معلومات غير صحيحة، ولا يحاول دراسة البراهين الدالة على عدم صحتها، ولا يطلع على المراجع التي تثبت ذلك »

إن قولي في تعريف « الجاهل »: « الذي يعلم الذي يعلم معلومات غير صحيحة »، كقولي في تعريف « العالِم »: « هو من يستطيع أن يقيم البرهان على صحة ما يعتقده ».

إن جميع شعوب العالم تستخدم المصطلحين في كثير من المواقف، والتعاملات، فهل خطر ببال أحد ممن وصفوا بالجهل، وخاصة التلاميذ الذين يصفهم أستاذهم بالجهل، أن هذا الوصف يعني عودة وصاية الفقهاء وعلماء السلف على أمتنا « التي لا وجود لها أصلا »؟!

هل خطر ببال أحد ممن وصفوا بالجهل، أن هذا الوصف ينذر بخطر عظيم قادم، وهو خطر العودة إلى الجاهلية الأولى، وتقسيم الناس إلى عالم وجاهل ومفلس؟!

« مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ »

إن الأصدقاء « الترانزيت »، الذين يظهرون على صفحتي فجأة، وكلما قرؤوا أو سمعوا عن موضوع أو مقال نشرته، يخالف ما ذهب إليه شيخهم وإمامهم، تنهال تعليقاتهم مرة واحدة بصورة مخزية ومكشوفة، وهم معذورون، فهكذا تربوا في مدارس الفكر الإسلامي المستنير.

إن الأصدقاء « الترانزيت »، لا يعلمون شيئًا عن مشروعي الفكري، وإذا أراد أحد الأصدقاء أن يلفت نظرهم إلى ذلك، ويضع لهم الروابط التي تتدل على جهلهم بهذا المشروع، أعطوا ظهورهم لما قدمه، واستمروا في كلامهم المرسل، وجدلهم العقيم، وخير شاهد تعليقاتهم على هذه الصفحة.

لذلك أرجو من الذين يريدون التأكد من صحة ما يقدمه الأصدقاء « الترانزيت »، أن يستقطع من وقته ساعة كل يوم، ويطلع على تعليقاتهم، ليقف بنفسه على هذه العشولئية الفكرية، فمرة يُعجبون جدا بما أنشره، ومرة أصبح « سلفيا »، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا!!

ويبدو أنني عندما تحدثت عن الظروف التي عشت فيها، والتحديات التي واجهتها أثناء رحلتي من الإيمان الوراثي إلى الإيمان العلمي، وقلت في منشور: « تهافت مفهوم الصلاة عند د.م. شحرور»:

« منذ سنوات، وأنا أجد أسلوبي أصبح حادًا، ولم أكن كذلك من قبل، وأصبحت غليظ القلب، ولم أكن كذلك من قبل، ولست سعيدًا بذلك..»

لقد وجدوها فرصة للهروب من « إفلاسهم » العلمي، وذهبوا ينالون من شخصي، وتحولوا إلى أطباء نفسيين، لعلي أجد عندهم الدواء الشافي، وأعطوا ظهورهم لقولي بعدها:

« منذ عقود من الزمن، وأنا أعيش داخل دائرة الحوار مع «الجهلاء»، الذين يفترون على الله الكذب باسم «المصدر الثاني للتشريع»، أو باسم القراءات المعاصرة، فهم سواء ».

وتركوا قولي:

« وكنت في نفس الوقت أتزود من نور القرآن، بتدبر آياته وفق منهجية علمية، إلى أن أصبح قلبي لا يطيق ما يراه، وما يسمعه من «الجهلاء»، ويحتاج أن يسكنه الله تعالى برحمته، وهذا لم يحدث إلا مع الأنبياء »:

« فبما ( رحمة من الله ) لنت لهم، ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك »

إن هؤلاء لم يفهموا معني ( رحمة من الله )، وأنه لولا هذه الرحمة، لظهرت بشرية النبي، ولأصبح فظًا غليظ القلب، كما عاتبه الله في مواقف أخرى.

ولكن لماذا في هذا السياق بالذات أنزل الله رحمته على رسوله؟! لأن المنافقين كانوا بين صفوف المؤمنين، ومنهم من لم يكشفهم الله لرسوله حتى وفاته:

« وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ »

ولذلك، وبعد أن قال الله لرسوله، في مرحلة من مراحل الدعوة:

« وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ »

قال له بعد ذلك:

« يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ) وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ »
ولذلك قلت، في ختام المنشور الذي أشرت إليه سابقا:

« وأنا لست نبيًا، لذلك كان عليّ أن أواجه التحديات بنفسي، فانشغل من حولي بأسلوبي « الغليظ »، وذهبوا عني، وعن العلم الذي أحمله، انتصارًا لكرامتهم »!!

إنني لم أغضب في يوم من الأيام، من أجل دنيا، ولا من أجل أشخاص، خلال رحلتي الفكرية، وكنت سعيدًا أن أجد نار الغضب لا تشتعل في قلبي إلا عندما أرى أو أسمع شيئًا فيه افتراء على الله ورسوله.

لقد كانت دائرة « الجهل » بدين الله وشريعته القرانية، تتسع يوما بعد يوم، وتضيق أمامها دائرة العلم، وأصبح الحديث عن « المنهجية العلمية »، وعن أدوات تدبر وفهم القرآن، حديثًا غريبًا على مسامع المسلمين.

كنت أرى المفكرين الإسلامين، والتابعين لهم، يعيشون حياتهم الفكرية دون الإحساس بالمصيبة التي تنتظر المسلمين يوم الحساب، وهي مصيبة «الشرك بالله »، التي أعطوها ظهورهم، حتى لا ينفض
« السامر » من حولهم.

إن موسى، عليه السلام، عندما ذهب إلى ميقات ربه، استخلف أخاه هارون في قومه:

« وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ »

تتدبر قول موسى لأخيه: « وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ »

وعندما رجع موسى من ميقات ربه، اشتعلت نار الغضب في قلبه، حتى أنه ألقى الألواح التي فيها الهدى والرحمة، فهل غضب لأن قومه لم يلتزموا بأحكام الشريعة الإلهية، التي يفخر أئمة السلف والخلف بموضوعاتها، التي حملتها المكتبة الإسلامية، وكتُبت فيها مئات المراجع المذهبية؟!

لقد غضب موسى، عليه السلام، من أجل «الشرك بالله »، فبعد أن رجع من ميقات ربه، وجد قومه قد عبدوا العجل:

« وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ، وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ »

ولقد وصل اشتعال غضب موسى إلى أن فعل شيئًا لو فعله أحد اليوم لقُتل على الفور، لقد ألقى الألواح، وتقاتل مع أخيه:

« وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا، قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي، أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ، وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ، وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ، قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي، فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ، وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ »

تدبروا كلام هارون، عليه السلام، ودفاعه عن نفسه، ثم تدبر قول الله تعالى بعدها: « وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ، أَخَذَ الْأَلْوَاحَ، وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ »

« وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً، وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ »

فماذا تنفع الألواح، التي حملت أحكام الشريعة، وفصلت كل شيء، مع قوم أشركوا بالله، ولا يخافونه، ولا يرهبونه؟!

إن المفكرين الإسلاميين، أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة، منهم من يعلن صراحة على منبره أنه تابع لفرقة أهل السنة والجماعة، ومنهم من يحمل مشروعه الفكري تراثهم ومروياتهم، وقد ضربت مثالا على ذلك في المنشور قبل الأخير.

إن فرقة أهل السنة والجماعة، وجميع الفرق والمذاهب العقدية الأخرى، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، ولقد حذر الله تعالى هؤلاء من الشرك، إن لم يخلعوا ثوب الفُرقة والمذهبية:

« .. وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ »

فلماذا لم يأخذ هذا التحذير الإلهي من الشرك، مكانه الذي يستحقه، في منظومة الفكر الإسلامي، خاصة وأن الله تعالى يخاطب به المسلمين، المؤمنين؟!

لقد توعد الله تعالى، وليس محمد مشتهري، الذين يجادلون في الله بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، بالعذاب السعير:

« .. وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ . وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا، أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ »

وقد قلت في المنشور المشار إليه:

« والآن: هل تعلم أن من يجادل في الشريعة الإلهية بغير علم، من أصحاب السعير؟! »
إن كلمة « والآن »، ثم الجملة التي أتت بعدها، تعني:

والآن، وبعد ما بيّناه سابقا من تعريف للمصطلحات « الأربعة »، تعالوا نفهم ماذا يحدث لو أننا أسقطنا هذه المصطلحات على واقعنا الإسلامي؟!

ثم جئت بعد ذلك بقوله تعالى:

« وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ … أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ »

إن هذه النقط « .. » تعني أن ما بين نهاية الجملة الأولى، وبداية الجملة الثانية، شيئًا، كان يجب قراءته من المصحف، وهو ما ذكرته الآية سابقا.

إن الله تعالى ليس له ذات يجادل الناس بشأنها، وإنما له آيات دالة على وحدانيته، وفاعلية أسمائه الحسنى، وهذا ما يُبينه قوله تعالى في موضع آخر:

« إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ، إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ »

وآيات الله، كما سبق أن بيّنت في أكثر من مقال، هي آيات الذكر الحكيم، المدونة في كتاب الله، ومقابلها الكوني، من آيات الآفاق والأنفس، وحسب مفهومي هذا، فأنا أرى أن الآية تحذر من التقول على الله تعالى بغير علم، « بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ »، سواء كان هذا التقول يتعلق بالآيات القرآنية أم بالمقابل الكوني لها.

لذلك فإن الذين اعترضوا على استخدامي لكلمة شريعة، وقالوا إنها « شرعة » وليست شريعة، والذين ظنوا أن محمد مشتهري هو الذي سيُدخل المجادلين في آيات الله عذاب السعير، هؤلاء هم الذين نزلوا علينا من السماء، وهم يفهمون كلمات القرآن، دون الاستعانة بأي مصدر معرفي من خارجه!!

فهل يعلم هؤلاء، أن القرآن لا يحمل بداخله مُعجما لمعاني كلماته، لا لكلمة « شِرْعَة »، ولا لفعل « شَرَعَ »، فمن أين نعلم مفهوم ومعني هذه الكلمات؟!

يقول ابن منظور في لسان العرب، مادة « شرع »:

« وَالشِّرْعَةُ وَالشَّرِيعَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: مَشْرَعَةُ الْمَاءِ، وَهِيَ مَوْرِدُ الشَّارِبَةِ الَّتِي يَشْرَعُهَا النَّاسُ فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا وَيَسْتَقُونَ، وَرُبَّمَا شَرَّعُوهَا دَوَابَّهُمْ حَتَّى تَشْرَعَهَا وَتَشْرَبَ مِنْهَا، وَالْعَرَبُ لَا تُسَمِّيهَا شَرِيعَةً حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ عِدًّا لَا انْقِطَاعَ لَهُ، وَيَكُونُ ظَاهِرًا مَعِينًا لَا يُسْقَى بِالرِّشَاءِ »

فأين نجد هذا المعنى، « مَشْرَعَةُ الْمَاءِ» لكلمة « شرعة »، أو غيرها، في كتاب الله؟!

إن قول ابن منظور: « وَالْعَرَبُ لَا تُسَمِّيهَا شَرِيعَةً حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ عِدًّا لَا انْقِطَاعَ لَهُ »، يُبين أن «الشريعة الإلهية »، التي حملها كتاب الله، لا انقطاع لها، لأن الله تعهد بحفظها.

إنني عندما تشتعل نار الغضب في قلبي، فذلك لما أراه يحدث أمامي من نجوم الفكر المستنير، والمقلدين لهم بغير علم، من تفكيك للنص القرآني، وتحريف لأحكامه، والذي لا يغضب عندما تنتهك أحكام الشريعة القرآنية، فقد قسى قلبه.

والسؤال: من الذي يحكم على الناس، بأن فلان « عالم »، وفلان «جاهل »؟!

الجواب: هم الذين يحكمون على أنفسهم، فالحكم لا يأتيهم من خارجهم إلا إذا هم استدعوه، وقالوا له « ائتنا »!!

إن التلميذ البليد، الذي يقول له المدرس أمام الطلبة، « يا جاهل »، فقد وصفه بناء على ما أظهره التلميذ لأستاذه، وليس الأستاذ هو الذي وصفه بما ليس فيه!!

إن الذين يخرجون إلى الناس، أوعلى شبكات التواصل الاجتماعي، يتحدثون عن أحكام الشريعة، ويُفتون بغير علم، هم الذين يعلنون عن أنفسهم، والله تعالى يقول:

« وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ، كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا »

والقفو: الاتباع، فهذا نص قرآني، يُحرّم الاتباع بغير علم، فيَحرُم على المسلم أن يخرج إلى الناس، ويُحدثهم في دين الله، أو يُفتي، دون أن يملك برهانًا علميًا على صحة ما يقول.

وليس شرطًا أن تكون حاملا للمؤهلات العليا، أو لما فوقها من الدرجات العلمية، كي تقدم هذا البرهان، فإنك إذا قلت للناس: لقد حرم الله لحم الخنزير في كتابه الخاتم، وأخرجت لهم الآية الدالة على ذلك، فأنت « عالم ».

والغريب أن هناك من يزنون العلم، وقيمة العالم، بـ « الكيلو »، فيضعون مؤلفات المفكر الإسلامي المستنير على الميزان، فإذا بها تزن « طنًا »، ظنا منهم أنه سيحصل بذلك على جائزة نوبل!!

إن قمية العالم في المنهجية العلمية التي أقام عليها مشروعه الفكري، فقيمته كيفًا وليست كمًا، فإذا كنت من الباحثين عن الحق، الذين يخافون الله ويرهبونه، فاستقطع من وقتك ساعة كل يوم، وتدبر ما ألفه من يقفون اليوم في مقدمة أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة، وأخبرنا على هذه الصفحة بنتيجة تدبرك.

إنك لن تجد غير الحديث عن أحكام الشريعة القرآنية، ومحاولة إلباسها لباس التقدم والتحضر والمعاصرة، ولو كان ذلك على حساب هدمها من قواعدها الإيمانية.

إن الانشغال بالبحث والتنقيب عن أحكام الشريعة، سواء كان ذلك للتحلل منها، أو للالتزام بها، لا ولن يفيد، إلا من أقام إسلامه على الإقرار بأصول الإيمان، وفي مقدمتها « الوحدانية ».

فأين الإنتاج العلمي، لأصحاب القراءات القرآنية المعاصرة، من بحوث ودراسات قرآنية، « نظرية وعملية »، الذي يحاول إنقاذ أتباع الفرق والمذاهب العقدية المختلفة، من المصيبة الكبرى التي تنتظرهم في الآخرة، إذا هم لم يخلعوا ثوب المذهبية؟!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى