نحو إسلام الرسول

(492) 22/7/2017 (يسألون عن صلاة الجمعة)

أولا: كل ما أجمله القرآن، ولم يأت تفصيل بكيفية أدائه، من صلاة وغيرها، فعلينا أن نعلم المصدر المعرفي الذي تعلمنا منه هذه الكيفية، وحجيته في دين الله تعالى.

ثانيا: حسب مشروعي الفكري، فإن ما يُسمى بـ «التواتر العملي» عند الفرق والمذاهب المختلفة، ليس حجة في دين الله تعالى، لأنه «تواتر مذهبي»، ما صح منه عند مذهب لم يصح عند آخر، وليس هو الذي تعلم المسلمون منه كيفية أداء الصلاة.

ثالثا: لقد تعلم المسلمون كيفية أداء الصلاة، بما في ذلك ما عُرف بينهم باسم «صلاة الجمعة»، عن طريق ما أسميه بـ «منظومة التواصل المعرفي»، وليس «التواتر العملي»، الذي فرق المسلمين، وجعل أئمة كل مذهب يُحرّمون الصلاة خلف أتباع المذاهب الأخرى، وقد بيّنت الفرق بين المنظومة والتواتر في حلقات «نحو إسلام الرسول».

رابعا: حجية «منظومة التواصل المعرفي»، تتعلق بالأصول العامة لكيفية أداء الصلاة، المجمع عليها بين المسلمين جميعا، منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا، ولا تتعلق بالفروع والخلافات الفقهية التي جاءت عن طريق «التواتر العملي»، والتي يُباح فعلها، ما لم تخالف نصًا قرآنيا.

خامسا: عرفت شعوب العالم « أيام الأسبوع » عن طريق « منظومة التواصل المعرفي » ويوم الجمعة المذكور في قوله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ »، هو اليوم المعروف للعالم أجمع، وللمسلمين، منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا.

إذن فعندما يقول الله للذين آمنوا: « فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ »، لا شك أن المخاطبين كانوا يعلمون المقصود من هذا الأمر، ولا شك أنهم ظلوا محافظين على ترك البيع عند النداء للصلاة من يوم الجمعة، إلى يومنا هذا.

ولم تنقل لنا « منظومة التواصل المعرفي »، أي خلاف بين المسلمين حول هذه الصلاة التي ترك فيها المسلمون رسول الله قائما، وأنها كانت وقت صلاة الظهر.

إن القاعدة المنطقية تقول: إن ما خالف الأصل الذي كان عليه الناس، فهناك من سيقومون بكشفه وتوثيقه، وإظهار مدى بطلانه أو شرعيته، خاصة إذا كان يتعلق بأحكام الشريعة الإليهة!!

فهل شهدت « منظومة التواصل المعرفي »، تحريفا للصلاة التي عرفها المسلمون جميعا باسم « صلاة الجمعة »، منذ عصر الرسالة وإلى يومنا هذا؟!

سادسا: يقول الله تعالى في سورة الجمعة:

« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ »

فأي صلاة من يوم الجمعة، كان على المسلمين في عصر الرسالة أن يذروا البيع عند النداء إليها، هل هي صلاة الفجر، أم الظهر، أم العصر، أم المغرب، أم العشاء؟!

يستحيل أن تكون صلاة الفجر، أو المغرب، أو العشاء، لأن بعد صلاة «الفجر»، يستعد الناس إلى الذهاب إلى السوق، ووقت «المغرب»، و«العشاء»، يكون الناس قد وصلوا بيوتهم أو في الطريق إليها!!

فإذا علمنا أن ذروة البيع والشراء كانت في أسواق العرب بين الظهر والعصر، وأكرر قولي « ذروة » البيع، كان منطقيا أن يكون الأمر الإلهي: « فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ »، يتعلق بهذه الفترة، والتي تبدأ مع وقت النداء لصلاة الظهر.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى