نحو إسلام الرسول

(516) 9/10/2016 (تهافت مفهوم الصلاة عند د.م. شحرور)

يقول د.م. شحرور، على صفحته:

« لقد رأينا أن من الضروري توضيح معنى الصلاة، جرياً وراء التوفيق، ورفع اللبس بين قوله تعالى في سورة الماعون: «فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون» واعتبار هذا القول موجهاً للمتقاعس عن أداء الصلاة بأوقاتها، كما ترى كتب التفسير، وبين قوله تعالى في سورة المرسلات: «ويل يؤمئذ للمكذبين … كذلك نفعل بالمجرمين»

ويقول: «واللبس يتلخص في أن الله سبحانه يتوعد المؤمن المتقاعس عن الصلاة بالويل، وهو واد سحيق من وديان جهنم، ويتوعد به في ذات الوقت المجرمين المكذبين»

ثم يقول: «ومن المستحيل أن يستوي في عدل الله سبحانه المسلم المؤمن المقصر في أداء الشعائر، والمكذب المجرم الكافر بوجود الله والمنكر للبعث ولليوم الآخر، وهو الذي يقول في محكم تنزيله: «أفنجعل المسلمين كالمجرمين . مالكم كيف تحكمون»

وحسب شروط البحث العلمي، يكون د. شحرور قد حدد بذلك مشكلة البحث، ثم جاء بالحل لهذه المشكلة، فقال: «والحل في رأينا».

وقبل مناقشته في الحل، أريد أن أبيّن أولا أن د.م. شحرور أخطأ في تحديد مشكلة البحث، وهذا يُسقط الحل الذي جاء به، ومع ذلك سأناقشه في المشكلة.

أولا: على أي أساس حدد د.م. شحرور مشكلته: أن الله تعالى يساوي المسلم المؤمن المقصر في أداء الشعائر، بالمكذب المجرم الكافر بوجود الله والمنكر للبعث ولليوم الآخر؟!

أجاب: لأن الله يقول في سورة الماعون: «فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون»، ويقول: «ويل يؤمئذ للمكذبين … كذلك نفعل بالمجرمين»

والسؤال: من قال إن مفهوم «الصلاة»، في هذا السياق، يعني أداء الكيفية المعروفة بالقيام والركوع والسجود، التي يؤديها المسلمون اليوم في أوقاتها، لماذا لا يكون مفهومها الدعاء؟!

أجاب: «كما ترى كتب التفسير»!!

وهذا هو التهافت الأول:

استناده إلى مصدر معرفي تراثي، في قضية خطيرة تمس أصول الإيمان.

ثانيا: يقول: «واللبس يتلخص في أن الله سبحانه يتوعد المؤمن المتقاعس عن الصلاة بالويل، وهو واد سحيق من وديان جهنم، ويتوعد به في ذات الوقت المجرمين المكذبين»

والسؤال: من أين جاء د.م. شحرور، أن «الويل» يعني: واديًا سحيقًا من وديان جهنم، توعد الله به المجرمين المكذبين؟!

الجواب: أكيد من عند «المفسرين»، التابعين لفرقة أهل السنة والجماعة!!

وهذا هو التهافت الثاني:

قيام مشروعه الفكري، الذي يدعي «المعاصرة»، على مرجعية «الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا، كل حزب بما لديهم فرحون».

والآن نأتي إلى ما قاله د.م. شحرور عن حل المشكلة.

أولا: «قال: لقد وردت الصلاة في التنزيل الحكيم بمعنيين محددين يختلف أحدهما عن الآخر في الشكل، ويلتقي معه في المضمون، فالصلاة في الحالتين صلة بين العبد وربه أساسها الدعاء، ولكن هذه الصلة أخذت منذ إبراهيم شكلين هما:

١ـ صلة بين العبد وربه، قالبها الدعاء، لا تحتاج إلى إقامة وطقوس، يؤديها كل إنسان له بالله صلة، على طريقته الخاصة، وقد وردت في التنزيل الحكيم «الصلاة» بالألف.

٢ـ صلة بين العبد وربه، لها طقوس وحركات محددة خاصة بها، كالقيام والركوع والسجود والقراءة، وتحتاج إلى إقامة، أي على الإنسان أن يقوم ليؤديها، وقد وردت في التنزيل الحكيم «الصلوة» بالواو، وهي من شعائر الإيمان».

والسؤال: من أين جاء د.م. شحرور بهذا الذي ذكره، عن اختلاف رسم الكلمة في السياق القرآني؟!

الجواب: طبعًا من عنده، فليس هناك في السياق القرآني ما يفيد هذا الذي ذكره!!

وهذا هو التهافت الثالث:

عدم ذكره للمراجع التي استقى منها ما ذكره من معلومات، وهو الذي يدعي قيام قراءته العصرية للقرآن على أسس علمية.

ثانيا: استناده إلى آيات قرآنية، لتأييد ما ذكره عن سبب اختلاف الرسمين، وهي:

١ـ « رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِقَامِ (الصَّلَوةِ)، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ»

ثم قال بعدها: هنا «الصلوة» بالواو

٢ـ « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ، كُلٌّ قَدْ عَلِمَ (صَلَاتَهُ) وَتَسْبِيحَهُ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ»

ثم قال بعدها: هنا «الصلاة» بالألف

أقول: صحيح أنها كتبت بالواو، ولكنها تنطق «ألفًا»، لذلك نجد على هذه الواو «ألفًا» صغيرة.
ثم يذكر لنا سبب ورود «الصَّلَوة» بالواو، فيقول: «إنها جاءت بعد فعل الإقامة»، ليصل إلى أن معناها الهيئة، من قيام وركوع وسجود.

والسؤال: من أين جاء د.م. شحرور أن «الإقامة» تعني في هذا السياق، القيام والركوع والسجود؟!

هل هناك آية في كتاب الله وردت فيها هذه الكلمة «الصَّلَوة» مصحوبة بمعناه، وهو «القيام والركوع والسجود»، أي الهيئة المعروفة التي يؤديها المسلمون اليوم؟!

وهذا هو التهافت الرابع:

العشوائية الفكرية، التي لا تقوم على منهجية علمية

ثالثا: ويقول: «أما في الآية الثانية، فقد وردت الصلاة بالألف «صلاته»، والحديث فيها عن الطيور، ولما كنا نعلم أن الطيور لا تقيم «الصلوة» الطقسية المحددة بالركوع والسجود والقيام والقعود، فإننا نفهم أنها هنا بمعنى الصلة مع الله، وهي صلة تسبيح ودعاء يعلمها الطير، ولا نعلمها نحن، لولا أن أخبرنا تعالى بها وبوجودها».

أقول: إن قول د.م. شحرور، عن الآية «٤١» من سورة النور: «والحديث فيها عن الطيور»، هو أكبر دليل على هذه العشوائية الفكرية، التي تميز بها أصحاب القراءات القرآنية الشاذة، ذلك أن سياق الآية لا يتحدث عن الطيور فقط، وإنما أيضا عن «مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ »!!

إن كلمة «مَن» في قوله تعالى: «مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»، تستخدم للعاقل، وكما أن في الأرض عقلاء، ففي السماء أيضا عقلاء، ومنهم «الجن»، ومنهم مسلمون: «وإنا منا المسلمون، ومنا القاسطون».

وهذا هو التهافت الخامس:

يستنبط أحكامًا بغير علم، ويتبع منهجًا عشوائيًا في استنباطه الأحكام، ثم يدّعي القراءة القرآنية المعاصرة!!

رابعا: وكعادته، يذكر مجموعة من الآيات، يخرجها من سياقها، ويُحرّف كلماتها، بنفس الطريقة التي بيّناها سابقًا، معتمدًا على أن جمهوره أصبح يثق في كل كلمة يقولها، ولا يهتم بالتحقق من صحة ما ينشره.

إن كلمة «صَلَوة» لم تكتب في القرآن كله، إلا وفوق «الواو» ألف صغيرة، للدلالة على أن أصل هذه الواو، «ألف»، وبذلك تتساوى «صَلَوة» مع «صلاة» في القراءة والمعنى.

إننا عندما نقرأ أو نسمع الرسمين «صَلَوة، وصلاة»، نجد أن رسم الكلمة لا يؤثر على معناها الذي في ذهننا، طبعا حسب السياق الذي وردت فيه، ويبقى أن نبحث عن الحكمة في وجود هذه «الواو»، حتى ولو جاء الكشف عنها على يد الأجيال القادمة.

ولكن لماذا؟! لأن «الواو»، التي أصلها «ألف»، ليست قاصرة فقط على كلمة الصلاة، ولذلك إذا أردنا أن نضع قاعدة تبين سبب اختلاف الرسمين، علينا أن نطبق هذه القاعدة على كل الكلمات المشابهة، مثل: «الزَكَوةَ، الحَيَوةِ، الرِبَوا»، وقد حملت الواو ألفًا صغيرة!!

إن من المفسرين من ذهب إلى أن «الواو» في كلمة «صَلَوة»، كتبت في سياق الأمر الإلهي بإقام الصلاة، ويقصد بها، كما ذهب د. شحرور، الهيئة المعروفة بالقيام والركوع والسجود، ولكن الذي يُبطل هذا الرأي قول الله لرسوله:

« خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ، إِنَّ صَلَوتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ»

إن قوله تعالى: « وَصَلِّ عَلَيْهِمْ»، يستحيل أن يكون معناه: أقم «هيئة الصلاة» المعروفة عليهم، وإنما المقصود «ادعوا لهم»، بدليل قوله تعالى بعدها: «إِنَّ صَلَوتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ«، فالذين يدفعون الصدقات للنبي، عندما يسمعون دعاء النبي لهم، تسكن قلوبهم وتسعد.

النتيجة: أن كلمة «صَلَوة»، التي كتبت بالواو، وردت هنا بمعنى «الدعاء»، وليس الهيئة المعروفة من قيام وركوع وسجود، كما ذهب د. شحرور.

وعلى العكس من ذلك، فقد وردت كلمة «صلاة» التي كتبت بالألف، في سياق الحديث عن إقامة الصلاة ذات الهيئة المعروفة، والتي تؤدى في مواقيتها، فقال تعالى:

« وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ»

ودليل ذلك، أن الأمر بالمحافظة على الصلاة، وعلى مواقيتها، لم يأت إلا في سياق الحديث عن هيئة الصلاة المعروفة، من قيام وركوع وسجود، قال تعالى:

«حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ».

وأيضا في سياق الحديث عن قصر الصلاة، في حالة الحرب والخوف، «سورة النساء الآية ١٠٢»، وردت كلمة السجود: «فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ»، لبيان أن الحديث عن هيئة الصلاة المعروفة.

ثم بيّن الله تعالى، في الآية «١٠٣ من سورة النساء»، أن هذه الصلاة، التي رُسمت بالألف، يجب أن يقيمها المسلم في مواقيتها، فقال تعالى:

«فَإِذَا قَضَيْتُمُ (الصَّلَاةَ) فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا (الصَّلَاةَ) إِنَّ (الصَّلَاةَ) كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا»

والآن أذكركم بقول د.م. شحرور، في سياق حديثه عن الشكل الأول للصلاة:

«صلة بين العبد وربه، قالبها الدعاء، لا تحتاج إلى إقامة وطقوس، يؤديها كل إنسان له بالله صلة، على طريقته الخاصة، وقد وردت في التنزيل الحكيم الصلاة بالألف».

إن قضية اختلاف رسم الكلمة القرآنية، مضى على دراستها وبحثها قرونًا من الزمن، على أيدي علماء اللسان العربي، واللغة العربية، والمراجع في هذا الموضوع كثيرة، ومنها ما هو منشور على شبكة الإنترنت.

فهل استغل أحد هؤلاء العلماء مسألة اختلاف رسم الكلمة القرآنية، في توجيه المعنى لإسقاط أحكام الشريعة القرآنية، كما فعل أصحاب القراءات الشاذة للقرآن؟!

لقد جعل أصحاب القراءات الشاذة للقرآن إقامة الصلاة مجرد تلاوة لبعض آيات القرآن، عند الفجر، وعند العشاء، ثم يعيش المسلم حياته بعد ذلك حسب هواه، المهم أن يلتزم بـ «القيم الإسلامية».

فإذا ذهبنا إلى كتاب الله نبحث فيه عن هذه «القيم الإسلامية»، وعن الآيات التي جاءت ببيانها، حتى لا يُفتي كل صاحب هوى على هواه، وجدنا أنفسنا أمام منظومة من الأحكام القرآنية يستحيل أن يقوم المسلم بتفعيلها بمفره، وحسب هواه!!

لقد فرّغ أصحاب القراءات الشاذة للقرآن أحكام الشريعة القرآنية من محتواها، بدعوى أن القرآن صالح لكل عصر، حتى أصبحت المرأة المسلمة لا تستر غير السوأتين، لأن أصحاب القراءات الشاذة للقرآن لم يحرموا ذلك!!

إننا إذا نظرنا إلى معظم النتائج التي توصل إليها أصحاب هذه القراءات، وجدنا معظمها يعمل على هدم أحكام الشريعة القرآنية، باسم:

«القراءة المعاصرة»، أو «القرآني وكفى»، أو «القيم الإسلامية وكفى»..، استنادا إلى بعض آيات الذكر الحكيم، كقوله تعالى: «ولقد يسرنا القرآن للذكر»، «ما فرطنا في الكتاب من شيء»، «وكل شيء فصلناه تفصيلا».

أن الأزمة ليست أزمة أصحاب القراءات الشاذة للقرآن، إن الأزمة الحقيقية أزمة «الجهلاء» الذين يتبعون أصحاب هذه القراءات بغير علم، الذين جعلوا لهذه القراءات قيمة ومكانة لا تستحقها مطلقا.

وسأضرب مثلا واحدا لإثبات صحة وصفي لهؤلاء بـ «الجهلاء» وهو قوله تعالى في سورة فاطر:

«إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»

والسؤال: هل يصح قراءة هذه الآية برفع اسم لفظ الجلالة، فنقول: «اللهُ»، ونصب العلماء، فنقول: «العلماءَ»؟!

الجواب: إن فعلنا ذلك نكون قد أشركنا بالله تعالى، لأن هذا معناه أن الله هو الذي يخشى العلماء.

إن الذي يعصمنا من هذا الشرك هو العلم، وأكرر: العلم، ومن هذه العلوم علم «اللغة العربية»، الذي تعلمناه في المدارس الابتدائية، وعرفنا منه قواعد «النحو والصرف»، ومتى تكون الكلمة مرفوعة، ومتى تكون منصوبة.

والسؤال: لماذا أمر الله رسوله أن يُعرض عن «الجاهلين»؟!

لأن «الجاهل» أخطر بكثير من الذي لا يعلم، فالذي لا يعلم مشكلته أن يعلم، أما «الجاهل» فمشكلته أن يخلع أولا ثوب الاتباع بغير علم، ثم يتعلم، وهذا أمرًا عسيرًا على «الجهلاء».

منذ سنوات، وأنا أجد أسلوبي أصبح حادًا، ولم أكن كذلك من قبل، وأصبحت غليظ القلب، ولم أكن كذلك من قبل، ولست سعيدًا بذلك، وحاولت بشتى الطرق علاج هذه المشكلة، ولم أنجح، لماذا؟!

لأنني منذ عقود من الزمن، وأنا أعيش داخل دائرة الحوار مع «الجهلاء»، الذين يفترون على الله الكذب باسم «المصدر الثاني للتشريع»، أو باسم القراءات المعاصرة، فهم سواء.

وكنت في نفس الوقت أتزود من نور القرآن، بتدبر آياته وفق منهجية علمية، إلى أن أصبح قلبي لا يطيق ما يراه، وما يسمعه من «الجهلاء»، ويحتاج أن يسكنه الله تعالى برحمته، وهذا لم يحدث إلا مع الأنبياء:

«فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك»

لماذا؟َ لأن مهمة الأنبياء أن يبلغوا رسالات ربهم، كاملة غير منقوصة، لذلك يؤيدهم الله بنصره وبرحمته، حتى يكتمل الدين وتتم النعمة.

وأنا لست نبيًا، لذلك كان عليّ أن أواجه التحديات بنفسي، فانشغل من حولي بأسلوبي «الغليظ»، وذهبوا عني، وعن العلم الذي أحمله، انتصارًا لكرامتهم!!

إن العالم عندما يحاور عالمًا مثله، ويحتد أحدهما على الآخر، نجد أن العالم الذي ظن أنه تعرض للإهانة، يترك إهانته على جانب، ويسعد بالأدلة والبراهين العلمية التي كان يجهلها، وكان جهله بها سببا في إصابته بسهم الإهانة.

أما عندما يحاور عالم جاهلا، يعلم علمًا مغلوطًا، ويجادل بغير علم، فيحتد عليه العالم لإصراره على جهله، فإن هذا الجاهل يترك نور الأدلة والبراهين القرآنية، ويمشي وراء الدفاع عن شخصه، وعن كرامته، الأمر الذي يُبيّن لنا الحكمة من قول الله لرسوله: «وأعرض عن الجاهلين».

لقد سقطت القراءات الشاذة للقرآن، منذ عقود مضت، وقد كتبت في ذلك عدة منشورات، منها ما كان بعنون: «شحرور وأزمة الفكر الإسلامي، في ١١- ١٠ ـ ٢١٠٤، على هذه الصفحة، ومن ذلك في كتابه «الكتاب والفرقان»، الباب الثالث، الفصل الثاني، وهو يتحدث عن حجية السنة، فإذا به يستند إلى مرويات فرقة أهل السنة والجماعة، وهي:

١- «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله»

يقول: «حديث شريف أخرجه الموطأ».

٢- «ألا أني أوتيت هذا الكتاب ومثله معه»

يقول: «الكتاب والسنة»: «الرسالة»، «جامع الأصول في أحاديث الرسول»

٣- «أوتيت القرآن ومثله معه»

يقول: «القرآن والسبع المثاني»: «النبوة».

ثم يخرج علينا أنصاره «الجهلاء» ويقولون: إنه الجبهذ الأوحد، الذي هدم التراث الديني!!

فهل يعلمون أن د.م. شحرور أقام مشروعه الفكري المعاصر على مصدرين للتشريع: كتاب الله ومرويات فرقة أهل السنة والجماعة، بصرف النظر عن صحيحها وضعيفها، لأن ما يقوله هو «الصح»!!

لقد سقطت القراءات الشاذة للقرآن، ولكن لم يسقط أصحابها، لماذا؟!

لأن الله تعالى ترك هذه القراءات فتنة للناس، كما ترك لهم المصدر التشريعي الثاني فتنة، يتخذونه دينًا إلهيًا، يسفكون به الدماء بغير حق.

« أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا، وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ »

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى