نحو إسلام الرسول

(489) 19/7/2016 (لست من القرآنيين)

هناك من يصرون على أني من «القرآنيين»، الذي ينكرون السُنة، ولا يُصلّون الصلوات الخمس، ولا يُصلّون «الجمعة»..، وهؤلاء أهديهم هذه الوثيقة، التي تبيّن كيف ترك محمد مشتهري منبر الدعوة الذي كان لا يملك غيره، من أجل درء فتنة مذهبية كان يعلم جيدا عواقبها!

لقد أقامت «الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة» مسجدًا كبيرًا يبعد عدة أمتار عن المسجد الذي كنت أخطب فيه الجمعة، في منطقة لا يزيد عدد سكانها وقتها عن أربعين فردا!!

وكان الهدف: محاربة فكر محمد مشتهري، الذي ظل يخطب عشر سنوات في هذا المسجد، في عدد قليل من المصلين، لم يكن في المنطقة غيرهم!!

إدارة الأزمة: لقد دعوت المصلين إلى الصلاة في المسجد الجديد، وغلق المسجد الذي كنا نصلي فيه، لسد باب فتنة كبرى، كنت أعلم جيدا أن الذين وراء بناء هذا المسجد يريدون فتح بابها على مصراعيه.

إنني كلما شاهدت هذا الفيديو، وتذكرت مسرح الأحداث، شعرت بضيق شديد في صدري:

معقول بتمكن مرض «البغي» و«التخاصم» المذهبي من قلوب المسلمين، بجميع توجهاتهم الفكرية، إلى هذه الدرجة التي تجعلهم مازالوا على تفرقهم وتخاصمهم، وكل من عرف كلمتين في الدين يفتح له حساب على الفيس بوك، ويُفتي في الدين؟!

إن هناك من الأصدقاء المقربين، عاشوا مشروعي الفكري وتشربته قلوبهم، وعندما أصيبت قلوبهم بمرض البغي والتخاصم، من أجل مسائل دنيوية، انفضوا من حولي، وذهبوا ولم يعودوا، لأن «الإيمان» الحقيقي لم يكن قد دخل أصلا قلوبهم، لذلك استطاعت الدنيا وشهواتها أن تتمكن منها.

إنني كلما شاهدت هذا الفيديو، ازددت يقينا بأن ما حدث من سفك للدماء في الفتن الكبرى، بين صحابة رسول الله، عمدا مع سبق الإصرار والترصد، ثم من حرق لمساجد الفرق والمذاهب المختلفة، على مر العصور، كان بسبب أزمة البغي والتخاصم والتكفير، هذه الأزمة التي لو تمكنت من قلب إنسان تمكن منه الشيطان، وأغواه إغواءًا كبيرًا!

ملاحظة: يُفضل سماع الخطبة مع متابعة النص المكتوب، وذلك لعدم جودة الصوت، والفقرة التي تبدأ بكلمة «مونتاج» مقطوعة من الفيديو لأسباب فنية تتعلق بضرورة أن تكون مدته دقائق ليسهل رفعه.

—————————-

مقتطفات من نص الجمعة الأخيرة بمسجد المشتهري

الحمد لله حمد الشاكرين المقرين بنعمه وفضله، وأشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إمام العابدين المتقين، اصطفاه ربه فكان خلقه القرآن، وأرسله للناس فكان رحمة للعالمين، فسلام عليه وعلى رسل الله أجمعين.

أما بعد

فقد فوجئت بعد عودتي من سفري بأن هذا المسجد المجاور يُؤذّن فيه للصلوات الخمس، وهو مازال على الطوب الأحمر، ولم يتم الانتهاء من أعمال العمارة والتشطيب فيه.

مونتاج: ( ثم فوجئت يوم الجمعة الماضية، والتي هي أول جمعة أخطب فيها بعد عودتي من السفر، بصوت خطيب يخطب في هذا المسجد، وأنتم تعلمون ذلك … وأيضا علمت أن هذه هي أول خطبة في هذا المسجد جاءت في توقيت ما بعد عودتي من السفر، ففهمت السبب وراء انخفاض عدد المصلين في هذا المكان الذي اعتدت أن أراهم [ فيه ] منذ عشر سنوات، منذ أن توليت خطبة الجمعة هنا بعد وفاة والدي الشيخ عبد اللطيف مشتهري، وكان موضوع الخطبة كما تعلمون حول دروس التربية في القرآن الكريم، بداية من سورة الفاتحة وانتهينا في الأسبوع الماضي من سورة العنكبوت. أي أننا خلال هذه الفترة الزمنية، والتي تُعد بعشر سنوات تقريبا تكلمنا عن عشرين جزءاً من كتاب الله عز وجل ) انتهى

والحقيقة أنني بذلت جهداً منذ أن علمت أن هناك مسجد سيقام في هذا المكان الذي لا يبعد إلا عدة أمتار عن هذا المسجد الذي نصلي فيه منذ عشر سنوات.

مونتاج: ( وتقابلت مع أصحاب المكان، وتحدثت معهم أن هذا العمل سيضر ولن ينفع، لأن ما الحكمة من إقامة مسجد يبعد عن مسجد عدة أمتار؟!!! والكثافة السكانية هنا قليلة جداً، الجمعة لا تتجاوز صفاً أو صفين، حتى لو كانت الكثافة السكانية ستكون في يوم من الأيام كبيرة جداً فليكن المسجد على بعد كيلو على الأقل. ولكنهم تقريبا …، يعني كان هناك هدف آخر، وأبلغت الإدارة أنه لابد أن يكون هناك تنسيق بين مواقع إقامة المساجد حتى لا تقام عشوائياً ولكن يبدو أن الموضوع لم يُؤخذ مأخذ الجد حتى فوجئنا بهذا الأمر ). انتهى

لذلك انتبهوا جيداً لما سأقوله لكم: إن الحديث عن وحدة الأمة الإسلامية، وعن وحدة المسلمين، والتحذير من تفرق المسلمين وتخاصمهم، أصبح اليوم، بخلاف أي يوم مضى، فريضة على كل مسلم.

مونتاج: ( أن يعمل على وحدة المسلمين. الأمة التي تعبد إلهاً واحداً، وتؤمن برسول واحد، يجب أن تعمل أيضاً على إزالة ا لخلافات والتخاصم بين المسلمين، فالله تعالى القائل في سورة الأنبياء:

« إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ»

والقائل في سورة المؤمنون:

« وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ»

والشريعة الإسلامية في مجملها تعمل على غرس مفهوم الوحدة بين المسلمين في بقاع الأرض خمس مرات يومياً إلى قبلة واحدة ، ويصومون فترة زمنية واحدة، هي شهر رمضان من كل عام، والمستطيعون منهم يحجون ويفعلون مناسك حج واحدة، زماناً ومكاناً، طريقة وشكلاً، في أعظم وأروع تعبير عن وحدة الأمة في مناسك الحج، دون اعتبار لوطن ولا قومية ولا لون ولا لغة ولا مركز اجتماعي ولا مادي. ماذا يعني هذا كله؟ يعني أننا يجب أن نعمل على وحدة المؤمنين وإن لم يفهم هذا بعض الناس. علينا نحن أن نفهم ولا نزيد الاختلاف. من أجل ذلك، ومن منطلق العمل على وحدة الصف ونبذ الخلاف ) انتهى

أدعوكم جميعاً اعتباراً من اليوم، بل من الآن إلى الصلاة في هذا المسجد، خلف هذا الإمام المعين، وأنا سأكون في مقدمتكم.

مونتاج: (ولكن لماذا خطبت فيكم قبل أن نفعل ذلك؟ حتى لا يأتي إنسان ويجد المسجد مغلقاً يوم الجمعة، فيظن ظان أن هناك جهة رسمية أو أمنية منعت الصلاة في هذا المسجد، أو يظن ظان وتبدأ الألسنة تتحدث عن أي شيء!! ليست هناك جهة أمنية أو جهة رسمية منعت الصلاة في هذا المسجد، ولا منعتني من الخطابة في هذا المسجد، بدليل أني خطبت بعد سفري الأسبوع الماضي واستكملنا سورة العنكبوت، وأخطب فيكم الآن. ولكن الأمر أكبر من هذا، أنتم لا تعلمون مدى خطورة هذا الموضوع في المستقبل: مسألة التخاصم، هناك مسجدان بينهم وبين بعض عدة أمتار، هؤلاء أتباع المسجد الفلاني، وهؤلاء أتباع المسجد الفلاني، هذا خطأ، فلنعمل جميعاً على أن نتجاوز ونفوت الفرصة على الشيطان: إبليس اللعين، من أن يفرقنا حتى وإن صلينا وراء الإمام الموجود هناك. فأنا أدعوكم الآن، لذلك لم أطلب من المؤذن أن يؤذن هنا، وكأننا نسمع الأذان الذي سمعناه جميعاً، وحالياً نحن نسمع الخطيب يخطب، فلنذهب جميعاً ونصلي خلف الإمام، وليكن هذا هو القرار اعتباراً من اليوم، فلنذهب إلى هذا المسجد، ونصلي فيه. وأسأل الله لكم ولي المغفرة وحسن المآب) انتهى

…. اتفضلوا … …

—————————————

تعليق كتبته وقتها، في «٨ /٧ /٢٠٠٥» عند رفع الفيديو والنص الخاص بالخطبة على موقعي، الذي كان اسمه وقتها «فقه القرآن»، ثم أصبح «نحو إسلام الرسول»، فقلت:

وخرجنا جميعاً، مع اعتراض بعض المصلين على قراري هذا، وذهبنا وصلينا الجمعة في هذا المسجد، خلف الإمام الموجود، وشريط الفيديو يبين حال هذا المسجد، وكم كان عدد المصلين!!

لقد كان لهذا القرار أثره الكبير على نفسي، فقد تركت منبر الدعوة الذي لا أملك غيره لأبين للناس من خلاله عطاء القرآن وفاعليته في عصرنا، وذلك بعد ربع قرن من الزمان، بذلت خلالها قصارى جهدي مع بعض علماء الفرق والمذاهب المختلفة للعمل على إذابة أزمة التخاصم والتفرق بين المسلمين.

ولكن مع الأسف الشديد بدل أن يشاركوني توجهي الفكري اعتلوا المنابر ونالوا من إسلامي وإيماني، وكأنهم لا يعيشون في عالمنا اليوم، ولا يعرفون شيئاً عما يُبث عبر القنوات المحلية والفضائية من برامج دينية متصارعة، ومن فتاوى متضاربة متخاصمة، لا تعمل فقط على إثارة البلبلة والفتن بين المسلمين، وإنما تعمل على إصابة كل من يداوم على سماعها بانفصام في شخصيته، بل وتعطي أعداء الإسلام الأسلحة المناسبة لتشويه صورته.

والأمر الغريب حقاً، والذي إن دل على شيء فإنما يدل على تمكن مرض التخاصم والاستمتاع بسفك الدماء بغير حق من قلوب أنصار الفُرقة والمذهبية، هو رفع سلاح «إنكار السنة» في وجه كل من تسول له نفسه العمل على إذابة أسباب التفرق والتخاصم بين المسلمين وعلمائهم!

محمد السعيد مشتهري

https://www.facebook.com/mohamed.moshtohry.1/videos/1073802702701611/

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى