معظم الناس لا يعلمون أن لقاء الله حق:
« حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً، قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا، وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ، أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ »
ومعظم الناس لا يعلمون ما يجب أن تكون عليهم حياتهم:
« حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ، كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا، وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ »
ومعظم الناس لا يعلمون أن التوبة لا تكون عند حضور الموت:
« حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ، وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ، أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا »
ومعظم « المسلمين » يعيشون حياتهم مثل معظم الناس، يجعلون آخرتهم وراء ظهورهم، يتمتعون بزينة الدنيا، ويقولون إن العمل عبادة!!
فكيف تكون أعمالهم عبادة، وقد أشركوا بالله، « بتفرقهم في الدين »، وافتروا على رسوله الكذب، فنسبوا إليه « مصدرًا تشريعيًا » ما أنزل الله به من سلطان؟!
فماذا لو آتاهم الموت بغتة، فإذا هم في يوم الحساب:
« فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ . إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ … وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ . وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ »
وليس هناك إيتاء ثالث!!
فإذا ذهبنا إلى الذين « آمنوا » بالوحدانية، وبصدق النبوة، وبالآية القرآنية الدالة على صدق النبي الخاتم، وجدناهم يعيشون حياتهم مثل معظم المسلمين، لا فاعلية لما يؤمنون به على أرض الواقع، فأين « المجتمع الإيماني » الذي يجمعهم؟!
لقد عرفوا الإسلام « كلمة » تُقال أو تُكتب، مع أن عندهم « كتاب الله » لا يعلوه كلام، وحوّلوا « الآية القرآنية » التي في أيديهم إلى كتاب إلهي فقط، كباقي الكتب السابقة فأسقطوا بذلك أصلًا من أصول الإيمان، وهو الإيمان بـ « النبوة » الخاتمة، فكيف يؤمنون بها، وهم لم يروا « الآية » الدالة على صدقها؟!
فماذا لو آتاهم الموت بغتة، فإذا هم في يوم الحساب:
« حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي، وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا، أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ »
تدبر العلاقة بين: « أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي »، و« أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ »؟!
إن عدم تفعيل الآيات، والعمل بها في حياة الناس، « تكذيب لها »، فيا من صدّقتم بـ « الآيات »، ودرستم ما فيها، وعلمتم أحكامها..، ماذا كنتم تعملون لتفعيل هذه الآيات؟!
سيقولون: « كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ »
فهل أغنياء المسلمين، الذين يملكون الطائرات والجزر في دول العالم، مستضعفون في الأرض؟!
« أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا، فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا »
إن الله تعالى سيحاسب كل مسلم على قدر إمكانياته، وعلى مدى تقصيره في العمل على إقامة دين الله الحق في الأرض، بالتعاون مع كل من يخاف من هذا السؤال في الآخرة:
« أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ »؟!
إن القاعدة التي ينطلق منها الذين يعلمون أن الإسلام « عمل »، هي خوفهم أن يكونوا من الذين قال الله فيهم:
« وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً، وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ، فَثَبَّطَهُمْ، وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ »
فماذا أعددت أنت من « عمل »، وماذا أعد أهل بيتك، وماذا أعددت لأبنائك وأحفادك؟!
إنه بسبب منهجي الفكري هذا، في التعامل مع القرآن، يقولون:
لا تسمعوا لمحمد مشتهري لأن كلامه « يصيبك باكتئاب »!!
إنهم يريدون من يضع عنهم أحكام الشريعة القرآنية، ويُنسيهم « ما يجب أن يكون »، ويعيش معهم « ما هو كائن »، ويأتي لهم بالنكت والقصص الفكاهية، فيُعلّقون على المنشورات، ومعهم صاحب الصفحة: «هههههههه»!!
لقد ورث معظم المسلمين «التفاهة»، وحب الدنيا، وهجروا الآخرة، وفهموا أن الإسلام قولٌ بلا عمل، وفكر ودراسات بلا واقع، فأصبحوا في ذيل الحضارة، شر أمة أخرجت للناس، وأصبح العمل الذين يهدد أمن العالم اليوم، هو عمل الذين يُفسدون في الأرض باسم الإسلام!!
فكيف استطاع المفسدون في الأرض أن يصلوا إلى هذه القوة المرهوبة؟!
ولماذا لا يملك أهل الحق، أهل القرآن، إلا الكلام والخطب المنبرية، والدراسات القرآنية التفسيرية واللغوية والعددية؟!
فماذا لو قامت الساعة، والمسلمون على حالهم هذا؟!
محمد السعيد مشتهري